1/1/2008 = لا يهم

مثل كل الأطفال في العالم ، مثل ضحكاتهم ، ألعابهم ، أصواتهم المتعالية ، هم تماماً .... في هذه الطرق يجوبونها بأحمالهم المتثاقلة كلما خطوا خطوة فيها ، كلما ضحكوا ضحكة فيها ، كلما وجدوا كسرة خبز إلتهم العفن أطرافها ، كلما وجدوا قطعة بلاستيك أو علبة مياه غازية فارغة أكلها الصدء يضحكون قليلاً حتى يتصاعد الشجار بينهم على ما وجدوه ، ليبدأ العراك بينهم على أشياء ليست لهم .. ألعاب .. أيام ليست لهم .

في هذه الطرق ، تمتد عروق أخاديد سكنها الوحل ، تقود الناس إلى مكان خارج هذه الطريق ، عندها ستكتشف وحدك لما أصحاب الطرق النظيفة والحياة المرغدة يحتاجون لخارطة الطريق .
هنا أنت لست بحاجة للسؤال عن الطريق المؤدية إلى أي مكان في هذه المدينة ، سوف تتبع شبكة الوحل الممتدة بكل الفوضى في هذا العالم وهي بدورها ستوصلك إلى الطريق الرئيسية .

هنا في هذه الطريق المنتفخة بكثير من الناس وكثير من العفن ، لن تشعر بشيء ، سوى أنك مجرد رقم تحت خط ... تحت جرة قلم يسمونه الاقتصاديون في مركز المدينة بأنه خــط الفــقر ، وتحت هذا الخط لن يختلف الأمر كثيراً فيما لو ازداد رقم السنوات رقماً آخر .. فالأرقام بعد وجودك ضمنها كلها متشابهة ، كما كل شيء هنا ، والإختلاف لن تجده سوى في الأخبار التي تصحوا كل يوم على سماعها ، وألوان أكياس القمامة المترامية في كل خطوة من هذا الطريق .

هنا في هذا الرقم الصغير من العالم سوف تفهم كيف أن التاريخ لا يتغير بفعل الجبرية الرياضية وحدها ولا بتلك المتوالية الحسابية التي تجثم فوق جثث الأيام ، ولن تدهش لو كان عام 2007 يأتي قبل 2008 أو العكس . وحتى لو علمت بأن التاريخ توقف في هذا الطريق منذ 1917 .

تحت هذا الخط تستطيع أن تعرف كل ما يحدث هنا في هذا الطريق ، وقد تتسأل عما يدور هناك – فوق الخط – ولا تدري فيما إذا كان سكان ما فوق الخط من الاقتصاديون العباقرة وحكوماتهم يعلمون أو لا ، بأن هذه الطريق تحوي بضائع ليست متوفرة في طرقهم التي بنوها فوق هذا الخط .
أنت هنا لن تكون مضطراً للبحث عن أي شيء تريده ، فما تحت الخط كل شيء متوفر أمامك ، الأفيون والحشيش هنا كالأخاديد الموحلة تماماً تمتد تأكل الطريق من أولها إلى آخرها ، تشم رائحتها مع مطر الشتاء ، مع ضحكة الأطفال ، مع العفن والنتن التي تملأ صدر هذا الجزء من العالم ، هنا كل أنواع الخمور متوفرة ولكن أياك أن تنظر إلى ما ركة القنينة الزجاجية ، فالقنينة هي تلك اللعبة التي تشاجر عليها هؤلاء الأطفال كل يوم عند كل حاوية ، والماركة الفخمة المذهّبة بأطرافها موجودة فقط فوق ذاك الخط ... خط الفقر ... خط ما تحت أي ظرف يمكن أن يعيش فيه البشر .