أكرر مرة أخرى للزملاء الذين فاتهم ما انتبه له نيوترال،

العنف في الإسلام وغيره موجود، ولا يخلو أمر في الكون من العنف، وقد بدأ الكون عنيفا بانفجار، ويأتي الإنسان إلى الحياة بعنف المخاض والولادة، ويخرج منها بعنف الموت، ولا يخلو العنف من أمر.

البحث ليس في العنف وعدمه، البحث هو في تنظيم العنف وحصره في الدولة.

كل آيات العنف في القرآن وأحاديث العنف، بغض النظر عن الصحة أو التأويل فإنما محلها الدولة، ولا يصح أن يقوم الأفراد ولا المجتمعات ولا الأحزاب بعمل الدولة مطلقا، والأصل عقاب من يقوم بذلك.

الدولة الشرعية هي الدولة الممثلة لأمتها، عن طريق العقد بين الشخصية الاعتبارية للدولة والأمة على أمور محددة تخص الرعاية.

الإسلام كمبدأ متميز له وجهة نظره عن الحياة التي تباين الغرب جملة وتفصيلا، لا يوجد كيان سياسي له يعبر عنه، وتعبير ما نراه من جماعات وميليشيات إنما هو أفهام قد تصح وقد تخطئ، والأصل أن لا تعمل الميليشيات بعمل الدولة إلا في حال الدفاع عن النفس.

اما ان القضية هي اتهام الإسلام وحده بالعنف، وأنه سبب عناء البشرية، فهذا بذاته تخبيص وتدليس، فالمائة عاما الأخيرة التي غاب فيها الإسلام عن معترك الحياة السياسية العامة قد شهدت ما تشيب له الولدان من الحروب والفظائع التي لم يكن للإسلام فيها ناقة ولا جمل.

منذ الإستعمار القديم وإبادة شعوب العالم الجديد إلى الرأسمالية المتوحشة ومص دماء المستعمرين والعمال إلى الحرب العالمية الأولى ثم الانتداب ووعد بلفور ثم قصف دمشق بالمدافع ثم حرق اليهود بالأفران ثم جرائمهم في الهند التي واجهها غاندي بالعصيان ثم الحرب العالمية الثانية ثم الحرب الباردة ثم الحرب الكورية ثم انقلابات أمريكا اللاتينية وحروب الكوكائين ثم حرب فيتنام ثم ثم ثم.....

أين الإسلام في كل هذه المصائب؟

إلا أن ضحايا هذه المصائب بعد الحرب العالمية الثانية لم يكونوا من العرق الغربي المميز، فطز طزين، شو يعني يموت كذا ألف فيتنامي صفر؟ أو كذا ألف هندي اسمر؟
أما حين يموت بعض الغربيين في العنف العالمي المستمر منذ الخليقة إلى الدينونة، فتقوم الدنيا ولا تقعد، لأن من مات تجري في عروقه دماء زرقاء...

العنف بمطلقه لست ضده ولا أدينه بحال، أنا مع العنف المقنن المحتكر من قبل الدولة.

ولا آسى من أن ينسب هذا العنف المقنن إلى أي كان، لأنه عنف طبيعي أصلي لا غضاضة في وجوده.

أما هذا الشريط فينسب العنف كله إلى الإسلام كله وإلى المسلمين، ليخدم أغراضا يمينية تتم برضى يساري في أوربا التي تضيق اليوم بمسلميها وودت لو تخرجهم من ديارهم حتى لو كانوا أوربيي الأصول والمنابت!