هلْ نجَحتْ سينِما الحَقيقة في تجْسيد الْحَادِث الْمَأسويّ؟
GMT 6:30:00 2008 الخميس 28 فبراير
عبداللّطيف الوراري



--------------------------------------------------------------------------------


عبداللّطيف الوراري:تشْهد الْعَديد من صالاتِ الْعَرْض السينمائيّ خُروج فيلم "معركة من أجل حديثة" the battle for haditha للمخرج البريطاني نيك برومفيلد.ومن المتوقّع أنْ يعْرِف الفيلم،الّذي يجمع بين الدّراميّ والتّسجيلي ويقْترِب ممّا يُعرف ب"سينما الحقيقة"، إقْبالاً منْ روّاد الفنّ السّابِع،وجدلاً واسعاً بيْن النقّاد والمتتبّعين،ولا سيّما أنّه الأحْدث في سلْسلة الأفلام الّتي تتناول قضية احْتِلال العراق.
ولا تَزال تلْك الصّور المأسويّة عالِقةً بِذاكِرة مَن تابَعُوا ما جَرى في بلدة حَدِيثة الواقعة على بعد 260 كم غرب بغداد,بتاريخ 19نوفمبر2005 ،من مجْزرة ارْتَكَبها َجُنود المارينز بعْد أنْ قامُوا،بشكْلٍ عشْوائيٍّ،بإطْلاق النّار على أهَالي وسكّان المنَازل المُحيطة بموْقع الْحادِث وهو ما أحْدث خسائرَ فادحةً في صُفوف الْمَدنيّين العراقيين من أهل المدينة، قدرها البعض بـ24 قتيلا من بينهم نساء وأطفال ستة تتراوح أعمارهم بين سنتين و14 سنة انتقامًا لرفيقهم الذي قُتِل في انْفجار مِنْ عبوةٍ ناسِفةٍ نَصَبها في طريقِ دوريّتِهمْ مُقاوِمون عراقيّون .


من الفيلم
هذِه القصّة،بأبْعادِها المأسويّة الّتي تكشف فظاعة واقِع الاحْتِلال وتعصّبَ مُهنْدسيه، يَعود إليْها نيك برومفيلد في فيلمه الدرامي الْجَديد مُسْتغِلّاً فيها بَلاغة صُوَرِها الّتي تُوهِم بواقِعيّة ما تنْقله من مشاعِر وسُلوكاتٍ متناقِضة،بِناءً على مبْدأ الاقْتِصاد السّردي الّذي يَسِمُ مَشاهِد الفيلم في إطارِ الدراما التسْجيليّة.وقد ساهَم الأدَاء التّمْثيليّ في مُضاعفة وهْم الْوَاقعيّ بعْد أنْ أُسْنِدتْ فيه أدْوارُ البطولة إلى ممثِّلين غيْر مُحْترِفين ممّن عاشُوا التّجربة،ووقفوا على فظاعاتِها على أرْض الواقِع من جنود أمريكيّين ولاجئين عراقيّين وأفرادٍ من أسرة قُتل بعضُ أبْنائِها في حادِث حديثة المأساويّ.ولِلْإشارة فإنّ جَرى الفيلم تصْويرُه بمدينة جرش الأردنيّة ،على مدى 45 يوماً بفريق عمل محلي تجاوز المئتيْ شخْص ناهزت نفقاتُه مليونيْن ونصف مليون دولار أميركي.
إن فيلم "معركة من أجْل حديثة" رغم أيّ مُلاحظات أو تحفُّظاتٍ مِن المُمْكِن أنْ يُثيرها لهذا السّبب أو ذاك،يريد صاحِبُه المُخْرج نيك برومفيلد منه،الّذي أعاد بِواقِعيّة بِناء حدَث الحرْب المأسويّ ،أن يكون شهادةً وقرارَ اتّهام بالِغيِ التّأْثير،في هذه الفترة من الانتخابات الأميركيّة.


*شاعر وناقد من المغرب