Array
أنا ملحد من ناحية الإيمان، لكني مسلم من ناحية الانتماء، أهلي مسلمون والكثير من أصدقائي مسلمون وغالبيية سكان بلدي الأول سوريا مسلمون، أتكلم لغتهم وأفرح لفرحهم وأتألم لألمهم، أهنئهم بولاداتهم وأفراحههم وأعزيهم بوفياتهم، باختصار هم - مع جميع السوريين من الطوائف الأخرى – أهلي، والانسان لا ينكر أصله وأهله.
[/quote]

أعجبتني تفرقتك بين الإيمان و الإنتماء ..
يعني تعطي لنفسك كل الحرية كي تصدق أو تنكر و لكنك لا تطلب الكفر نقمة على أهلك ..
مجرد أنك لست مقتنع بالخرافات و لو إن هذا لا تعتبره كافيا كي ترفض أهلك أو تنقم عليهم .
كل هذا جميل ..


و لكنه ليس حقيقيا للأسف ..
أنا أصلا تورط في هذا الفكر كثيرا و سألت نفسي ذات الأسئلة ..
لكنني فهمت متأخر جدا أن العقائد لا تعني أي شيء لأن الأصل هو الإنسان ..
من أجل الإنسان تم إختراع الأديان و الآلهه و من أجل الإنسان تم إحالتهم للمعاش أو للتكهين.
أبي و أمي مسيحيين و أنا ملحد ..
و ايه يعني .. ؟
أيضا أنا أسمع مطربين شباب و هم يسمعون أغاني قديمة بالعافية .. لن يجعلني هذا أنقم عليهم.
ليس لأنهم يهوون الخرافات الدينية أو يصدقون أفلام الكارتون الإلهية يكون هذا كافيا لكي أرفضهم.

أصلا كل إنسان له آلاف الخيارات و يصدق آلاف الأشياء و في النهاية يستحيل أن نتطابق بالكامل أو نتعاكس بالكامل ..
كل عقيدة صغيرة تخص علاقة الإنسان بذاته و عالمه ..
يعني من الآخر .. سواء كنت ملحدا أو مسيحيا سنكون مختلفين فكريا و عقائديا.
و لو إنني سأكون عاقا لمجرد الإختلاف فإيماني لن يغير شيئا, خصوصا أنني أتمسك جدا بآرائي حتى في التوافه.

يعني تنحية الإيمان و الكفر من العلاقة بيني و بين أهلي حتمي ..

بالنسبة لي فأنا متمرد بطبعي و لا أحسب أنهم راضون عني, ليس بسبب كفري بل بسبب خيارات أخرى في حياتي لم تعجبهم ..
يعني الإنسان كل كامل و لا يتجزأ ..
و إن كنت قادرا على الكفر بدين أهلك فمن الطبيعي لو إخترت إختيارات أخرى يرفضونها ..

عموما أنا رفضت الله لأنه يفرق بين الناس و بين أصحاب الأديان ..
لن يكون هو السبب في التفرقة بيني و بين أهلي حيا و ميتا ..

لكن الدين ليس أهلي ..
أبي و أمي و أقربائي و أصدقائي هم أفراد .. شخوص .. بشر أحياء, و الدين لا يمكن أن يكون طرفا في ذلك.
أحب أمي و أبي و أهلي و بلدي حتى و لو كنت مختلفا معهم ليس في العقيدة و الإيمان فقط بل حتى فيما هو أكثر أهمية .. أسلوب الحياة.
أبهم مهما إمتلأوا بالعيوب لأنني احب نفسي مهما كنت معيوبا ..
يعني لو كان أنف أبي لا يعجبني فقد ورثته, أنا مضطر أن أتقبل أنفه كي أتقبل أنفي ..
بل أن أحبه لو أردت أن أحب أنفي .. طبعا هذا مثال.

لكن مهما أحببت أمي أو أبي فالمسيحية خرافة و ستظل خرافة ..
لو لا يريدون مضايقة في الكلام فليتحاشوا هم الجدل معي ..
مجرد أنهم تقبلوا المسيحية قبل أن أرفضها أنا لن يجعلني هذا أخجل أو أتوارى من فكر أراه بديهيا ..
بل إنني سعيت فترة أن يتقبلوا فكري و إيماني كي أحصل على نوع من الشرعية ..
بل إنني كنت أتمنى أن أغير أفكارهم - و أعتقد أنني نجحت جزئيا - كي أستطيع أن أتصور أن الدنيا قد إستقامت ..

ما علينا ..
في النهاية هم ناس كبيرة و تغيير طريقة وعيهم بالكامل مشقة كبيرة و ربما تجلب الشقاق ..
و مادموا قد تقبلوني فلا مشاكل ..

لكن المسيحية ليست أمي و الله ليس أبي .. أستطيع التبرا منهم و التنكر لهم بضمير مستريح.
هل يشتمون المسيحية .. ؟ أحسن
هل ينتقدون الكتاب المقدس .. ؟ ياكش يولع و البنزين من عندي.

أنا فعلا أفضل إلغاء كل الأديان و لتدخل الإنسانية عصرا جديدا من التفتح و التطور و التسامح.
و أفضل لو أقنعت أبي و أمي و أهلي كلهم بفساد الأديان ..
لن يكون أهلي هم مسمار جحا في إيماني ..
الحب يجب أن يكون عاليا و منزها و قويا و يحض على القوة ..
بل على العكس ..
علي أن أكون أنا داعما لهم و ناصحا لهم مادمت قد تعلمت الدرس.

لهذا أقول أنكم تلجأ إلي الخلط في كلامك ..
و برك بوالديك أو إحترامك لاهلك لا يمكن أن يعني أن تصير تافها أو هوائيا أو معدوم الشخصية مثلا ..
أحب أهلي و أحترمهم و لكن أنا ليا شخصيتي المستقلة و فكري الخاص و لو إنطبقت السما ع الأرض.

و كما قلت : الإختلاف بديهي و حتمي حتى لو كنا على نفس الدين و المذهب.

يعني مثلا أنا لا يمكن أن أقول أنني مسيحي ملحد .. أو حتى ملحد مسيحي.
لماذا قدمت الإسلام على الإلحاد في هويتك التي عرفتنا بها ؟
أنا ملحد صك .. ملحد و بس
يعني لا أقول حتى أنني من أصل مسيحي ..
أهلي هم اللي عمدوني و جعلوني مسيحيا في صغري .. أنا لم أختر شيئا
و ما لا أختاره لا ينتمي لي ..
أنا أقول أنه بمجرد أن تفتح وعيي ألحدت و لي الشرف ..

أحب أهلي و أحترمهم .. نعم
لكن لا يمكن باي حال من الأحوال أن أنتمي للامة المسيحية أو لأبناء الله المخابيل أو أن أكون معنيا بعصبياتهم و ثقافتهم.
الناس حاجة و أفكارهم حاجة تانية ..
أهلي حاجة و الأديان كلها حاجة تانية خالص ..

و إن أنا قررت الإنتماء فلن يكون لبشر يسجدون للخرافة و يلهثون خلف السراب و لا يجمعهم إلا هذة الخرافة و ذلك السراب.

مش تقولي الإنسان لا ينكر أصله و أهله ===> و أن يؤدي هذا بالضرورة لأن أندمج وسط جماعة المؤمنين
مش تقولي مسلم ملحد ..

كان أحسن لو قلت خطأ مطبعي لأن الإنسان لا يستطيع أن يخدم سيدين.
مسلم = تؤمن بالإسلام دينا و محمد رسولا و الله ربا
ملحد = لا تؤمن بالإسلام دينا و محمد رسولا و الله ربا

إذن فكيف يستقيم و حق العقل و المنطق أن يسمي إنسان نفسه أنه الشيء و نقيضه ؟
لأ و بتخترع لها معني ..

عارف ..
لا أحد يدافع عن المتناقضات إلا أصحاب الأديان.
هم فقط من يقولون أن قمة الحرية هي العبودية لله ..
أو أن من أراد أن يكون أولا فعليه أن يكون آخرا ..
ألخ ألخ ..


(يتبع)