العزيز تروتسكي
محبة و سلام

أتظنني حالم ؟
أتظنني طوباوي ؟
أتظن ان طموحي هذا لا يصمد أمام النقد ؟

لا يا عزيزي لست طوباويا .. أعتبر نفسي براجماتيا جدا في السياسة بالذات.
أنا لم أقل أن هذا ما سيحدث.
أنا لم أقل أن كل تلك الفئات و الطوائف و الألوان المتباينة ستتحد في مواجهة نظام ديكتاتوري شمولي تآكل.
أنا لم أقل أن هذا سيحدث لتقول لي أنني طوباوي.
أو ساذج.
بل قلت دعينا نفعل .. دعينا نتمسك بما هو مشترك بيننا.
قلت دعينا و لم أقل أن هذا هو ما سيحدث .. و الفارق واحد.
أنا أرى إن إتحاد جميع الألوان السياسية هو الذي سيولد قوة تستطيع مواجهة بنادق و مسدسات مباحث امن الدولة المصرية ذو الشهرة العالمية.
لو كنت مصريا لعرفت ما هي مباحث أمن الدولة ..
و لعرفت أن الشيوعيين وحدهم أو حتى كل الإشتراكيين وحدهم لن يستطيعوا مواجهة عتاولة مباحث أمن الدولة.
الإخوان المسلمين لم يستطيعوا .. بل أن الجماعات الإسلامية كلها مجتمعة لم تستطع.
أنظر كيف كان الإسلام السياسي يستطيع ان يصل إلي الشارع و رجل الشارع عن طريق الدين.
عن طريق كل مسجد و كل زاوية في حارة.
عن طريق خطب الجمعة ..
عن طريق التمويل الهائل من دول النفط ..
عن طريق السلاح الرهيب الذي كان يأتيهم من الخارج.
عن طريق ترك الدولة بكل مؤسساتها لهم ليمرحوا فيها ... و مع ذلك.
و مع ذلك أنظر إلي المنتصر الآن.
لقد كانت الجماعات الإسلامية أقوياء أيدلوجيا و مؤسساتيا و تسليحا و تمويلا و مع ذلك إستطاعت الحكومة تحجيمها.
ماذا ستفعل مع الشيوعيين ؟
ما الذي تستطيع أن تفعله ؟
كم شيوعيا تظن يحيا على أرض مصر ؟
بل كم يساري ؟
الحق أقول لك أننا إن لم نتحد جميعا .. مصر بكل فئاتها و أطيافها السياسية لن نستطيع إسقاط ذبابة و لسنا أغلى من أيمن نور أو الصحاري على الحكم.
و السجون قد تسع ألف شيوعي و يساري آخر بجانب الإسلاميين و لكنها لن تسع مصر كلها.
قد تسع الليبراليين فقط أو اليساريين أو الإسلاميين و لكنها لن تستطيع أن تسع الجميع.
قد تسع السجون فئة و تقتل رصاصاتهم فئة أخرى و لكن ستتبقى فئة ثالثة لن يستطيعوا صدها.
كلما زاد عددنا كلما زادت إحتمالات النجاح.
كلما إتحدنا اكثر كلما صرنا أقوى و أبقى ..
علينا ان نعمل في المساحة المشتركة بيننا و ليس العمل كل في عالمه.
الإتحاد في القضايا المشتركة أفضل من العمل الفردي بالتأكيد.

أما عن الشيوعيين أمثالك و الإسلاميين أمثال عقاب فهؤلاء حالهم صعب جدا.
الشيوعيين جاءوا للحكم في أوربا الشرقية بالديموقراطية فلم يغادروها.
في روسيا القيصرية قامت الثورة الشعبية الحمراء .. حقا كانت شعبية و لكنها لم تتخل عن الحكم أبدا و سحقت التعددية سحقا.
و هكذا إيران .. كانت الثورة على محمد رضا بهلوي هي ثورة فعلا و شعبية فعلا.
و لكن ثورة أتتي بحكومة ديكتاتورية شمولية ثيوقراطية رجعية متخلفة ..
الإسلاميين و الشيوعيين قد يخضعوا لصناديق الإنتخابات حتى تأتي بهم للحكم.
هاتي الفئتين عادة هم اكثر من ينتقد الديكتاتورية و أشجع و أجرأ من يتحداها و يجابهها.
و لكن ...
هم أول من يرفض ان يلعب بقواعد الديموقراطية بمجرد أن يستهلكها ليصل إلي الحكم .. و التاريخ يشهد على هاتين الفئتين.
التاريخ يشهد ...
أذكر لي دولة واحدة قام بها إنقلاب أو ثورة شعبية يسارية و إحتفظت بديموقراطية بعدها.
أذكر لي دولة واحدة اتت بإسلامويين للحكم و إحتفظت بالديموقراطية بعدها.

للأسف هذين التيارين الأيدلوجيين لهم أيدلوجية مكفرة للنظام و لهم أيدلوجية مقدسة.
فقط الشيوعيين أفضل في مقاعد المعارضة ..
لو أن للشيوعيين مقاعد كافية في المعارضة ستستطيع أن تحجم التهور الرأسمالي في الحكم أما لو حكموا فعلى الدنيا السلام.
الشرعية البروليتارية تبيح كل شئ ... من التأميمات و رفض التعددية و ليس إنتهاءا بالإعتقال و التعذيب.
الناصريين كانوا كذلك ..
و الخومينيين كانوا ايضا ..
طبعا لا أستطيع أن اساوي بين الشيوعيين و الإسلاميين ... و لكن الفئتين متعصبتان جدا و رافضتان دائما للنظام القائم.
في الواقع إن الفارق بين جدول اعمال الفئتين لا يكاد يذكر ..
الأيدلوجية تختلف و المقدسات تختلف و لكن الشيوعيين علمانيين ملحدين و يهاجمون الأيدلوجيات الدينية بعنف.
********* في الواقع انتم على طرفي النقيض *************
طبعا ستقول لي لماذا تريد التعاون مادمت ترانا بهذا السوء ؟
أقولك ..
الشباب الشيوعي شديد الحماسة و الجرأة و الغيرة الوطنية والشجاعة و الجرأة.
الشيوعيين قادرون على أن يقفوا في مواجهة دولة باطشة و امة شديدة التديين و القول لا للجكم الديني للشعب كله و القول لا للحكم الديكتاتوري الشمولي ..
أي شجاعة تلك ؟!!!
أكثر ما يتميز به الشيوعيين هو أنهم يعملون و هم يعلمون انهم بلا معين أو صديق او حليف.
لا الشعب يفهمهم أو يقبلهم .. ولا النظام يترك لهم مساحة.
هم فقط لا يستمدون قوة إلا من عزيمتهم و صدق إيمانهم بأيلدوجيتهم.
الماركسية في الواقع هي دين آخر.
دين لديه تفسيره لتطور الإنسانية عبر الزمان على أساس أن الإقتصاد هو محرك التاريخ.
و الإسلام كذلك .. الله هو محرك التاريخ.
في الواقع الإقتصاد هو بديل الله في العقيدة الماركسية .. و لكنه ليس الإنسان على كل حال.
صحيح أنه بتأليه الإقتصاد يحاول المجتمع بقوة .. بكل قوة للنهوض إقتصاديا بل بجنون في الواقع.
و هي ميزة لولا أنه تسحق الإنسان كترس صغير في آلة كبيرة.
و ستالين يشهد.
لن اتكلم عن مذابحه ولا مذابح لينين ليس للمعارضين فقط بل حتى للفلاحين كمثال الذين رفضوا المزارع الجماعية.
لا تستطيع ان تجادل ان للينين و ستالين فظائع و الأخير بالذات هو الأكثر شهرة في هذا المجال.
و طبعا الماركسيين لهم نظام خاص بهم كالإسلاميين.
و لهم عقيدة مقدسة ينكل بمعارضها لو كان له وجود .. الشيوعية / الإسلام.

هناك فرق واحد بين الأيدلوجيتين و هو لصالح الماركسية.
الماركسية عقيدة تأتي بالإقتناع و القبول .. و المنطق و تقبل العلوم.
الإسلام عقيدة تأت بالإجبار و السيف .. أو تأت بالتسليم الكامل للعقيدة حتى بغض النظر عن العقل.

و لأن هذا ليس فارقا هينا فهو فارق مؤثر.
لا يمكن أن يأت لك شخصا شيوعيا و يقول لك و هو يمسك سيفا : قل لا نبي إلا ماركس و لا أيدلوجية إلا الشيوعية و إلا ستموت.
لكن المسلمون فعلوها عبر التاريخ.
و لكنه قد يمسك مسدسا ليحاول القيام بإنقلاب ليأت به للسلطة ... هو لا يهدد المواطن العادي إلا حين يمسك بالحكم بسياساته الشمولية, فيما عدا ذلك هو شخص محترم و مثقف و عاقل و علمي و رومانسي جدا.
أرى الشيوعية حلم شديد الرومانسية يحلم بالمساواة لكل الناس ..
هو حلم الفلاحين و العمال في حياة كريمة .. مرة واحدة.
هو حلم البروليتاريا في المعارضة .. و كابوسها في الحكم.

عيب الشيوعية الأوحد الوحيد .. هو رفضها للديموقراطية الغربية.
فيما عدا ذلك هي أيدلوجية رومانسية (كما قلت) و عقلانية و علمية و محترمة.
على الاقل قامت على يد علماء و باحثين و ليس على يد نبي أمي.
هي ترفع من قيمة العلم و العلماء .. و التاريخ يشهد.

ما علينا.
طولت عليكم كالعادة.

بس الفكرة اللي بقولها هو إن الوطنيين يستطيعون الإتحاد لو قبلوا بشئ واحد.
واحد فقط.
....

الديموقراطية.
الحكم للشعب.
الإحتكام لصناديق الإنتاخبات للأبد .. و ليس حتى يأت احدهم للحكم.

هو ثابت واحد و مقدس وحيد.
ليس أقل منه و لا أكثر منه.
فلا يمكن أن يكون الأرضية المشتركة بيننا هو الديموقراطية و الإشتراكية مثلا.
كلنا نقبل اللعبة الديموقراطية و لكن لسنا كلنا إشتراكيين.
و لا يمكن ان نتفق الديموقراطية و الإسلام مثلا ..
فقد هي الديموقراطية التي نتفق عليها.
و فقط.
فلنلتزم بما نتفق عليه خطابا و منهجا ..
و لتكن مطالبنا بالديموقراطية هي مطالبنا جميعا ... لان المطالب بالديموقراطية و الإشتراكية معا ليست مطلبنا جميعا.
دعونا نتفق بالله عليكم أو و حق الوطن.
دعونا نتفق على الأسس و نختلف بعد ذلك.
خطاب روزا و تروتسكي يجب ان يتمسكا بالوطن و حرية شعبة و يكون موجها لكل الوطنيين حتى المختلفين معهم.
و كونوا براجماتيين و تخلوا عن أيدلوجياتكم قليلا من أجل الإتحاد.
فلنتحد من أجل الوطن .. من أجل مصر .. من أجل أن نتخلص من نظام و صاحب نظام نتفق جميعا على مقت و مقت ديكتاوريته.
كونوا أذكى من ذلك.

و تحية مصرية للجميع.