أردت التعليق على مسألة الاخطاء اللغوية والبلاغية في القرآن.

إن من يريد أن يعرب القرآن على الطريقة النحوية المتداولة في هذه الايام هو كمن يريد ان يعرض قصص شكسبير، التي كتبت في باللغة الانلجليزية القديمة، على قواعد النحو الانجليزية الحديثة. من يفعل ذلك فسيجد كل جملة كتبها شكسبير لا تتفق مع الانجليزية الحديثه. وعلى ذلك فإن شكسبير لايفقه شيئا من قواعد اللغه!

اللغة العربية لا تتختلف كثيرا في هذا المقياس عن غيرها من اللغات. فالعرب قديما كانوا يتحدثون بلغتهم بطريقة بديهية دون ان يعرفوا ماذا يعني المبتدأ والخبر وغيره. وكانت اللهجات العربية تختلف من قبيلة الى أخرى. وعندما نشأت المدارس اللغوية في العهد الاموي كانت كل مدرسة تختلف في بعض الامور اللغوية عن غيرها من المدارس. نشأت مدرسة سيبويه ومدرسة الكسائي ومدرسة أخرى أطلق عليها مدرسة البصريين وأخرى مدرسة الكوفيين، ومدرسة أهل الحجاز، وربما مدارس أخرى. فإن اتفق القرآن مع وجه من وجوه اللغه فهذا يكفي. وهذا الوجه اللغوي الذي جاء به القرآن لابد له بالضرورة ان يكون اللغة العربية الصحيحة التي تحدث بها أهل قريش، حتى وإن خالف ذلك قصيدة منسوبة لأحد شعرائهم. فقد كان بعض اللغويين المنتمين لتلك المدارس اللغوية يختلقون الشعر وينسبوه للجاهليين لتقوية قواعدهم اللغوية. وقال طه حسين في كتابه (الشعر الجاهلي)، ان الكثرة المطلقة من الشعر الجاهلي ليست من الشعر الجاهلي في شيء. وانه لا ينبغي الاستشهاد بالشعر الجاهلي على القرآن، وإنما بالقرآن على تلك الاشعار.

أما من ناحية البلاغة، فالسؤال هو، هل سيتغير المعنى اذا استبدل حرف بآخر أم لا، فإن كان الجواب بنعم، فذلك المعنى هو ما قصده القرآن وليس غيره.

والاية التي ذكرها الزميل كوكو "فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق"، فهي كالاية "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى" وفي هذا تمييز الصلاة الوسطى عن الصلوات الاخرى، وإلا فكلها صلاة. كذلك جهنم فيها انواع مختلفة من العذاب، وربما أشدها عذاب الحريق، لذا ذكرتها الايه. فكلمة "جهنم" لاتعني "نار". وقد ورد في القرآن لفظ "نار جهنم"، مما يعني ان النار جزء من جهنم وليس كلها. وليس كل من يدخل جهنم يحرق بالنار. فجهنم فيها ماء كالمهل، وفيها مقامع من حديد، وفيها ماء صديد، وكلِ يعاقب حسب ذنوبه جزاءا وفاقا.

الخلاصة: لاتوجد أي أخطاء نحوية أو بلاغية في القرآن. ومن يقول بغير ذلك فان قوله ليس إلا وهم لا أساس له من الصحة.