ميليس يسخر من براميتز : ماذا فعل من بعدي؟


--------------------------------------------------------------------------------





في حديث يصرّ على أنه قد يكون الأخير عن مهمته في لبنان، انتقد القاضي الألماني ديتليف ميليس عمل خليفته على رأس لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، القاضي البلجيكي...
... سيرج براميرتز الذي خلفه لمتابعة المهمة منذ بداية السنة الحالية القاضي الكندي دانيال بلمار. وقال : :"لم أقرأ كلمة واحدة في التقارير التي أصدرها براميرتز (طوال سنتين) تُثبت لي أنه أحرز أي تقدم" يضيف جديداً مهما إلى الخلاصات التي انتهى إليها هو خلال ستة أشهر. واستغرب بقاء مشتبه فيهم ، وصفهم براميرتز بأنهم "أشخاص معنيون بالجريمة" أحرارا لسنوات مما يسمح لهم بأن يعيثوا فسادا في الأدلة حديث ميليس النادر كان في برلين حيث يشغل أرفع منصب في مكتب الإدعاء العام للصحافي مايكل يونغ، وسجله محرر صفحة الرأي في صحيفة "دايلي ستار" الصادرة بالإنكليزية في بيروت ومراسل صحيفة "ذو وول ستريت جورنال" التي نشرت المقابلة أمس .

ووجّه القاضي الألماني نصيحة غالية الى خلفه بلمار بإطلاع الرأي العام اللبناني على تطورات التحقيقات في اغتيال الرئيس الحريري ، "لأن إبقاءه بعيداً عنها يُفقد القضية زخمها والمواطنين ثقتهم بأجهزة العدالة" .وحض في المقابل أهالي ضحايا التفجيرات والإغتيالات الإرهابية في لبنان على الإضطلاع بدور أكبر، من أجل منع أي كان من المس بقضيتهم". وحذر في الوقت نفسه احتمال أن تفقد قضية اغتيال الرئيس الحريري حيويتها، مبدياً في الوقت نفسه خشيته "أن الحقيقة قد لا تظهر، فقوة الإندفاع التي كانت تتمتع بها هذه القضية بدأت تنتهي منذ بداية كانون الثاني/ يناير "2006، وهو تاريخ تسلم براميرتز رئاسة لجنة التحقيق.

وقال ميليس:"عندما تركت الملف كنا جاهزين لتسمية مشتبه فيهم ،ولكن يبدو أن الامور لم تتخط هذا المستوى (...)" وأسف لأن "عندما يكون لديك مشتبه فيهم ،لا تسمح لهم أن يتنقلوا بحرية مدى سنوات كي يتمكنوا من طمس الدليل." وأبدى استغرابه لمعاودة خلفه براميرتز تحليل مسرح الجريمة عندما وصل الى لبنان، فهذا لا يؤشر الى عدم ثقة بالمنهجية العليمة التي كانت متبعة ولكنه يهدر وقتا ثمينا".

وأضاف ساخراً :"أبلغتنا لجنة التحقيق ( في عهد براميرتز) أن الحريري اغتيل لأسباب سياسية. وأن هناك مستويات عدة من المتآمرين. هل كنا بحاجة الى سنتين من التحقيق الكثيف حتى نكتشف ذلك؟"
وكتبت "ذو وول ستريت جورنال": "يضحك من هذه النتيجة الرجل الذي سبق أن جزم في غضون ستة أشهر بما انتهى اليه براميرتز في سنتين" .
وعلق ميليس على "الأسلوب الصامت "الذي اتبعه براميرتز بالقول:" مفهوم سرية التحقيقات بالنسبة إلي كمدع عام ألماني هو نذير شؤم . فالجمهور اللبناني يجب أن يكون واثقا بالتحقيق ، حتى لو تأخر في إظهار النتائج. في نظام ديموقراطي، يملك الشعب حق الإطلاع، خصوصا متى اغتيل رئيس حكومة وحيث لا يثق الشعب بالسلطة . كانت مناسبة لإعادة بناء الصدقية والثقة بالنظام القضائي".

وأضاف :" كي تحظى بدعم الجمهور، وتشجع الشهود على التقدم بمعلوماتهم ، وتدفع الحكومات الى إرسال محققين متخصصين،عليك أن تُعطيهم فكرة عمّن تكون."
ولما قيل له إن سوريين إثنين من شهوده لم يظهر أنهما يتمتعان بصدقية ،الاول (هسام هسام) عقد مؤتمرا صحافيا في دمشق قال فيه إن شهادته كانت كاذبة ، والثاني (محمد زهير الصديق) أدلى بمعلومات متناقضة، أجاب ميليس: "في جرائم مماثلة لا تستطيع أن تختار من تتعامل معهم . ماذا تتوقع : ملائكة بيضاء ؟ إن هذين الشخصين قدما لنا معلومات كثيرة استطعنا في بعض الأحيان أن نقاطعها مع معلومات وردتنا من مصادر أخرى. وفي النتيجة، المحكمة هي التي تتولى تقويم صدقيتهما وتسأل عن السبب الذي دفعهما الى الموافقة على توقيع إفادتيهما ."

أضاف :"قد يكون محتملا أن شهودا تقدموا إلى لجنة التحقيق من أجل نسف صدقية التحقيق، لكن هذا يساعدنا في كشف الجهة التي تريد نسف هذا التحقيق."
وقال يونغ لميليس إن ما من دولة في مجلس الأمن لا ترغب في تغيير النظام السوري مما يزيد التخوف من عدم توصل التحقيق الى النتائج المرجوة ، فأجاب: "أنا مدع عام، ولا أستطيع بهذه الصفة ملاحقة دول أو حكومات، بل ألاحق أفرادا.عندما ترأست اللجنة كانت هناك إرادة للوصول الى الحقيقة كاملة، وهذا ما ظهر في كل قرارات مجلس الأمن ذات الصلة . لماذا لم يعد الوضع كذلك الآن أيضا؟ لقد كانت روسيا أكثر دولة عضو في مجلس الأمنساعدت في هذا المجال، إذ ضغطت على القيادة السورية كي تخضع للقرارات الدولية . فحتى مع الدول التي لها مصالح مختلفة يمكنك التوصل الى تفاهم."

ورداً على سؤال آخر، قال:" تقليديا هناك تجاذبات بين السياسة والقضاء، وقد تفهمت ان ( الأمين العام السابق للأمم المتحدة) كوفي أنان لم يكن يريد مزيدا من المشاكل مع سورية بسبب قضية الرئيس الحريري، ومع ذلك كان يدعم عملي باستمرار، والأمم المتحدة لم تتدخل في جهودي ولم تؤثر عليّ، خصوصاً أنني لم أكن أسعى الى أي منصب في المنظمة الدولية. وحتى لو حاولت الأمم المتحدة التدخل، كان هناك محققون من 17 دولة يفكرون بطريقة مختلفة ولا يسمحون بحصول ذلك."
وتوقع المدعي العام الإلماني أن يكتمل الصيف المقبل تشكيل المحكمة الدولية لقضية الحريري والتي سيكون مقرها في لاهاي، لكنه استبعد بدء المحاكمات قبل سنتين أو ثلاث "إلا إذا عاد الزخم الى قضية الحريري" .وأبدى خشيته في حال تأخر المحاكمة أن يتحوّل المشتبه فيهم ضحايا فقدان الصلاحية القضائية، وذلك في ضوء إعلان السلطات اللبنانية أن مرجعيتهم هي المحكمة الدولية وإعلان الأمم المتحدة أنهم يجب أن يبقوا في تصرف السلطات اللبنانية" .

وجزم رداً على سؤال:"حتما ،أحد لا يمكنه إلغاء المحكمة الدولية التي أنشأها مجلس الأمن بموجب الفصل السابع، لكنني لست مرتاحا الى موضوع الوقت، في حين أنني واثق بأن القضية يمكن أن تُحل، وسوف تُحل".
ووجه ميليس نصيحة الى رئيس لجنة التحقيق الحالي بلمار:"القضية يجب أن تبقى في ضمائر الرأي العام . إن قضية تفجير مقهى "لا بيل" في برلين ترنحت مدى سنوات بين نجاحات صغيرة وبين الإخفاق، لكنها بقيت حيّة، وحرصت خلال ملاحقة المرتكبين على مواكبة وسائل الإعلام لتطور التحقيق، وفي ، مستوى أهالي الضحايا، أنشئت مجموعات ضغط . وأنا أشعر أن عائلات الضحايا في الملف اللبناني تستطيع الإضطلاع بالتأكيد بدور أفعل وأهم بكثير. عائلات الضحايا نادرا ما يكون لها صوت في العالم العربي ، وهذه قد تكون مناسبة لتغيير الوضع".



--------------------------------------------------------------------------------


إيلي