الطقس السيئ «يتضامن» مع الأمن لتقليص محاولات تجمهر المصريين
القاهرة - أمينة خيري الحياة - 07/04/08//


احد شوارع القاهرة خلال العاصفة الرملية امس. (ا ف ب)
أصوات آلات التنبيه المعتادة في مثل هذه الساعة المبكرة من الصباح كادت تختفي تماماً. حركة السير في أفضل حالاتها، العقد المرورية المعتادة لا وجود لها، والرحلة التي تستغرق في الأيام العادية ساعة وأكثر استغرقت 20 دقيقة. التجمهر الوحيد الذي شهده سكان القاهرة كان من قبل جنود الأمن المركزي المحتشدين في الشارع تحسباً لأي خروقات أمنية، بالإضافة إلى الكثيرين من أفراد الأمن باللباس المدني.

الدعوة إلى الإضراب العام في مصر يوم أمس والتي اتخذت طابعاً سياسياً، ولّدت ردود فعل وتصرفات متباينة. فعلى الرغم من اختلاف مواقف المصريين تجاه فكرة الإضراب نفسه، إلا أن حالة الخوف من النزول إلى الشارع تمكنت من كثيرين. حميّة المكالمات الهاتفية التي شملت معظم البيوت المصرية ليلة الإضراب عكست قدراً كبيراً من التخبط في كيفية التعامل مع الموقف، لا سيما بين الأسر التي لديها أطفال في المدارس. الأطفال أنفسهم كانوا سعداء بالفكرة التي وجد بعضهم فيها فرصة ذهبية للإضراب عن دروس بعينها. أحمد (13 عاماً) والذي أسس وزملاؤه حركة أطلقوا عليها «لا للدراسات الاجتماعية» قرر أن يقاطع حصة الدراسات للتعبير عن موقفه من هذه المادة الصعبة، وهو القرار الذي عجز عن تفعيله ليس بسبب ضغوط جنود الأمن المركزي أو قوات مكافحة الشغب ولكن بسبب تهديد مديرة المدرسة له باستدعاء ولي أمره.

وعلى رغم تأكيد وزير التربية والتعليم المصري الدكتور يسري الجمل على انتظام الدراسة في المدارس، ورغم التقارير الرسمية المؤكدة على انتظام الدراسة في جميع المدارس والجامعات على مستوى مصر، إلا أن واقع الحال أكد أن الانتظام اقتصر على من اضطروا للتوجه إلى مدارسهم وكلياتهم بسبب الامتحانات، كما أن نسبة الغياب في المدارس كانت مرتفعة للغاية، ووصلت إلى نحو 50 في المئة في بعضها.

حالة الشك والحذر التي انتابت الجميع، سواء من التزموا بيوتهم أو توجهوا إلى أعمالهم، قابلتها حالة إعلامية رسمية من السعادة والنشوة، إذ بدأ التلفزيون المصري برنامجه الصباحي «صباح الخير يا مصر» بابتسامات عريضة من المذيعين والمذيعات الذين أسهبوا في التغزل في جمال مصر، وأصالة ناسها، وتعقّلهم في التعامل مع النداءات المغرضة، والطقس الجميل، وذلك رغم العاصفة الترابية الشديدة المصحوبة بدرجة حرارة مرتفعة وغيوم منعت الرؤية حتى في داخل العاصمة. إلا أن رؤية رجال الأمن لم تتأثر بالأتربة الشديدة، بل العكس هو الصحيح، إذ نشطت موجات التفتيش للمواطنين، لا سيما في مواقع عدة في وسط العاصمة مثل ميدان التحرير والذي كان مقرراً أن يكون نقطة انطلاق رئيسة لإحدى المسيرات. كما نشطت موجات اعتقال في نقطة الالتقاء المقررة في الجيزة حيث تم القبض على عدد من ناشطي حركة «كفاية» إحدى الجهات الداعية إلى الإضراب.

جهود الأمن التطويقية أبلت بلاء حسناً في إجهاض محاولات التجمع والتجمهر بغرض التظاهر، وهي الجهود التي سبقتها مناوشات أخرى لبثّ روح الارتباك بين إحدى أبرز الجهات المنظمة للإضراب، ألا وهي جماعة المدوّنين وناشطي الـ «فيس بوك». فقد احتجز الأمن عدداً من ناشطي الإنترنت من المعروفين بنشاطهم التظاهري السابق.

ونقلت وكالة «رويترز» عن شهود ومصادر أمنية إن أكثر من 100 شخص أصيبوا في اشتباكات بين قوات الأمن ومتظاهرين في مدينة المحلة الكبرى شمالي القاهرة. وقال شاهد إن الشرطة أطلقت أعيرة مطاطية وقنابل الغاز لتفريق مئات العمال.

وعلى الرغم من أن الغاية من هذا اليوم كان «الإضراب» إلا أن مخاوف المواطن ورجل الأمن على حد سواء تمحورت حول «التظاهر»، وإن كان ذلك لسببين مختلفين، فالأول خاف من أن يندسّ مخربون في التظاهرات وما قد ينتج عن ذلك من محاولات تخريبية للأملاك الخاصة، والأخير خشي أن تنتج التظاهرات إخلالاً بالمعايير الأمنية المنصوص عليها. وسواء كانت هناك نية للتظاهر أو لم تكن، فقد تضامن الطقس مع الأمن وأعلن غضبه مانعاً الكثيرين من النزول إلى الشارع ومبقياً إياهم في البيت، وهو ما كان ترجمة فعلية، وإن لم تكن مقصودة لشعار الدعوة إلى الإضراب «ما تروحش الشغل، خلّيك في البيت».