Array
ما الدي يجعل بسام الكاثوليكي الاصل حانقا علي الرجل؟
[/quote]

هذا سؤال وجيه جوابه دقيق ... شوف يا سندي يا طنطاوي:

أعتقد بأن "بسام الخوري" تصرف أمام هذا "الخبر"، كما كان سوف يتصرف أمامه معظم المسيحيين الشرقيين الذين تأصلت فيهم "عقدة الخوف" (النابعة من كونهم "أقلية دينية" في مجتمع إسلامي طائفي).

"عقدةالخوف" هذه تجعل من التمسك "بالسلامة" في الأزمات عنوان ما ينشده المسيحي الشرقي. لذلك فهو لا يسأل عن "الحق" ولكنه يحاول الاقتراب من "الأغلبية المسلمة" ويقول لها – عبر مواقفه – بأن تنتبه إلى صوته الحساس تجاه مشاعرها وتحاكمه على هذا الأساس. إنه يرفع صوته عالياً، ويتخذ مواقفاً "ملكية أكثر من الملك"، وهو ينشد من "الأغلبية المسلمة" أن تقّر له بأنه "معها"، وتترجم اقرارها هذا بعدم الاعتداء عليه وعلى أهله وذويه.

لا يسأل "المسيحي الشرقي" أمام حدث يخص المسلمين أو من شأنه أن يستثيرهم عما حدث بالضبط، ولا يهمه أن ينتصر "للحق" أو "للعدل" أو حتى أن يعلن مبدأه بشكل حر مستقل. ولكنك تراه يركض فزعاً من "رد الفعل الإسلامي" على الحدث، ويحاول التخفيف من حدته عبر قنوات متنوعة؛ أشهرها الانحياز بالكامل لموقف الأغلبية في بلده. بل والذهاب في هذا شوطاً بعيداً جداً، من مثل أن يسب ويشتم الطرف الآخر (الذي استثار مشاعر "أغلبية محيطه")، حتى لو كان هذا الطرف "البابا" أو غيره من زعمائه الروحيين أو السياسيين.

طبعاً، "المسيحي الشرقي" ليس حالة خاصة، فهذه التصرفات هي شأن "الأقليات" في كل زمان ومكان. خصوصاً عندما تعيش هذه الأقليات في "مجتمعات قطعان"؛ دينية كانت أم عرقية أم لغوية .. إلخ. وللأسف، مجتمعاتنا العربية كانت وما زالت "مجتمعات قطعان" بامتياز، تنطح به "تيوس القطيع الأكبر" "تيوس ونعاج القطعان الصغيرة" كلما آذت هذه الأخيرة مشاعرها أو كلما راق لها ذلك. مجتمعاتنا، للأسف، ما زالت بعيدة عن فكرة "الوطن والمواطن والمواطَنة" وحقوق الفرد. مع هذا فالقضية "قضية وقت" وتطوّر ورقي ليس إلا.

"عقدة الخوف" التي تفرز "إيثار السلامة" في المواقف والأزمات، ليست مقصورة فقط على العلاقة بين الأغلبية المسلمة والأقليات المسيحية واليهودية والشيعية ... إلخ. ولكنها عقدة عامة تحكم كل علاقة بين "أغلبية وأقلية" في "مجتمعات القطعان". هكذا تستطيع أن تراها في أوروبا العصور الوسطى في العلاقة التي ربطت بين "الأغلبية المسيحية" و"الأقلية اليهودية" مثلاً. وبالمناسبة، هذه "العقدة" متأصلة جداً في نفوس أبناء الأقليات، حتى أنهم هم أنفسهم لا يتبينونها في مواقفهم، بل ترى الكثير منهم مدفوعاً بها ولكنه يحسب أن لموقفه أسباباً بعيدة عنها. وكم من المرات سيطرت عليّ هذه "العقدة" وساقتني لمواقف غير عقلانية، في حين أنني كنت أحسب أن لدي أسباباً بعيدة عن هذا السبب المتأصل فيّ والراسخ في عقليتي بوصفي "من أبناء الأقليات" في "مجتمعات القطعان".

(f)

واسلم لي
العلماني