سورية الجميلة...رسائل الحب الستيني (12)



شؤون ثقا فية
الثلاثاء 1/1/2008
أسعد عبود

إلى عصام الزعيم..

وأخيراً.. شكر على تعزية.. انتهى كل شيء بشكل طبيعي, هو الموت ..‏

ليس لأحد أن يجهله.. ينهي رحلة العمر والعقل ويتساوى أمامه الجميع لكنها ليست المساواة التي طالما حلمت بها وعملت لأجلها.‏

اعتدت أن أتلقى منك في الأعياد وبينها رأس السنة.. كما اعتدت أن أرسل لك.. تواصل بيننا دام طويلاً وهوعلى محدودية شكله, تضمن الكثير من الحب والاحترام والثقة. وكثيراً ما ترافقنا إلى مواقع شتى, وشهدت دائماً على عقلك وفكرك يشرح ويطيل الشرح لكل من يسأل.. فقد احترمت دائماً المتلقي منك, كبر أم صغر شأنه لأنك محترم وصاحب ثقة بالنفس أنت أهل لها..‏

ورغم أنك خضت في الاقتصاد ,و رغم ضلوعك فيه فقد عرفت دائماً طريقاً إلى الأذهان لا يواجه مللاً.. لأنك الانسان المحب.. والشاعر المتخفي.. وعاشق وطنه بلا حدود.‏

مضى يا دكتور عصام قطارالعمر.. لكن -صدقني- أن ما خلفته في قلوب الناس وضمائرها, شكل محطات مضيئة تحمل عمرك كله على بساط من ورد.. هل كان غريباً أنك مت بعد ساعات من ذهول الذين سمعوا محاضرتك عن تنمية المنطقة الشرقية, ذهول من أنك تعرف كل تفاصيل ذاك الجزء من الوطن..!!‏

لم تشغلك عن أي جزء من الوطن عواصم العالم وجامعاته ومنابره ووظائفه وفرصه للمال والأعمال والزهو.. وعندما وصلك النداء لبّيت.. وقد صدقت بالقول والفعل فكنت نهراً من علم يجري ببساطة وهدوء.. وبصراحة هناك من خاف من علمك من صدقك ومن فعلك..و يوم انتقدوك أنك تكثر من الشرح كانوا يخادعون.. لأنهم أحبوك يوم اعتقدوا أن شأنك شرح وفقط.. نظري..?! لكن.. عندما اكتشفوا أنك قادر أن تفعل.. بل فعلك قادر أن يظهر عجزهم وتخلفهم.. لم يعودوا يحبون شرحك القابل للتحول الى عمل.. فكان الموقف.‏

والموقف لم يقف عند حدود النقد.. بل.. وأمام تنامي آثارك وجهودك.. فكروا بصلبك.. فنشروا حكاية كذب جاهلة, ليس كي يصلبوك وحسب بل كي يصلبوا معك اتجاهاً أنت تمثله.. هواتجاه العلم والمعرفة والمقدرة على توظيف ذلك في الفعل الإداري وتجسيده حقائق ملموسة..‏

ورغم التباسات حصلت لزمن محدود ارتد سلاحهم عليهم.. فغابوا ولم يبق إلا صيتهم السيىء.. وعدت وانتشر صيتك العطر..‏

اليوم أيها الصديق الغالي ينتهي العام الذي شهد نهاية عمرك.. ويبدأ عام لست فيه.. واخترتها بطاقة معايدة في نهاية العام.. واخترت لها الموقع الذي أرسل منه رسائل الحب الستيني..‏

إنها صور متراكمة في الذهن خشيت عليها من الشيخوخة والخرف والنسيان فبدأت أسجلها.. وكانت أحلى صور الذاكرة يوم اتصلت بي وأثنيت على الفكرة.. لكن.. هل دار في خلدك يومها أن تكون صورة من صور الذاكرة هذه..?!‏

بصراحة أنت لست كذلك.. فأنا لا أخاف على ذكراك من شيخوخة ولا من خرف ولا من نسيان..‏

فإن نسيناك كان اعتلال الوفاء.. ولا اعتلال في دمائنا.‏