أحد الأمور الملفتة للنظر في الإسلام هو أنه وبالرغم من أنه حشر أنفه في الصغيرة قبل الكبيرة وأهتم بالسفاسف والتفاهات والصغائر وأشد الأشياء خصوصية في حياة الإنسان إلا أنه فيما يتعلق بأمور الحكم والسياسة ترك الأمر مائعا غير محسوما يستطيع كل من شاء أن يجذبه ناحيته ويقول هذا هو صحيح الإسلام ومن يخالفني كافر يحل دمه وليس أدل علي كلامي هذا من الخلاف الذي وقع بعد وفاة محمد مباشرة بين أعضاء اللجنة التنفيذية العليا للإسلام والذي تطور فيما بعد وأدي للحرب بين علي ومعاوية ومازال أثره موجودا حتي يومنا هذا في الخلاف بين السنة والشيعة!!

الإسلام الذي يقولون عنه دين ودولة والذي أهتم بالطريقة التي ينظف بها الإنسان طيزه وينط علي مراته وينكح بها النملة الكافرة نسي رسوله في غمرة تلك الأمور الجسام أن يضع لأتباعه منهجا في الحكم والسياسة يجنبهم الخلاف والإقتتال ويضمن به إنتقال السلطة في سلاسة ويسر!!

شخصيا لاأعرف في التراث الإسلامي أي كتب تحدثت عن الحكم والسياسة وإدارة الدولة سوي كتابين; الحسبة الشرعية لإبن تيمية والأحكام السلطانية للماوردي والإطلاع عليهم كأنه بمثابة طبيب معاصر يقرأ كتابا في الطب النبوي وكيفية التداوي ببول الإبل وجناح الذبابة وفسية العفريت!! والمفردات المستخدمة بهما لاتمت بأي صلة لعصرنا الحالي كالإمام والوالي وولي الأمر والإمامة الكبري وأهل الحل والعقد والخروج علي الحاكم وصاحب الحسبة وشق عصا الطاعة والغلبة بالسيف وإنعدام الشوكة إلخ والغني عن الذكر إبتعاد تلك المفردات والمصطلحات تماما عن الواقع المعاصرالذي نعيشه ومفاهيمه كالفصل بين السلطات والدستور وحكم القانون ودولة المؤسسات والمعارضة والأحزاب وحرية الصحافة ومؤسسات المجتمع المدني والإنتخابات والديمقراطية وتداول السلطة إلخ وواضح أن عم بهايم محمود لطفي عامر، رئيس جمعية أنصار السنة المحمدية بدمنهور يعيش بجسده معنا لكن روحه مازالت هائمة في سراديب القرن السابع!