العزيز "يجعله عامر"

بعد شكري لمتابعتكم ولما رفدتم وما ترفدون به هذا الشريط من أمور تزيد بغناه، وتفيدنا جميعا بإطار الحوار الهادئ والبناء، أقول..

تعليقا على ما تفضلت بايراده من دوافع الشيخ.. فضلا عن كون هذه الدوافع واضحة، فليس لي أو لأي انسان أن يتساءل عنها، أو أن يحاسبه عليها، فالشيخ متصالح مع نفسه ومتوافق بإطارها، ويهدف لخدمة الفكر الذي يعتنق عبر محاولة مقاربة واحدة من المسائل التي تمس خصوصية من خصوصيات انتمائه، بشكل عقلاني هادف، ومتوافق مع طبيعة مقامه، ومع ما اعتاده المسلمون من "تلقين".. على كل الاحوال ليس هنا مورد الخلاف صديقي..

بالنسبة لدعوته التي شكلت محور النقطة الاولى والرد الذي تفضلت بايراده، فقد ذكر بما معناه، انه تواصل مع الشيخ البوطي وغيره من المشايخ (وبالامكان مراجعة سماع الشريط لمن يشاء) كي يتفقون على أساس "توعوي \ تعبوي" – والتعبير من عندي لو صح -، في سبيل مد المسلمين بالغرب بمزيد من الدعم، والتنظيم سعيا لرد ما رآه الشيخ "مؤامرة" تستهدف تشويه صورة الاسلام، وابرازه بشكل ارهاب، للتخوف الذي يثيره التزايد المطرد لاتباع هذا الدين في أوروبا، وهنا نقطة.. بغض النظر عن طبيعة سياق ما اعتبره الشيخ "مؤامرة"، او عن المحددات التي تنبني عليها .. فقد مس بطريقة أو بأخرى صلب المشكل عدما حددها بمجموعات غربية معينة، حيث خصص توجيه رؤية المسلم بعد تعميمها – وهذه نقطة ايجابية -.. لكن بإطار رد الفعل لنسأل، كيف ينظر اليمين الاوروبي الى المسلمين في اوروبا؟ يجدهم بطريقة او بأخرى، أشبه بالكشافة، أو الطلائع الاولى للمد الاسلامي، وبالتالي فإن حملته تترجم بشعار "وقف أسلمة أوروبا"، وقد باتت هذه الحملة تجد صداها في أوساط المحايدين الاوروبيين بسبب الاعمال الارهابية الممارسة باسم الاسلام، ودور وسائل الاعلام بهذا الاطار، وقد أسلفت الاشارة الى هذه النقطة فيما مر، ولا موجب للتكرار .. بهذا، فعندما تقابل دعوة اليمين الاوروبي، بدعوة أخرى من الشيخ - الذي نال شبه اجماع من الفقهاء في طرحه – لتنظيم عمل المسلمين في الغرب، ومدهم بالدعم والمال والتخطيط، للدعوة للاسلام في أوروبا، ومحاربة تلك "المؤامرة"، فهو بطريقة أو بأخرى، يدعو لـ "مؤامرة" مقابلة تواجه تلك "المؤامرة"، وبذا يعالج المشكلة بمشكلة من سنخها، فضلا عن اضفائه المصداقية على مزاعم اليمين الاوروبي، وإعطاء جهوده مزيدا من الزخم بطريقة عكسية، أضف إلى هذا ان "مؤامرة" اليمين الاوروبي تتميز عن "المؤامرة المضادة" للشيخ بمعطيات تفرضها طبيعة الارض والتاريخ وسير الاحداث، وتجعلها أقوى وأكفأ.. قد يأتي أحد ما بسؤال: ما الحل إذن؟.. ربما باعادة القراءة على الرغم من تفضلك بصعوبة مثل هذا الامر بل استحالته، على كل الاحوال سأعود بمزيد من التفصيل حول هذه النقطة، وحول ما تفضلت بالتعليق عليه بخصوص "المعاهد والمؤمّن والذمي" من خلال ايراد "قراءة" في هذا الشريط للكتابين الذين اثبتهما الزميل الكريم Cloudysky ... وربما نجد معا حلا معينا في سياق حوارنا لما يأتي.. مع تسجيل الملاحظة، ان من يطلب منه بهذا الاطار "الهدم" و"البناء" هو المؤمن بالاسلام، أما غير المؤمن – حتى ولو كان محترما لهذا الدين، ومقدرا لمفاهيمه ونبيه – فيغنيه الحال بـ"الهدم" وفقط..

تفضلت في سياق بيانك بالاشارة الى مشكلة الحوار حتى بين اتباع المذاهب أنفسهم، وحتى ولو لم يعترف المسلم بوجود "إسلامات"، فواقع الحال يغني عن المقال، والمشكلة ليست مشكلة لغوية.. أن لم يعجب المسلم القول بوجود "إسلامات" .. ألغيناها، لكن هل نكون قد ألغينا من واقع الحال شيئا؟ لكن مع هذا، فالمشكلة المطروحة بإزاء الحوار بين المذاهب الاسلامية، والتي تشي بذاتها بمشكلة أكبر يعانيها "الاسلام" في إطار الحوار مع الآخر، تدعو مجددا لإعادة القراءة، والسعي ليس فقط بوضع تلك القراءات الجديد في صناديق ورقية مقفلة لا يقرأها الا القلة، ولا يقتنع أو يعمل بها الا قلة من هذه القلة، بل ربما السعي لطرح تلك الافكار بالواسطة التي يفهمها عامة المسلمين، حتى ولو اقتضى الامر استخدام "اسلوب التلقين" – على كل الاحوال هذه النقطة ليست محور الاهتمام في هذا الشريط، وربما قد يكون لنا جميعا الحظ بالعودة إليها -..

بالنسبة لتفضلك بالقول " في حديثي مع أحد الزملاء رأى أن إعادة القراءة ما هي إلا (ترقيع) لثوب شائه ! فهل سيظل هذا الوصف قائمًا بعد إعادتها ونعود إلى الأصل ، فالنص المؤسس لمعتقد نفسه دموي وإرهابي وفيه ما فيه من العلات ، وهؤلاء القوم فاقدو الأهلية لا بد من الحجر أو الوصاية عليهم ، ولا بد من استفاقتهم بصفعات فلا يكفي قلم وكتاب بلا ........... إلخ ما يُطرح .."

بغض النظر عن النص أهو "دموي" فعلا او لا، وهل طبيعة الارض في ذلك الحين كانت تفرض مثل هذا اولا، والحديث والمقارنة بهذا يطولان، فإن هذا يعيد تسليط الضوء على الخوف الذي أشرت له في بداية الشريط، والذي بدوره قد دفعني للتمثل بـ "أوربان الثاني" ..

أتمنى أن أكون قد تناولت كل ما قصدته (هذا ومع تأكيد الإشارة، إلى كوني سأعاود تناول بعض النقاط التي ذكرتها من خلال ما سأورده من قراءة في الكتابين السالفين)

خالص محبتي وشكري لتعبك في إثبات الكتابين مجددا،
وخالص تقديري لاهتمامك في هذا الموضوع

تحياتي
:redrose: