{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
ألف وجه لألف عام...ابراهيم العريس
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #2
ألف وجه لألف عام...ابراهيم العريس
ألف وجه لألف عام - «نجمة» لكاتب ياسين: انها الجزائر الخالدة أليس كذلك؟
ابراهيم العريس الحياة - 06/04/08//


كاتب ياسين
«بادئ ذي بدء وجدتني على احتكاك مع جمهرة من الشخصيات. وبدا لي أن لكل من هذه الشخصيات متطلباتها الخاصة. كانت كلها، بالنسبة الي، تمثل وجوه الجزائر المجهولة، لا جزائر الأخبار المتداولة. كانت تمثل وجه الأسطورة والحياة كما هي في عفويتها الأولى. إذ ذاك، راح وجه معين، شخصية معينة، تبرز شيئاً فشيئاً من بين الجمع. وكما لو بفعل الصدفة كان هذا الوجه وجه امرأة، أو بالأحرى طيف امرأة. وعلى هذا النحو راحت شخصياتي واحدة بعد الأخرى، ورحت أنا بدوري أقع تحت سحر نجمة وفتنتها (...) ونجمة ليست سوى روح الجزائر الممزقة منذ البدايات. الجزائر التي مزقتها الأهواء الفردية الفائضة عن حاجتها...». بهذه الكلمات تحدث ذات يوم الكاتب الجزائري كاتب ياسين عن تلك الشخصية الأساسية التي أتت يومها، في كتاب أساسي له، معبرة ليس فقط عن روح أدبه الخاص، بل عما سماه هو نفسه «الهوية الجزائرية» في شكل عام. فـ «نجمة» الكتاب، والنص المكمل له «الفضاء المكوكب»، ومنذ صدور أولهما عام 1956، وثانيهما عام 1966، اعتبرا على الفور تعبيراً عن روح ذلك البلد الذي كان، خلال الفترة بين صدور الأول والثاني يخوض، أولاً مرحلة استقلاله، ثم مرحلة التساؤل عما ينبغي فعله بذلك الاستقلال. صحيح أن كاتب ياسين لم يكن الأديب الجزائري الأول – باللغة الفرنسية – الذي أعطى أدب هذا البلد ونتاجات مبدعيه تلك المكانة العالمية المميزة التي كانت وتظل لها، حتى الآن، لكنه كان المبدع الذي عرف كيف يوصل الصوت الجزائري الى أبعد كثيراً وأعمق كثيراً، مما كان وصل مع سابقيه من أمثال محمد ديب.

> من هنا اعتبرت رواية «نجمة» رواية الجزائر بامتياز، حتى وإن كان الصخب الإعلامي العربي العام، منذ ترجمت الى العربية، واستقبالها على الفور كجزء من النضال الثوري الجزائري وشعاراته، قد غطيا دائماً على قيمتها الأدبية. بل حتى على رنة الاحتجاج التي ميزتها وأكدت انها لم تكن – فقط – رواية «تفضح» الاحتلال وتقارعه. «نجمة» كانت منذ البداية أكثر كثيراً من مجرد رواية شعارات وطنية، حتى وإن رُبطت، وربطها صاحبها، بروح الوطن المناضل، ذلك أن نجمة – في عمق أعماقها – هي عمل شاعري عن الكرامة الانسانية، عن كل ما يحفظ هذه الكرامة، عدواً كان أو صديقاً، وعن كل من يمزق هذه الكرامة. وبالتالي فإن شخصيتها المحورية – والتي يلفتنا كاتب ياسين نفسه الى كونها امرأة وكون هذا أمراً له دلالته الفائقة – هي رمز لهذه الكرامة حين تقاوم. وكاتب ياسين يقول لنا ان هذه الكرامة لا توجد إلا حين تقاوم. غير أن المقاومة عند كاتب ياسين، ليست فعل عنف وقتال وأصوات عالية، بل هي فعل روحي ينبع من الداخل أكثر مما ينبع من الخارج. ولأن «نجمة» رواية تتحدث عن هذا النضال الداخلي، من طريق امرأة، بدت وتبدو دائماً رواية أكثر تعقيداً وتركيبية من المعتاد. ومن هنا ما كان كاتب ياسين يرويه من انه حين عرض الرواية على الناشر الباريسي للمرة الأولى أواسط خمسينات القرن العشرين، قال له هذا بعد أن قرأها: «انها عمل شديد التعقيد. لديكم يا عزيزي خرفان كثيرة في الجزائر، فلماذا لا تكتب رواية تتحدث عن هذه الخرفان؟». طبعاً سيغير هذا الناشر رأيه لاحقاً، ولا سيما حين سيتبنى كبار كتاب فرنسا ونقادها في ذلك الحين، الرواية معلنين عبرها ليس ولادة أدب جزائري جديد فقط، بل ولادة لغة فرنسية جديدة أيضاً. ولكن من هي نجمة؟

> هي، في الرواية التي تحمل اسمها، امرأة غامضة يكاد أحد لا يعرف عنها شيئاً، ولكن من حولها يحوم بحث ورغبات عدد من الرجال: مراد، الأخضر، مصطفى ورشيد. لكنها هي تبدو ساهمة غائبة على الدوام غير مبالية كثيراً بما يحدث لها. وربما لأنها تحمل في علبة المسحوق الخاصة بها صورة جندي فرنسي لن نعرف أبداً علاقتها به. ونجمة التي تعبر الأيام بفتنتها ولا مبالاتها، سينتهي بها الأمر سجينة تحت رقابة زنجي عينته القبيلة حارساً. غير أن نجمة، حتى في صمتها الأسطوري، وربما خصوصاً في صمتها الأسطوري تبدو أكثر حضوراً من الشخصيات الأخرى كلها. إذ، بعد كل شيء، هي التي تحدد، بنظرة الآخرين اليها، وعدم اهتمامها هي بالنظر الى الآخرين، بنية الرواية وسياقها. هذا السياق الذي تبدو لعبته مرايا وأضواء وظلال تعبر حتى اللانهاية في سياق يبدو شبيهاً الى حد كبير بأسلوب تيار الوعي، ولكن في أصوات متعددة. حيث ان تعدد الأصوات هذا هو الذي يكوّن، وبالتدريج، صورة نجمة ذات الحضور الكلي من أول صفحة الى آخر الصفحات. ولعل العنصر الأقوى هنا هو أن هذه اللعبة (وهي لعبة «لغوية» و «شاعرية» بعد كل شيء) إنما تأتي لتنم عن خيالية نظرة الذكور الى أنوثة نجمة – ومن خلالها الأنوثة في شكل عام – التي تبدو، من خلال هذه النظرات، أنوثة شديدة الالتباس. ولعل هذا الجانب هو الأساس والأقوى تعبيراً، في رواية غفل مستقبلوها حين صدرت في العربية، عن هذا الجانب، وخصوصاً عن جانب في الرواية أعطى نجمة هالة هلامية جاعلاً إياها أشبه بنجم بعيد المنال، وذلك بالتناقض مع شخصيات أنثوية أخرى، تذرع الرواية بين الحين والآخر، مثل شخصية سوزي التي تطالعنا أول الرواية، أو فتاة المقهى القريبة التي نراها من خلال السطور التي يكتبها مصطفى عنها في دفاتره. ومع هذا كله من الصعب على القارئ أن يعثر في أي صفحة من صفحات الرواية على وصف يسبغه الكاتب على شخصيته المحورية، إذ حتى الرجال الذين يحومون من حولها، بمن فيهم كامل، الذي تتزوجه بأمر من أمها لا أكثر، لا يبدون قادرين على تحديد أوصافها. بل لعلنا لا نبتعد من غاية كاتب ياسين كثيراً إن نحن لاحظنا أن غالبية الفقرات التي «تحاول» أن تقدم صورة ما لنجمة، تقدمها عبر حركة ما، عبر التفاتة، ما يحيل الوصف وصفاً للحركة أو للالتفاتة، فتصبح نجمة مجموع هذه الحركات والالتفاتات.

> من هنا يصبح من المنطقي النظر الى نجمة، الشخصية المحورية، ليس بوصفها كائناً في ذاته، بل انطلاقاً مما تفعله بالآخرين، ولا سيما أبناء عمومتها منهم، هؤلاء الذين سيبدو لنا، بين حين وآخر، انهم ليسوا موجودين إلا من أجلها. بل هي التي – في صمتها – تملي عليهم مسارهم ورغباتهم، وصولاً الى رشيد، مثلاً، الذي يقوده «ولهه» بنجمة الى السعي للوصول الى جذوره، لكنه بدلاً منها يصل الى المخدرات والعزلة في فندقه النائي. غير أن نجمة لا تبدو لنا أبداً، راغبة في أن تحدث هذا التأثير في الذكور الذين يحيطون بها. ان فعلها غير إرادي، وربما هو نابع من شخصيتها وحضورها المشع وحده. ومن هنا، فإن «دفع الآخرين الى الفعل» هو جزء عضوي مكوّن من «رسالة» نجمة في وجودها. ومن هنا لم يكونوا مخطئين كل أولئك النقاد والباحثين الذين وجدوا في «نجمة...» «اللغز الذي لا تحله الرواية أبداً»، «امرأة تخفي خلف قناعها النوراني وجهاً آخر هو وجه الجزائر».

> حتى وان كان قد سبق لكاتب ياسين (1929-1989)، ان نشر كتباً عدة قبل ان يصدر «نجمة»، فإن هذه الرواية التي صدرت عن منشورات «لوساي» الباريسية، عام 1956، كانت العمل الأول الذي أطلقه في فضاء الحياة الأدبية، ثم أثر ذلك في فضاء الحياة المسرحية، ذلك أن كاتب ياسين، وبفضل النجاح الفوري الذي حققته «نجمة»، وضع تباعاً مسرحيات ظلت لها شاعرية «نجمة» لكنها أتت في معظمها جزءاً من رغبة في بعث مسرح نضالي، ليس على صعيد القضية الجزائرية وحدها، بل كذلك على صعيد نضالات العالم الثالث ككل. ومن أبرز مسرحياته التي كتبت بين 1959 والسنوات الأخيرة من حياته: «حلقة القمع» و «الجثة المطوقة» و «مسحوق الذكاء» و «الأجداد يزدادون ضراوة» وخصوصاً «الرجل ذو الصندل الكاوتشوك». ونذكر ان كاتب ياسين كتب معظم أعماله الأولى بالفرنسية، حتى وصل الى التجريب في كتابة نصوص ومسرحيات باللغة الجزائرية المحكية، وكذلك بلغة الأمازيغ، هو الذي كان ينتمي الى هذه الهوية، وأمضى السنوات الأخيرة من حياته مناضلاً في سبيل وجودها وهويتها ولغتها.

alariss@alhayat.com


04-06-2008, 10:55 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
ألف وجه لألف عام...ابراهيم العريس - بواسطة بسام الخوري - 04-06-2008, 10:55 AM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  سورية الدولة العلمانية تزداد اسلامية، أفقياً وعمودياً....ابراهيم حميدي الحياة بسام الخوري 1 781 06-18-2005, 12:52 PM
آخر رد: بسام الخوري

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 4 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS