الزحمة التي يتحدث عنها نيوترال ، والتي يذهب ضحيتها الإنسان العربي وتنسحق فيها كل القيم الأخلاقية والروح التعاونية للمجتمع لتحل محلها نزعة خلاص فردية ، ليست نتيجة زيادة عدد السكان كما قد يتصور البعض ، بل هي نتيجة طبيعية للفساد والمحسوبية والتي يكون نتيجتها وصول بهايم وأناس لا كفاءة لديهم في أكثر موقع صناعة القرار حساسية مما يؤدي انعدام وجود قيادة حقيقية ولديها اتصال مع الناس ناهيك عن قيادات تمتلك خيال وأفق وتفكر في حل أبسط المشكلات التي يواجهها الانسان العادي كل يوم في حياته.

هذه الفئة الفاشلة من القيادات لدينا إلى الآن أجدهم عاجزين عن استيعاب فكرة أن للمدينة أي مدينة في العالم طاقة استيعابية محددة من حيث قدرة شبكات الطرق على استيعاب السيارات ومن حيث الطاقة القصوى لشبكات الصرف الصحي والمياه والكهرباء ، والكثافة العمرانية ودرجة التركز السكاني. وأن أي زيادة في هذه الطاقة الاستيعابية سوف تخلق للمجتمع مشاكل مثل الاختناق المروري والضجيج والتلوث وتردي الخدمات ومشاكل نفسيه واجتماعية واقتصادية لا حصر لها ، إلى الآن لا يفهم هؤلاء أنه يجب وقف البناء في هذه المدن الكبرى بقوة القانون وإجبار الناس على بناء مدن جديدة وحديثة.

في عمان نعيش في فصل الصيف أزمة اختناق مروري فظيعة بسبب عودة المغتربين والسياح القادمين من الخليج ، في صيف العام الماضي سافر مهندس لدينا في مهمة إلى مدينة شنغهاي في الصين ، المفاجأة التي جاءني بها أنه كان يتوقع وجود أزمة مرورية أسوأ من الأردن لأنه كان يعتقد مثل الكثيرين هنا أن عدد السكان هو الذي يصنع الأزمة لكن ما رآه أدهشه حيث الطرق سالكة والانسياب بحركة السير لا يقارن بما عليه الحال في عمان