الزميل المحترم "فضل"
محبة و سلام

1- غريب جدا أنك تقول أنك لست بعثيا ..
و لا تعتبر نفسك قومي بالمعنى الأيدلوجي مع اتفاقك مع إطار عملها .. ما الفارق ؟
قبل أن تخبرنا انك فلسطيني كنت أظنني أقرأ مداخلات للبكري بتاع جريدة الأسبوع هو اللي بيتكلم ..
و هذا المتخلف أحتقره جدا ... معلش سؤ تفاهم.
غريب أنك تقول أنك لست بعثيا ..
أنت تهاجم كل من يتعرض له .. و لست مقتنعا بالديموقراطية التي أتت بها أمريكا بداخل دباباتها (و لكنها ديموقراطية على أي حال) ..
و تستنكر الإنتخابات و تروج لدعاوي سنة العراق الذين سيحرمون من الهيمنة على مقدراته و يأكلهم الغيظ منذ إنهيار نظام صدام.
غريب ..
أرجو أن تفصح عن توجهاتك أكثر ..

2- (( تعتبر إسرائيل حالة فريدة جدا و خاصة جدا .... و بالتالي لا تقبل جدلا و لا إجتهادات.
و إسرائيل دولة متفوقة عسكريا على مصر و تمثل تهديدا نوويا دائما لها ...
و أضيف من عندي أنها دولة دينية الهوية حتى و لو كانت تعمل بطريقة ديموقراطية و علمانية حديثة و هو ما يعتبر تهديد دائم بإنفجار صراع ديني في المنطقة خصوصا كلما تعرضت للمسجد الأقصى بأي صورة من الصور ..
ساعتها لن تكون المسألة هي إسرائيل/فلسطين ... بل ستكون اليهود/المسلمين ..
و تقول أنني أبسط المسألة لأن إسرائيل هي تهديد دائم لنا بالإبادة بسبب تفوقها النووي و العسكري))

أولا : لا يمكن ان نعتبر إسرائيل حالة خاصة لا تقبل الجدل ..
كل المشاكل الدولية و الإقليمية في العالم هي حالات خاصة تملك ظروف خاصة و دوافع خاصة ..
تلك بديهية مفروغ منها و لكن هذا لا يمنع تعلمنا من التجارب الأخرى و المشاكل الأخرى الشبيهه.

ثانيا : تكلمت عن إسرائيل كمسلمة و ثابت ... مع إني لم اتكلم عن إسرائيل بالذات في هذا الموضوع بل ضربت بها مثلا لأن الثوابت في سياسات الدول المتحدثة بالعربية كثيرة ..
1- القومية العربية
2- الهوية الإسلامية للدولة
3- عداء متبطن لأمريكا (عداء شعبي و نفاق سياسي خوفا منها)
4- عداء ظاهر من الناحية السياسية لإسرائيل و اتفاقات سرية و خوف مكتومين.
فأرجو ألا تنسى ماهية الموضوع الذي أتكلم عنه .. أتكلم عن الثوابت و المسلمات في السياسة و هو ما ينبغي أن يكون وجهة نظر تخضع للتوجه الحزبي ... و هو ما لا تفعله احزابنا ليس في مصر فقط بل في الشرق الأوسط كله.
فأرجو ألا توجه الموضوع نحو إسرائيل أكثر من اللازم بحكم ظروفك و ظروف بلدك لأني لم أقصدها بالذات في الموضوع.

ثالثا : الناس لم تتفق في الدنيا على أي شئ .. فكيف تريدنا ان نتفق على تلك المسألة.
تستطيع ان تجد متحدثين بالعربية ينكرون عروبتهم مثلي و ينكرون وطنيتهم بعكسي و ينكرون إيمانهم مثلي و ينكرون الدنيا و الدين.
أنت تجد أحزابا شيوعية معظم من فيها ينكرون الدين و احزاب إسلامية معظم من فيها مسلمين سنة متعصبين و لكنك لا تجد حزبا ينكر القومية أو التطبيع.
إختلفنا على الله و لم نختلف على القومية أو إسرائيل ... !!!
أي عبث هذا ؟

رابعا : لا يمكن انك تطالب مصر بإلتزامها بعداء دائم لإسرائيل لأنها متفوقة عسكريا فقط
1- ليست إسرائيل هي التهديد العسكري الأول لمصر بل أمريكا .. إسرائيل هي الثانية منذ اتفاقية السلام.
و لا يمكن لمصر مجاراة لا أمريكا ولا إسرائيل في صرف هذة أو تلك على الآلة العسكرية.
2- ليست إسرائيل هي القوة النووية الوحية في العالم فالأخطر منها امريكا.
مازلت أصر على ان امريكا اخطر عسكريا و لكن إسرائيل أخطر نوويا بحكم ظروف المنطقة.
مع انه لا وجود الآن لدولة تستطيع أن تضرب ضربات نووية منذ الحرب العالمية الثانية إلا أن إسرائيل قد تفعلها في لحظة إنهيار بينما لن تفعلها أمريكا يوما.
أنت تقول أننا ملتزمون بالعداء لإسرائيل لأنها أقوى من مصر عسكريا و نوويا ..
هل هذا معقول ؟
هل نلتزم بعداءنا لدولة لأنها تستطيع ضربنا برءوس نووية .. ؟
مرة أخرى سأعيدك للمشهد العالمي مادام المنطق و البراجماتية قد سقطا منك .. و مادمت ملتزما بأيلوجية لا تنفع بل تودي بنا للتهلكة.
أنظر للسباق النووي بين باكستان و الهند ...
باكستان لم تستطع الصرف عسكريا أو نوويا على آلتها العسكرية بدون التضحية بالتنمية.
الحرب الدائرة بين باكستان و الهند تستنزف الدولتين بطريقة كبيرة مع أن باكستان تملك إقتصادا أضعف و بحاجة لأموال أكثر.
أنظر كيف انتى سباق التسلح بين روسيا و أمريكا وقت المد الأيدلوجي للشيوعية.
........... ثم تعالى و انظر للصين الذكية و البراجماتية و التي لم تفقد كرامتها او مصالحها منذ بدء إصلاحها الأيدلوجي و الإقتصادي .........
الصين تملك اليوم إقتصادا أقوى و أموالا أكثر و تستطيع أن تصرف الآن على آلتها العسكرية بشكل أفضل.
و لكنها لاتزال ملتزمة بالعقل.
يا فضل أنظر للصين و تعلم.
إن إختلاف المصالح بينها و بين الصين لا ينتهي من أول إلتزام الصين بتخفيض عملتها إلي رفضها للمغامرات العسكرية الأمريكية و هيمنتها.
و مع ذلك ..
و مع ذلك تثبت الصين على علاقة سلمية مع الصين مع كل دعمها لإستقلال تايوان و تهديدها الدائم لمصالحها في المنطقة .... و لكن انظر ماذا تفعل :
1- تبيت النية
2- تلتزم بسلام يحفظ مصالحها الآن مع أمريكا مع التنازل عن القليل من مكانتها الدولية من أجل سلام هو مكسب للصين في الوقت الحالي.
3- تنمي إقتصادها بقوة و سرعة بينما تطوح أمريكا المليارات يمينا و يسارا على جيوشها و مغامراتها.
4- تصرف عسكريا برشد و ذكاء على آلتها العسكرية.
------ في غد قريب سترى ماذا ستفعل الصين مع العالم و أمريكا--------
لماذا لا نتعلم منها و نتبع خطواتها ...
سلامنا مع عضو أقوى منا هو مكسب لنا في الوقت الحالي ..
فلنبيت النية في صراع مصالح و ليس صراع أيدلوجي ..
فلننمي إقتصادنا اولا ثم آلتنا العسكرية و بعدها نعادي العالم كله و ليس إسرائيل.
هل نريد أن ننمو أم أن ننتحر ؟
هل قضيتنا هي اليوم أم وجودنا اليوم و غدا و ما بعد غد ؟



ثم أضيف شيئا مهما ...
اولا : تكلمت عن إدارة صراع بين مصر و إسرائيل مقتضيا بصراع الصين و أمريكا على أساس إختلاف و تضارب المصالح فإسرائيل ملتزمة بأرادة الهيمنة على المنطقة و نحن كذلك ..
إسرائيل لن تضرب نوويا لا السد العالي ولا غيره ... ليست تلك طريقة ممارسة لدولة بل تلك عقلية عربية لا تفهم العالم و تنظر له برعب و خوف ..
إسرائيل لا يمكن ان تضرب ضربة نووية إلا قبل أن تتأكد من فناءها بقليل و هو ما يصعب تحقيقه في الظروف الراهنة.
صراع مصر و إسرائيل لا أعترف بأيدلوجيته و أفهم صراع المصالح بين كل دول العالم كما بين مصر و إسرائيل.
إسرائيل تريد هيمنة عسكرية و إقتصادية كما من المفروض ان نفعل.
إسرائيل تستبقنا الآن و لكن علينا إستغلال إستنزاف إقتصادها عسكريا و ننمو بينما هي لا تزال تصرف عسكريا و حينها نعلمها من هو السيد في تلك المنطقة.
اما رفضنا لوجودها أو هويتها فهو ما لا يهمنا في كثير او قليل .. على الدولة الدولة المصرية ان تهتم بنفسها اولا و العالم ثانيا.

و الآن أرجو منك يا فضل ان تفهم طريقتي في التفكير بعد كل هذا الكلام.

و تحياتي.