{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 3 صوت - 5 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
كيف ترى العالم خلال ال 50 سنة القادمة ؟.
بهجت غير متصل
الحرية قدرنا.
*****

المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
مشاركة: #93
كيف ترى العالم خلال ال 50 سنة القادمة ؟.

مستقبل الدين .

"إن المستقبل أبعد ما يمكن أن يفرز نموذجا موحدا للدين ، و لكنه سيدفع التدين إلى اتجاهين متضادين."


تمهيد .

تدل كل قياسات الرأي العام أن متبعي الأديان التقليدية يتقلصون بشكل مطرد في الدول المتقدمة خاصة في أوروبا ، فعلى سبيل المثال كانت نسبة المؤمنين في ألمانيا حوالي 66 % عام 1982 ، انخفضت إلى 33 % عام 2004 ، و بالتالي وفقا للمنحى السائد منذ نهاية القرن ال20 من المتوقع ألا تزيد نسبة المؤمنين في شعوب مثل الألمانية أو الفرنسية عن 15-20 % في عام 2025 بينما ستكون النسبة أدنى في شعوب الشمال مثل السويد أو حتى هولندا ، و ستكون النسبة متدنية للغاية عام 2050 ربما لا تتجاوز 5-10 % في معظم الشعوب الأوروبية ، بناء على ذلك فمن المنطقي أن نتوقع أن يضمحل الدين و يفقد تأثيره باستمرار حتى يختفي في لحظة تاريخية ما نتيجة الصراع بين الليبرالية و الدين ، و لكن هذا لن يحدث خلال ال30 وربما ال50 سنة القادمة وفقا للزاوية التي استشرف منها المستقبل لأسباب متنوعة و متناقضة ، فالتغيرات المستقبلية الحادة كما أرى سوف تعمل في اتجاهين متناقضين : فهي تضعف التدين التقليدي من جانب ،و لكنها ستخلق طلبا على روح التدين من جانب آخر .

و حتى لا يكون هناك أي غموض نؤكد أن ذلك لن يكون نكوصا عن روح العلمانية ، فالدين سيظل قضية شخصية و ستبقى تلك هي الفكرة المحورية في ثقافة القرن 21 ، وهذا يعني بوضوح لا يقبل أي ظلال أن الدين سيفقد وضعه العام كلية ، هذا الموقف لا يعني إلغاء الدين بالضرورة ، و لكنه يعني فرض حظر تام على اعتماد الأديان كأساس للممارسة السياسية أو مرجعية اجتماعية و ثقافية سوى في بعض المجتمعات المارقة التي ستكون معادية للبشرية .
أما لماذا نستبعد فرضية إنتهاء دور الأديان في الحضارة الإنسانية خلال السنوات 50 القادمة فلأسباب :
في المركز من المجتمع المعولم تقبع المجتمعات الغنية ، حيث سيتزايد الوعي بأن تصدر المكون المادي في الحياة لن يحل كثيرا من القضايا ذات الإجابات المتنوعة ، وهنا يبدوا دور الدين و الفلسفة مطلوبا و ضروريا ( كثيرون يرون أن هذا الدور سيظل مقصورا على الفلسفة دون الدين ) . هذا معناه أن على الفلسفة و ربما الدين أيضا – كتراث أخلاقي و ليس كمطلق تقديسي - أن يخاطبا الإنسان العادي مباشرة ، إن المجتمع الأغنى و الأكثر ثقافة هو المجتمع الذي يميل بشكل متزايد للتفكير بعمق فيما يفعله ، مثل هذه المجتمعات ستستدعي روح التدين و الفلسفة مرة أخرى و سيكون عليهما المساهمة بدور قيادي في البحث عن هياكل ثقافية و إجتماعية بديلا عن الهياكل المركزية القديمة مثل الأسرة و الأخلاق و دين القداسة القديم ، كذلك سيكونان ضروريين لإجراء الحسابات الأخلاقية بالغة التعقيد و الغير مسبوقة التي يفرضها التقدم : مثل الاستنساخ البشري و الموازنة بين الصناعة و البيئة و التضحية بسلالات بشرية بذاتها لصالح البشرية كنوع و المفاضلة بين قيم الحرية و العدل ... الخ .
أما في المحيط فمازالت الأنماط الثقافية الغربية سائدة بل و ستزدهر نتيجة لتفجر العولمة الثقافية ، و بينما يرى الغرب في تلك الأنماط تقدما و قيما أخلاقية فهناك من سيراها -خارج الغرب - مجرد غزوا ثقافيا و امتدادا للهيمنة السياسية والاقتصادية للإمبرياليين الغربيين ، و لأن المستقبل لن يكون ملائما للجميع خاصة للفقراء ، و لأن خطط التنمية قد تفشل في الاستجابة لصدمة المستقبل و تحدياته ، كما نلمس في بعض المجتمعات العربية بالفعل ،فإن الدين الذي يرتبط بروابط قوية بثقافات الجماعات المحلية يتم استدعاؤه لملء الفراغ ،و هكذا يجري التعبير عن المصاعب الإقتصادية خلال الخطاب الديني ، في هذه الحالة يقوم المجتمع بالعودة إلى الرؤية التقليدية التراثية للدين ، هذا الخيار المحافظ هو الذي يعيد إنتاج الدين الأصولي ويدفع به إلى مكان الصدارة على الأطراف في مجتمع المستقبل كظاهرة طبيعية !.
إن استمرار تلك الظاهرة سيتناقض بشدة مع آليات التقدم المحبذة للتمايز الوظيفي و ليس الإقليمي ،و لكن الأصولية تطور نفسها دائما و بهذا يمكنها أن تقاوم لزمن ما تكبح خلاله مد التحديث في بعض المناطق انتظارا لتداعي مجتمع المستقبل ذاته مثل أي مجتمع تاريخي آخر، والأصولية في ذلك تلجأ لمختلف حيل البقاء مرتدية أقنعة لقضايا حقيقية مختلفة مثل العدل الاقتصادي و الضيم التاريخي .
إن المستقبل أبعد ما يمكن أن يفرز نموذجا موحدا للدين ، و لكنه سيدفع التدين إلى اتجاهين متضادين ، أحدهما هو نتيجة التفاعل الإيجابي مع قيم المستقبل و يمكن أن نطلق عليه النموذج الهيوماني أو الليبرالي ،و الثاني هو رد فعل عكسي على ضغوط (أو صدمة) المستقبل و يتميز بالارتداد إلى الجذور و يمكن أن نطلق عليه النموذج الإنتكاسي أو الأصولي .

أولا : النموذج الهيوماني .
أهم ملامح هذا النموذج هي :
1. الاعتراف بالخبرات الروحية المخالفة ، كما أن قادة الدين يرون احتمالات الخلاص و التنوير في تراثهم و لدى الآخرين أيضا ، هذه القيادات تعلم أنها لا تملك الحقيقة المطلقة ،و لكنها تحاول استيعاب التوجيهات الرشيدة لنخب الديانات و الفلسفات العالمية الكبرى ، وهي لا تقدم ثقافة أو ديانة بذاتها كحقيقة مطلقة أو مفصحة لإرادة الله و مشيئته .
2. توجيه جهود المؤسسات الدينية لتقديم الخدمات المساعدة و الاهتمام بأحداث الحياة الهامة والاحتفاء بالنجاحات البشرية و بالشفاء الروحي و تقديس حق البشر في السعادة .
3. الدعوة إلى الإله باعتباره إلها خيرا خدوما ،و قدوة أخلاقية للبشر يحاكيه الناس في علاقاتهم ، إن إله المستقبل الليبرالي لن يكون عبوسا ولا متطلبا بل ليبراليا متسامحا و مرشدا هاديا لأبنائه .
4. النظر إلى الشر باعتباره نقيصة أخلاقية سلبية من الواجب سدها ،و ليس وجودا إيجابيا يجب القضاء عليه في الآخرين الذين يجسدون الشر ، أي أن مواجهة الشر يتم خلال تحرير الأشرار من شرورهم !.
5. ينصب اهتمام زعماء الدين و قادته على قضايا السلام و العدل و المساواة و العمل من أجل استمتاع المحرومين بفوائد المؤسسات الحديثة .

ثانيا : النموذج الأصولي ( الإنتكاسي ) .
النموذج الأصولي الإنتكاسي ليس مرتبطا بدين دون آخر ، و لكن ينتظر أن يختفي هذا النموذج من العالم باستثناء الحركات الإسلامية الأصولية ، التي ينتظر أن تستمر على الأقل خلال 20 أو 30 سنة القادمة ،و مثلها حركات أكثر محلية مثل الأصولية اليهودية في فلسطين،ومن أهم ملامح هذا النموذج .

1- العودة إلى الرؤية التقليدية للمقدس كرد فعل على حركة المجتمع الذي يتحرك في اتجاه مخالف للموروث القيمي و الثقافي ، لذا فالنموذج الأصولي أكثر انسجاما مع روح التقديس ، و لكنه سيكون في صراع عنيف مع الاتجاهات السائدة في البنية الاجتماعية العالمية .
2- إحياء الماضي و العودة إلى الطرق التقليدية لتمكين الدين من أن يكون المرجعية المعرفية و أداة نقل عناصر المعلومات الرئيسية ، مع ما يصاحب ذلك من عودة الخطاب الثقافي السلفي و ظهور الرموز التراثية مثل الشياطين و الملائكة و القطيعة المعرفية مع الحضارة ، كما هو الحال في السعودية و إيران الآن .
3- التركيز الكبير على مجموعة القوانين الخاصة بثقافة ما (مثل الإسلام السني أو اليهودية ) باعتبارها وحدها المفصحة عن المشيئة الإلهية ، و محاولة المحافظة على المعايير الدينية عن طريق التشريع ، و التأكيد على ضرورة جعل المعايير و القيم الدينية ملزمة بشكل جماعي و تجاوزها لاختيار الأفراد .
4- التعبئة السياسية في خدمة العقيدة الدينية ، و السعي إلى السيطرة المطلقة على إقليم محدود تسوده ثقافة محددة و عزله ثم السيطرة على التعددية الثقافية فيه ، كما حدث تحديدا في إيران و السودان و يحدث في فلسطين و هناك محاولات قوية في مصر حاليا ، هذا الإتجاه يمكن أن يستمر مسببا تخريبا تاما لمجتمعات إسلامية بأكملها .
5- تقسيم تقريبي للعالم إلى نحن وهم .. إلى فسطاط الإيمان و فسطاط الكفر و جند الله و جند الشيطان ، و الاستعانة بالتمايز الطائفي و الإقليمي داخل النسق السياسي العالمي ،و التأكيد على تضامن الجماعة .
6- فهم القداسة الدينية أنها تطبيق المتلازمات الدينية للبنى الاجتماعية الماضية على مختلف تقسيمات الحاضر ، مثل نظام الأسرة متعدد الزوجات و ... .
7- محاولة دفع النسق الديني و قيمه إلى مكان الصدارة بين المجالات الوظيفية المتعددة ،و بالتالي السعي إلى محو تمايز العديد من المجالات الوظيفية مثل الأسرة و السياسة و التعليم لصالح هيمنة النسق الديني كما هو حادث في إيران و السعودية و مصر . .

هل يمكن أن يتعايش الإسلام مع العالم في المستقبل أم أن التصادم حتمي ، وما هو مستقبل الأصولية الإسلامية في القرن 21 ؟.
هذا هو ما سنحاول استعراضه في المداخلة القادمة

(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 04-12-2008, 02:31 AM بواسطة بهجت.)
04-12-2008, 02:20 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
كيف ترى العالم خلال ال 50 سنة القادمة ؟. - بواسطة بهجت - 04-12-2008, 02:20 AM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  بروفيسور مصري يعمل في جامعة ميونخ يتوقع انهيار العالم الاسلامي خلال 30 عاما SH4EVER 53 13,353 10-18-2011, 11:40 AM
آخر رد: فلسطيني كنعاني
  الحرب القادمة قريبا أرمـانـد 4 2,201 08-02-2010, 10:18 PM
آخر رد: علي هلال
  القضايا الإسرائيلية العالقة وتحديات الحكومة القادمة أبو ليلى الدمشقي 1 954 01-23-2009, 01:05 PM
آخر رد: أبو ليلى الدمشقي
  اليومان الفاصلان في الانتخابات الإسرائيلية القادمة أبو ليلى الدمشقي 2 1,039 01-11-2009, 01:41 AM
آخر رد: rami111yousef
  هل سيحتل حزب الله غرب بيروت كما احتلت حماس غزة خلال الأيام المقبلة ??? بسام الخوري 59 9,361 05-20-2008, 01:11 PM
آخر رد: بسام الخوري

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS