اتفق معك شهاب

وازيد على ما ذكرت أمرا مهما: أن هؤلاء الذي يلعنون امريكا ليل نهار، هم أبناء من كانوا يلعنون الانجليز والفرنسيين. وهذا يوضح ما تريد أن تقوله أيما إيضاح: أن الاشكالية ليست في هوية "المهيمن"، بل إنها في بنية وتاريخ وتراث ودين وثقافة وسلوك واخلاق واقتصاد وحياة موضوع الهيمنة، التي هي تخلف يعيد إنتاج نفسه بشكل مستمر.

أمر آخر أحب الاشارة إليه، وهو أن أمريكا تشكل نوعا جديدا من الهيمنة الامبراطورية، إذ أنها تمتص ثروات الشعوب لكن دون أن تتركهم للعراء، بل تستفيد منهم كسوق استهلاكية، مما يعني بعضا من الرفاهية المزيفة التي لا تنالها الشعوب في ظل حكوماتها ولا ظل الامبراطوريات السابقة.

الغريب أن هناك قواسم مشتركة تجمع "لاعني امريكا" هؤلاء، اهمها انهم ينظرون لامريكا كشر محض، وبالتالي أي عدو لها هو بالضرورة ملاك. ومن هذا المنطلق يصبح صدام حسين وبن لادن ملائكة الرحمة. وهم دوما مسكونين باشكالية "العدو القريب (الحكومات المستبدة) - العدو البعيد(القوى الامبراطورية)" ... وهي اشكالية لا تفضي إلى شيء، فقط تستفرغ مخزون الشتائم واللعن والحنق الذي تختزنه. وهؤلاء اللاعنين، هم من أكبر عقبات التغيير، اذ أن اي حركة نقدية لكل ما يمس هويتهم، سواء كانت اسلامية او قومية، يعتبر عمالة، واي محاولة لقراءة الواقع بواقعية غير استسلامية، هو تطبيع... فهم لا عمل لديهم سوى شتم الغرب والحكومات، واتهام الاخرين بالعمالة والكفر.

وهم أنفسهم لو تسلموا دفة الحكم يوما، لرأيناهم يكررون ما نشاهده اليوم من استبداد وتخلف، وذلك لأن لا مشروع حقيقي لديهم، بل ان بعضهم اثناء تسلمه لسلطات صغيرة في اسرته في مساحات فضائية صغيرة لا تذكر، تجده يمارس أبشع مما تمارسه الحكومات.