عزيزي عبد المسيح صباحك سعيد ، الإخوة الأفاضل.
لقد دخلت للحوار معك يا عبد المسيح بالحكمة ولم أتجادل معك بالكتاب (القرآن) لأنك لا تؤمن به ، كذلك أنت لا تنصحني بقراءة العهد الجديد أو القديم ، اعتبر نفسك كأنك تحاور رجلا يريد أن يصل إلى الحق من خلال المنطق والعقل وليس عن طريق كتاب سماوي،
أريدك أن تأتي ببرهان واضح مقبول عقلا يثبت ادعائك ، لا أريده من أي كتاب مقدس، يفسر مجريات الأمور بكل أحداثها تفسيرا منطقيا حكيما ، فإذا تم لك ذلك عندئذ إئت بما يصدقه من كتابك المقدس مثلما فعلت أنا أخذت مسألة خلق عيسى على أنها مثل ضربه الله للناس فتتبعت الحيثيات فوجدتها كلها متوفرة ومرتبة ترتيبامحكما ، ثم وجدت الأحداث التي نبأتني بها الحكمة قد تحققت واقعا حرفيا قبل حوالي 2000 سنة وليست خبرا من الماضي فقط بل لا زال لهذه الحادثة أنصار وأتباع يسمون مسيحيين وتلك آية أخرى ، ثم قارنت ما توصلت إليه من حكمة فوجدتها مطابقة لما جاء في القرآن.
أنت ادعيت أن ميلاد المسيح لا يشبه ميلاد يحيى لأن يحيى له أب بينما المسيح بدون أب، وأيضا بعث يحيى حيا ليس كبعث المسيح حيا لأن الأول دفن في قبر أما الثاني فبعث من الموت وصعد إلى السماء.
أجيبك:
التشابه بين عيسى ويحيى يتجلى في النتائج والغايات وليس في الوسائل والأسباب ، فالغاية هي ولادة طفل بطريقة عجيبة لا تحدث في البشر ، فتشابه عيسى مع يحيى في كونهما ولدا بطريقة عجيبة لا تحدث في البشر.
المشابهة هي أن يكون الشيء مماثلا لشيء آخر إلا أنه ليس هو نفسه. مثلا : وفاة المسيح كانت شبيهة بالقتل إلا أنها وفاة وليس قتل. فلو قتل المسيح بخنجر أو سكين أو رمح لكان ذلك قتلا فعلا، ولما صح أن يقال : شبيه بالقتل.
إليك هذا المثل في هذه المعادلة الحسابية :
لا يقال إن : (7 + 5) = (7 + 5)، باعتبار أن علامة ( = ) تحل محل معنى (يشبه أو يماثل) لأن ناتج ما قبلها يماثل ناتج ما بعدها، فلا يشبه الشيء بنفسه وإنما بشيء آخر يماثله في النتيجة،
فإذا قلنا إن : (7 + 5) = (3 >< 4) فإن المعادلة مقبولة لأن الصيغتين مختلفتان لكن النتيجتين متماثلتان.
كذلك التشابه بين المسيح ويحيى تشابه في النتائج وليس في الكيفية.
مشابهة بعث يحيى حيا ببعث المسيح حيا لا يستوجب أن تكون كيفية بعث عيسى من الموت هي نفسها كيفية بعث يحيى وإنما التشابه هنا في الغاية التي هي أنهما حيان عند ربهما يرزقان.
عقيدتكم يا عبد المسيح تقول : إن البعث من الحياة لن يكون بهذه الأجسام الأرضية بل بأجسام نورانية ، فلماذا تعلل عدم بعث يحيى حيا بجسده المدفون في الأرض!! ألا يكون يحيى قد بعث حيا بجسم يناسب حياته في السماء!!
وما كان ليحيى أن يصعد إلى السماء بجسده الأرضي لأن الله ضربه مثلا للحياة بالجسد ، والجسد مصيره الدفن في الأرض وروحه هي التي صعدت إلى السماء ، أما المسيح فقد ضربه الله مثلا للروح ، فهو (كله على بعضه) اسمه روح من أمر الله ، إذن يصعد إلى السماء بجسمه وروحه .
أما قولك عن جمهور الناس الذي شهدوا حادثة ما يسمى بالصلب وأنهم كانوا قريبين من المسيح.
أقول : حتى ولو كنت تجلس بجانب رجل يصارع سكرات الموت فإنك لن تستطيع أن تعرف السبب الذي أماته ، أما بخصوص الصلب فإنك لو أمسكت أرنبا وصلبته بغرز المسامير في أرجله فإنه لن يموت سريعا
كما مات يسوع .
لو قصصت رواية حادثة الصلب كما جاءت في أناجيلكم على خبير في عملية الصلب (عشماوي) ليحكم فيها فإن حكمه سيأتي مطابقا لشهادة القرآن ، وسيقول لك : ما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم.
لنعد إلى لب الموضوع.
إن الوصول إلى الحق الذي لا ريب فيه يتطلب دراية بالحكمة ، والحكمة ليست كلاما إنشائيا بلا برهان بل هي حقائق تفرض نفسها ليس أنا أو أنت هو من يفرضها ، فنحن هنا كمثل التلاميذ الذي أمرهم معلمهم بحل مسألة أو معادلة رياضية.
المسألة هي كالآتي :
خلق الله إنسانا اسمه عيسى المسيح من أم دون أب فهو روح من أمر الله ، وقبله في نفس السنة ولد لرجل عجوز اسمه زكريا من زوجته العجوز التي كانت عاقرا ابن اسمه يحيى ، الرجلان يحيى وعيسى آتاهما الله النبوة.
السؤال هو :
1) ماهي الحكمة من بعث نبيين معاصرين لبعضهما البعض ؟ وهل في كون يحيى وابن خالته عيسى اللذان ولدا بكيفية عجيبة لا تحدث في البشر مثلا ضربه الله للناس؟
أوجد العلاقة المنطقية بين المسيح ويحيى والمثل الذي ضربه الله للناس في هذه المسألة.
نحن الآن كأننا تلاميذ في اختبار ، قرأنا المسألة ، والآن علينا أن نجيب عليها.
بدأت التفكير في كيفية حل هذه المسألة فالتفتت يمينا فوجدت زميلا لي اسمه عبد المسيح بدأ يجيب عن المسألة كتابيا وبنشاط ملحوظ ، فقلت في نفسي لعله (مذاكر كويس)، سألته كيف حل المسألة قال : الحل هو ما يلي : المسيح هو الرب المخلص ولد من عذراء مات على الصليب فداء عن البشر .
سألته : ما علاقة هذا بالسؤال ؟ وما دليلك على ما تقول؟
أجاب : إقرأ العهد القديم والعهد الجديد؟.
قلت : هناك كتاب آخر اسمه القرآن كذب ما تدعون، وما أدراك أن كتابك هو الذي على صواب؟ لم لا يكون القرآن هو الذي يتضمن الحق؟
أجاب عبد المسيح : العهد الجديد يقول ذلك ، والعهد القديم فيه تلميحات بذلك.
أجبته : هذه مسألة عقلية خالصة لا تحتاج مني الاستعانة بصديق ولا الرجوع إلى العهد الجديد أو العهد الحجري، سأستعين بمنطق الحكمة للوصول إلى الحق ، فالحق يمكن معرفته بإحسان استخدام العقل.
توكلت على الله وبدأت التفكير في هذه المسألة فاهتديت إلى الآتي :
المسألة تتحدث عن خلق إنسان من غير أب ، والمخلوق روح من أمر الله، فلو كان الله قد ضرب لنا مثلا لخلق الإنسان فإن الروح تعني الحياة ، لأن الحياة مرتبطة بالروح ، فمن الحكمة أن يأتي المثل بالشيء والمتعلق به ، فكان الروح هو عيسى والمتعلق به هو الحياة وكان يحيى هو العنصر الذي يرمز إلى الحياة.
وحيث أن الروح = الحياة ، وعلامة ( = ) تعني : تماثل، فإن :
المسيح (الروح) يماثل(يشبه) يحيى (الحياة).

إذا قمنا بتحويل العلاقة بين الروح والحياة في كل الحالات المفترضة إلى معادلات رياضية فهل سيكون يحيى والمسيح متشابهين في كل الحالات المفترضة(الميلاد والموت والبعث)؟
نبدأ بالمعادلة الأولى:
1) وجود الروح = وجود الحياة.
نستبدل الكلمات بقيمها فنحصل على ما يلي :
(وجود ) نستبدلها ب (ميلاد) .
(الروح ) نستبدلها ب (المسيح).
( = ) نستبدلها ب (يشبه أو يماثل).
(الحياة) نستبدلها ب (يحيى).

لنضع الآن المعادلة من جديد ثم نضع تحتها تحويلها إلى معانيها.

1) - وجود الروح = وجود الحياة.
- ميلاد المسيح يشبه ميلاد يحيى.

المعادلة الثانية:
2) - عدم وجود الروح = عدم وجود الحياة.
- موت المسيح يشبه موت يحيى.

المعادلة الثالثة :
3) - إعادة الروح = إعادة الحياة.
- بعث المسيح يشبه بعث يحيى.

وهكذا توصلنا إلى الحق بالحكمة التي تستيقنها الأنفس بدون الرجوع إلى أي كتاب مقدس.
هل حصل ذلك واقعيا ؟
نعم ، التاريخ البشري سجل ذلك.
أي الكتب السماوية أشار إلى تشابه المسيح مع يحيى في ميلاده وفي موته وفي بعثه حيا؟

القرآن أشار إلى ذلك ، فبالإضافة إلى الإشارة إلى تشابه المسيح مع يحيى في موته حين قال : وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ) أي أنه موت شبيه بالقتل ولكنه ليس قتلا ، نستنبط منه أن يحيى مات قتلا، بالإضافة إلى هذا فإن الإشارة إلى تشابه المسيح مع يحيى في ميلاده وفي موته وفي بعثه حيا جاء في سورة مريم :
قال تعالى عن يحيى : وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا.

وقال عن عيسى على لسانه : وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا.

لاحظ أن التشابه بين يحيى وعيسى لم يكن تطابقا بحيث تكون كيفية ميلاد المسيح هي نفسها كيفية ميلاد يحيى ... ولكن تشابها في النتيجة وليس في الكيفية يتجلى ذلك في كلمة (سلام) حيث جاءت نكرة
في يحيى أما المسيح فجاءت معرفة بأل (مطلقة) :
سلام على يحيى <=====> السلام على المسيح.

أنتظر منك يا عبد المسيح أن تثبت لنا عقليا ومنطقيا كيف فهمت أن الله تجسد في المسيح وصلب من أجلكم ، وما علاقته بيحيى وبقتله بدون الرجوع إلى كتابك المقدس.

مع تحياتي