تحياتي عزيزي الغالي اوارفي (f)

اتفق مع كثير مما ذكرته في مداخلتك، بيد أن لي رأي في جزئية :

Arrayطبعا ، لدينا هنا مغالطة كبيرة ناتجة عن تسرع في تحليل مصادر القوة الامريكية ، و مداها ! فامريكا لم تكتسب قوتها من العرب او من غيرهم من شعوب الارض ! امريكا هي امريكا ، وهي ليست صنيعة أي دولة من الدول . امريكا التي تعملقت باقتصادها لدرجة ان رفضت امها (انكلترة ) ، هي امريكا التي تنعم بطاقات تعادل عشرات اضعاف طاقة اية دولة تليها من دول العالم المتقدم . هذه الامريكا لا تابه للعرب او للروس حتى ، و لا تعتمد عليهم في تبرير قوتها ، او تقرير توجهاتها السياسية و المصلحية على حد سواء . فامريكا هي ظاهرة مستقلة بحد ذاتها . و ليس من الحكمة بشيء ان نجلد انفسنا بالقول اننا من سمح لامريكا بان تفعل فينا كذا و كذا . فما تفعله امريكا هو نتاج لقوتها و قدراتها و طموحاتها ، وليس على الضعيف حرج ان تهاوى امام القوة العظمى . انها سنة الكون و فيزياء العالم ، القوي يتغلب على الضعيف ![/quote]

أحد أهم القوانين الاجتماعية هو : الاستقواء بضعف الآخر ! .. بمعنى : يمكنني أن اصبح قويا لأنك ببساطة ضعيف !! لا تريد أن تقاومني ، وليس لأني قوي بجبلتي .. وقديما قالوا: لولا الوادي لما كان للجبل معنى ! ..

أمريكا قوية لأنها تملك ارادة القوة ! .. ولأن الجميع يخاف منها ولا يمتلك ارادة القوة .. واسارع هنا الى التأكيد بأن هذا الفهم لا يلغي على الاطلاق العوامل الاقتصادية والعسكرية والسياسية والبشرية التي تساهم في صنع القوة الامركية .. كل هذا صحيح ، ولكني انما اتحدث عن عامل اجتماعي هام ما ينبغي تجاهله في تفاعل القوى السياسية وهو : ارادة القوة ! ..

ترى .. هل الدول العربية فقيرة في مواردها الاقتصادية او البشرية او السياسية بما يجعلها دون امريكا بمراتب ؟ ..

هل حقا نملك الارادة الحقيقية في ان نصبح أقوياء !؟ .. بل .. هل نملك حقا الرغبة الحقيقية في المقاومة كأضعف الايمان ؟ ..

الملاحظ أن غالبية التيارات والاصوات المنادية - صباح مساء - بالمقاومة والتصدي للمشروع الامريكي، وتخوين (المنبطحين والعملاء والخونة من اذناب الغرب ولاعقي أحذية امريكا ممن باعوا ضمائرهم بحنفة من الدولارات !!! ) كما يحلو للخطاب التعبوي العربي أن يقول .. الملاحظ ان هاتيك التيارات تعجز عن تعبئة الشارع العربي للقيام بفعل حقيقي مستمر في جانب بسيط في مقاومة المشروع الامريكي وهو : مقاطعة البضائع الامريكية ! .. فحديث المقاطعة يأتي كتقليد مرافق لأي احتجاج عاطفي ضد حدث سياسي امريكي .. تستمر صلاحيته شهر أو بعض الشهر .. ثم .. تعود حليمة العربية لعادتها القديمة !! .. وتعود البضائع الامريكية لتسرح وتمرح في الشارع العربي المقاوم ! ..

ربما علينا ان نحسن قراءة الواقع .. بأدوات فكرية واقعية .. بعيدا عن الكلشيهات الجاهزة .. وعقد التخوين ..

مع التحية ..

شهاب الدمشقي .