الخيار بين تحييد لبنان والانتحار الجماعي
GMT 1:00:00 2008 الإثنين 10 مارس
النهار اللبنانية



--------------------------------------------------------------------------------


غسان تويني

... وماذا لو أدّت محاولة "الشقيقة" سوريا – ومن ورائها إيران – إلى "عورقة" لبنان؟
أوَتظن دمشق أنه سيكون في وسعها أن تستمر في مفاوضة اسرائيل "على عينك يا تاجر" كما صار الحال معروفاً باعترافات "العدو" إياه، وان العدو هذا، وحلفاءه، سيستمرون يوفّرون سوريا، أرضاً وشعباً وخيرات وعمراناً (وإرهاباً كذلك!)؟ بينما يدفع الآخرون ثمناً وباهظاً لهذه الحرب؟ وكرمى لمن؟
كرمى لسيطرة سوريا وايران على لبنان وخوضهما حربهما ضد أميركا على أمل الانتصار عليها في "ساحة" الوطن الصغير؟ ومن يقول ويضمن أن أميركا ستجلس صاغرة تنتظر هزيمتها من غير أن تضرم هي النار وتنشر – كما وحدها تقدر، حتى حين لا تتعمّد – الدمار والخراب في كل مكان؟... ومن العراق الشواهد!

أما آن للبنانيين، كل اللبنانيين ومعاً، أن يعوا ويعقلوا ويرددوا صرخة الرئيس أنور السادات إثر محاولة نقل الحرب على كمب ديفيد الى لبنان أن "ارفعوا أيديكم عن لبنان"؟
وقد أثبتت تلك الحرب أن لبنان وحده تهدّم، ولم يلغَ كمب ديفيد ولا اندحرت اسرائيل أمام الجحافل السورية، بل العكس... جرى احتلال الجولان، ولا يزال، واضطرت سوريا الى أن تلجأ الى كيسينجر (ما غيره) ليفاوض – بديبلوماسيته المكوكية – وقف إطلاق نار تلو آخر بين دمشق والقدس... والفلسطينيون ولبنان يدفعون وحدهم الثمن!!!
مرة أخرى إذاً: "ارفعوا أيديكم عن لبنان"!

لبنان لن يسالم إسرائيل، ولا حتى يهادنها وحده على حساب أحد لأنه حتى لو أراد فذلك ليس في متناوله!!! والجميع يعرف.

حيّدوا لبنان أيها العرب (والإيرانيون طبعاً... ويا مجنّدي الشام في لبنان وفلسطين) حيّدوا لبنان كي تسلموا أنتم كما يسلم لبنان ويعود موئلاً لحرياتكم والديمقراطية، والحضارة والإنماء المتنامي وعاصمة الأخوّة الحقّة وحوار الأديان والثقافات. وثقوا أنه عندما يحين أوان "شن الحرب المفتوحة على اسرائيل" لن يكون لبنان الرادع لكم ولا هو يتخلّف، على افتراض أنه يمكن أن يريد...
ولا يلقيّن أحد على لبنان واللبنانيين دروساً في العروبة والوطنية والاستشهاد!
لبنان كان خط الدفاع الأول بل جبهة الحرب الاولى ضد اسرائيل، عقائدياً وسياسياً وديبلوماسياً وفدائياً بل عسكرياً منذ 1948 ايام تهافتكم كلكم على الهدنة، وكان لبنان آخر من وقّع، ساعة عزّ الفدائيون وعزّت الزعامات عند سواه. والأسماء والوقائع شواهد، فلا يُحرجننا أحد.
فليتفضل أهل "الحرب المفتوحة" ويعلنوها من أرضهم ويطلقوا الرصاصة الأولى فيجدونا الى جانبهم، بل متقدمين عليهم...
ولكن ما لا نرتضيه، وليس ثمة ما يجبرنا على القبول به هو أن نُدعى مهلّلين مكبّرين للسير (والفلسطينيين وحدنا) إلى أتون الكبريت، بينما سوانا ينال، ومن بعضنا، المكافأة تلو المكافأة على التزامه السلام ورغبته في المفاوضة.
واذا امعنّا في المصارحة قلنا ان "سوانا" هذا ينعم نظامه بغطاء اسرائيلي وكأنه متراس، يتحصن به ليطلق النار على نظامنا واستقرارنا وسيادتنا وسلامنا الداخلي؟ !! مفهوم؟
لا والله، وكلا... كلا...
فليطفئوا النار لأنها، هذه المرة، متى وإذا اندلعت... لن يكون في وسع أحد حماية أحد آخر من التهامها الأخضر قبل اليابس. ولن يزيدنا حصانة أن تلتهم النار اسرائيل كذلك، هذا اذا التهمتها!
فتبصّروا، وحذار... وقد أعذر من أنذر.
لبنان الحياد الايجابي وحده في وسعه أن يكون خشبة الخلاص العربية والاسلامية من جنون الانتحار المشترك!!!