Array
والله نسمة عطر طرحت سؤال أجمل لماذا كل الأنبياء ذكور اتخيل ما حد بقدر ينفي انهم ذكور ويقلي لاهم ذكور ولا اناث :D

ليش ما في نساء أنبياء

[/quote]

لقد أجبت على السؤال السابق حول الزعم بأن الله ذكر في مداخلتي رقم 6 من هذا الموضوع فلا أعيد
والآن أجيب على سؤالك الثاني لماذا كل الأنبياء من الذكور وهو سؤال مشروع والقرآن بالمناسبة يؤكد صحة هذه المعلومة
(وما ارسلنا من قبلك الا رجالا نوحي اليهم فاسالوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون) (النحل:43)

حتى تعرف الجواب على هذا السؤال يجب عليك أن تقوم بدراسة في قصص الأنبياء في القرآن الكريم حيث ان هذا القصص يعطيك خط تطور التاريخ الإنساني بالمعرفة والتشريع أي التفاعل الإنساني مع الوجود الإلهي والكوني بالعقيدة والتفاعل الإنساني مع التشريع بالسلوك ، فالبداية كانت من عند النبي نوح (انا اوحينا اليك كما اوحينا الى نوح والنبيين من بعده )(النساء:163) ولقد كان مبعث عجب الإنسان القديم في رسالتي نوح وهود من بعده ليس مثلكم أن يرسل الله أناسا ذكورا فحسب بل كان مبعث استغرابهم هو لماذا يرسل الله بشرا أصلا ، ولماذا لا يرسل ملائكة كالمعتاد فالمسألة إذن مسألة تطور وتقبل من المجتمعات الانسانية ، يعني حتى أوائل القرن العشرين لم تكن المرأة تصوت في الانتخابات ولم يكن لها اي دور على المستوى السياسي والاجتماعي في العمل العام ، حتى في الدول الغربية المتقدمة فكيف تطالبون ان يختار الله نساء نبيات وأن يلعبن ادوارا سياسية واجتماعية في العصور القديمة. أضيفوا إلى ذلك أن التاريخ الانساني سواء على مستوى الادب والفن والشعر والعلماء والمصلحين الاجتماعيين والساسة والقادة والمبدعين في علوم الطبيعة والانسانيات تقريبا أكثر من 99% منه صنعه الرجال وحتى الآن لا يزال العمل السياسي يقتصر في أغلبيته العظمى على الرجال حتى في أكثر المجتمعات تحضرا مثل دول اسكندينافيا وكندا واليابان ، بالطبع هذا الأمر مرده لتخلف الانسانية وليس لتفوق الرجل والذكر لذا فإن هذه السيطرة الذكورية بدأت بالتراجع في عصرنا الحالي لأن الانسانية تسير باتجاه الصعود والترقي.

هناك كثير من الآيات التي يستغرب فيها أصحاب الرسالات الأولى من ارسال بشر عوضا عن ارسال الملائكة ((النذر)) ،

(أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم ولتتقوا ولعلكم ترحمون) ( الأعراف 63). كان الإنسان القديم في الفترة ما بين آدم ونوح، ما زال قريباً من المملكة الحيوانية، من حيث المعاش والمأكل والمسكن والسلوك، دون أي تشريع سماوي، إلا النذر. وهي ملائكة تأتي مشخصة لتنذر. وإنذاراتها للدلالة فقط على وجود الله والتعريف به، دون أية تشريعات أخرى. وكان التجريد في أوائله، حيث لم يظهر في أبسط صوره إلا في عهد نوح، حين اكتمل أول مجتمع إنساني بلغة مجردة، اذن فبداية اتصال السماء بالأرض كانت عن طريق المشخص فقط وذلك بإرسال "نذر" ملائكة قبل نوح وكان أول اتصال للسماء عن طريق الوحي المباشر لجنس البشر هو نوح عليه السلام كما يعتقد في منطقة الشرق الأوسط حيث كان يمتلك لغة مجردة بأبسط صورها

- (ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين) (المؤمنون 24).


فالإنسان تعلم في هذه الفترة تعليماً مشخصاً فقط وذلك عن طريقين: أولهما عن طريق الملائكة فكانت مشخصة يراها الإنسان ويسمعها وقد سماها النذر، لذا قال: (وإن من أمةٍ إلا خلا فيها نذير) (فاطر 24). لقد أرسل الله هذه النذر إلى كل التجمعات التي بدأت بالأنسنة في كل أنحاء الأرض، هذه الملائكة أعطتهم فكرة أولية عن الله والتوحيد بأبسط صورة البدائية وعن التقرب والعبادة لله بأبسط الصور البدائية المشخصة، وهي تقديم القرابين لله. لذا لا نرى تجمعاً إنسانياً مهما كان بدائياً إلا ولديه فكرة ما عن الله، ولديه مفهوم ما للتضحية والتقرب من الله أولاً والتي تشوهت فيما بعد وأصبحت التقرب من الآلهة. (واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قرباناً فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين) (المائدة 27). هنا نلاحظ أن مفهوم التقوى لم يكن مجرداً بل كان تقبل الله للقربان تقبلاً مشخصا ومادياً محسوساً.

لقد قلنا إن الإنسان الحديث الذي بدأ بنوح كان يملك لغة مجردة في أبسط بصورها حيث سمحت هذه اللغة بظاهرة الوحي علماً بأنه كان هناك مرحلة انتقالية اشترك فيها الوحي المجرد مع الملائكة المشخصين. فعن مرحلة نوح قال: (كذبت قوم نوح المرسلين) (الشعراء 105) إذ إنه جاءت الملائكة "النذر"قبل هود ومع هود لذا قال: (واذكر أخا عادٍ إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه ألا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم) (الأحقاف 21).هنا لاحظ قوله: (وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه) (الأحقاف 21).



* بعض الفقرات في النص اعلاه اقتبستها من عدة كتب