بسم الله الرحمن الرحيم
السنة المشرفة وحي مثل القرآن العظيم تماماً، وهي متواترة مثل القرآن تماماً كذلك فكما تواتر لدى كل مسلم أن هناك قرآن فكذلك فإن كل مسلم يعلم أن هناك سنة.
وقد تواترت كثير من السنن عرفياً لدى المسلمين كما تواترت عملياً وتواترت خبرياً، وليس كما يظن البعض أو كما يزعم البعض الآخر من أن السنة جاءت على شكل أخبار فقط! فهذا الظن خطأ شديد يدل على عدم العلم بمعنى السنة المشرفة!
ولقد أكد القرآن العظيم وجود السنة المشرفة وأكد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتلقى وحياً غير القرآن وأنه صلى الله عليه وسلم كان يتلقى أخباراً وأحكاماً وشرائع في غير القرآن.
فقد قال الله تعالى: (وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه...) وهذا دليل واضح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتبع قبلة سابقة قبل القبلة التي أمر في القرآن باتباعها وهي الكعبة المشرفة.
وقال تعالى: (ياأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلا من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون)، وهذا دليل آخر على أ الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي يوم الجمعة وكذلك المسلمون ولكن قد يكون هناك تأخر في الذهاب إلىهذه الصلاة بعد الأذان فأنزل الله تعالى هذا التأكيد على أهمية السعي إلى الصلاة بمجرد ساع النداء.
وهناك دليل واضح على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتلقى وحياً غير القرآن وبصور مختلفة ومن ذلك قول الله تعالى: (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحاً قريبا)، وهذا دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتلقى وحياً غير القرآن...
وهناك أدلة كثيرة على وجود السنة المشرفة.
ثم إن الواقع العملي المتواتر لدى المسلمين يؤكد وجود السنة فالمسلمون لديهم أعراف وسنن عملية كثيرة تدل على وجود السنة، فكل المسلمين لا يزالون متعارفين على حرمة الرشوة مثلاً ولا يختلف في ذلك مسلمان، وهذه سنة لم ترد في القرآن، وكذلك تجد لدى المسلمين سناً عملية ولفظية كثيرة متوارثة حتى اليوم منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم وهي أرقى وأكثر السنن المتبعة موثوقية مثل ألفاظ التحية(السلام عليكم ورحمة الله وبركاته)، ومثل لفظ التلبية (لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحد والنعمة لك والملك لا شريك لك)، ومثل البسملة عند الطعام والحمدلة عند الانتهاء منه ومثل الاحتفاء بالعيدين...الخ هذه السنن العرفية والعملية التي هي أرقى وأوثق (السنن المتبعة) أو (التقاليد) إن صح هذا اللفظ.
هذا عدا عن الأخبار المتواترة الكثيرة التي رواها رواة كثيرون عن النبي صلى الله عليه وسلم والتي لا يمكن أن نتهم رواتها جميعاً بالكذب، مع تواتر كثير منها عند متتبعي الأخبار والمهتمين بها وهم الذين عرفوا بأهل الحديث، كما أنهم وضعوا قواعد منهجية يقاس بها الخبر الصحيح من غيره. وللحديث بقية إن شاء الله.