Array
الجيل الفاشل يزعجه جدا أى نجاح يحققه أى جيل يأتى بعده لأن هذا النجاح بيفضحهم ويعريهم أمام أنفسهم وأمام الأخرين ويبدد كل الحجج والذرائع التى يعللون بها فشلهم ولذلك وبشكل لاشعورى ولا إرادى يحاولون القضاء على أى بارقة أمل لدى من يأتى بعدهم حتى لا يفضحوا وتتم تعريتهم وتستمر دائرة الفشل ولابد لأحد أن يكسر تلك الدائرة الجهنمية وإذا كان جيلنا لم يستطع كسرها فعلى الأقل لانقف عثرة فى طريق من يحاول ذلك.
[/quote]


اهلا نيوترال, لا اعرف لماذا كل هذا التقطيم والتنبيط رغم اني والله مشاركة في لجنة الإعاشة رغم رفضي للإضراب, لكن ماعلينا;

انا بالفعل فاقدة الأمل في قدرة المعارضة المصرية بحالتها الحالية على احداث أي تغيير. لكن مايحركني ليس شعوري بالفشل أو الإحباط رغم ان هذا الشعور موجود فعلا. دافعي في رفض اضراب القاهرة الفاشل والسخيف هو تمسكي ب"الأمل" الذي تطرحه التحركات الجماهيرية مؤخرا في تحقيق مكسب سياسي ولو بحجم عقلة الإصبع يكسر به المصريون دائرة النحس وليس العكس. اصبت بالأرتكارية من ذكر كفاية؟ نعم لأن هوس الناس بها لا يعبر إلا عن حالة الفراغ السياسي والنقابي في مصر ولأن البعض يعتقدون انها بديلا سياسيا رغم انها ليست كذلك. كفاية كانت اقرب لجبهة متحدة بين مايسمى بالقوى الوطنية من اجل مطالب محددة وهي منع التجديد والتوريث وفشلت في تحقيق مطالبها لأن القوى المشاركة بها اصلا ضعيفة جدا ولأنها فشلت في التحول لحركة جماهيرية وهذا أمر طبيعي لأنها حركة نخبوية وليست حزب سياسي له برنامج او مشروع محدد. حتى بإفتراض سلامة نية من يدعون انفسهم بقيادات الحركة وقليلين جدا منهم من هو جدير بالإحترام بالفعل, لا يمكن ان نطلب من حركة من هذا النوع أكثر مما تستطيع فعله في الحقيقة. كما أنه ليس من الفلاحة في شيء أن تغالط هذه الحركة نفسها وتدعي القدرة على القيام بإضراب عام ناجح بينما انحل عقد نشطاءها منذ عامين كاملين في الفراغ وموقعها على الخريطة السياسية يساوي صفر المونديال.

بغض النظر عن ظروف الدعوة للإضراب, والتي لم يعجبك ارتيابي فيها رغم قناعتي بأن انتشار دعاية الإضراب كانت حكومية جدا, ورغم ان الناس بقيت في بيوتها بوحي من التحذيرات الأمنية اصلا, فالإضراب هو عمل جماعي منظم لمجموعة من الناس لهم موقع محدد من العملية الإنتاجية يستطيعون من خلاله الضغط من أجل تحقيق مطالب جماعية محددة عن طريق التهديد بضرب مصالح الطبقة, او حتى الجهة التي يختصمها المضربين. هذه الشروط لم تتوافر في "الإضراب العام" الذي يتحدث عنه الجميع. بل ان الفكرة, منذ البداية, تاهت بين مبادرات مختلفة من ناس مختلفة منهم حركة كفاية التي وجدت في ظروف السخط العام فرصة للصعود الدعائي مرة أخرى. الدافع انتهازي جدا يانيوترال وفاشل سياسيا وانا هنا لا أحاول السفسطة أو المزايدة على أحد, عندما احاول امتطاء مبادرات الناس دون النظر للتأثير السيء لمحاولتي هذه على حركتهم فأنا هنا لست غبيا فقط, بل أنا مخرب أيضا. ورأيي هنا ليس غريب ولا تدفعني انهزاميتي للتغريد خارج السرب بقدر ما هي وجهة نظر للأحداث هناك الكثير, بالمناسبة, من الناشطين والمحللين يتفقون معها. أجمع كل من كانت له علاقة عملية بترتيبات الإضراب العمالي على أن هوجة 6 أبريل المفتعلة في القاهرة ساهمت بشكل مباشر في افشال اضراب عمال غزل المحلة وهو للمرة المليون من أهم الإضرابات التي كان من الممكن أن تحدث في مصر حاليا: لهم مطالب محددة خاصة بوضع حد أدنى للأجور في مصر كلها, تثبيت الأسعار, و11 مطلب آخر اتفق معهم عليه عمال مناطق مختلفة, منهم عمال كفر الدوار مثلا وكان هناك تنسيق بينهم وهذا أيضا أمر جديد تماما ومهم جدا لو أردنا الحديث عن مبادرات جماهيرية حقيقية تستطيع بالفعل هز النظام المصري او على الأقل إحراجه أوالضغط على نقاط ضعفه. لم يتسبب اضراب القاهرة, الوهمي, إلا في زيادة توحش السلطة التنفيذية في المحلة والبطش بالرصاص الحي والقنابل بأهل المدينة في رسالة واضحة من النظام بأن أي محاولة من هذا النوع ستقابل بعنف شديد بينما تم القبض على اعداد محدودة جدا منهم جورج اسحق واتهامه بالتحريض على اعمال عنف بل وإشعال حرائق المحلة اي تحضير لإتهامات لاحقة بالقتل, رغم انه ليس له اي علاقة بهذا الاضراب وغير معني إلا بمحاولة الكسب من وراءه بفتاكة المصريين المعتادة, ليهرع الجميع خلف هؤلاء الناشطين بينما لم يستطيعوا الوصول للمحلة من الأصل أو حتى حضور محاميين مع المتهمين هناك وهو الأمر الأهم. فشل اضراب المحلة وانطلقت الدعاية الحكومية لتصف التخريب والعنف من جانب الغوغاء والمندسين وتشوه الإضراب تماما وتضع عراقيل جديدة امام اي اضرابات محتملة أخرى بينما تفضل السيد الرئيس ب"منح" مكافأة قدرها شهر للعمال. زاد الطينة بلل, أن بعض الفصائل السياسية وجدت منفذا لتصفية حساباتها مع القيادات الطبيعية للإضراب واتهمتهم على صفحات الجرائد بالتخاذل والعمالة والنتيجة النهائية فشل الإضراب ورجوع العمال لنقطة ماقبل الصفر.
جزء من مشكلة المعارضة المصرية في رأيي, انها لم تخرج من الدائرة الدعائية حتى الآن. كما أن الخلافات بينهم لا تخرج عن الخلافات الأيديولوجية وليست متعلقة بالفعل السياسي لأن الجميع معزول ومبعد عن واقع الحياة السياسية وموقع إتخاذ القرار. هناك جزء اهم من العمل السياسي اسمه اختيار التكتيكات المناسبة لتحقيق مكاسب سياسية حقيقية في الواقع وهو مايفتقده الجميع إلا الإخوان بقدر معين والنظام في مصر. ولكي نعبر الى هذه المنطقة البعيدة جدا عنا علينا مبدئيا, بذل مجهود أكبر في محاولة قراءة الواقع بشكل أكثر نضجا من السائد على الساحة حاليا.

لماذا أشك في خلفيات الإضراب المزعوم؟؟ لأنه بجانب إفشال اضراب المحلة, النجاح الوحيد الذي حققه هو حملة دعائية شرسة ضد حكومة نظيف تشتمه بالإسم وبشكل سافر على صفحات الجرائد والقنوات الفضائية ويشارك فيها لواءات شرطة واسماء أمنية ذات وزن وبالفعل متوقع جدا الإطاحة بهذه الحكومة المعروف انها موالية لسياسات جمال مبارك ومشروعه. اي انها ضربة جديدة لمخطط التوريث من داخل السلطة نفسها, يزيد من حدتها أن مبارك ليس شابا في العشرين. اذا لم ترحمنا الطبيعة من خلقة اللي جابوه فالإنتخابات الرئاسية القادمة موعدها 2011 وهذا التاريخ ليس بعيدا. كما انه سير الأمور يدل على أن قرار التوريث ليس في يد مبارك فقط. هناك الجيش المرتبط عضويا بمراكز قوى لا يستهان بها والذي لن يرضى بمدني إلا بعد معركة حقيقية تنتهي بصيغة توافقية ما نحن خارج حساباتها ولا تشكل المعارضة المصرية ولا نقطة صغيرة في بحر توازناتها. وهناك ايضا رجال الأعمال الجدد الذين يعبر عنهم جمال مبارك والذين يرفضون مشاركة الحرس القديم في ارباحهم وينادون بفتح السوق تماما وتنظيف القوانين من مكتسبات الحقبة الناصرية والتخلص تماما من البروقراطية والاف المنتفعين معها. للدخول في هذه المعمعة تحتاج المعارضة لما هو اكثر بكثير من مجرد دعوة ذات طابع شعبوي على الانترنت يا نيوترال.

تعبت من الكتابة
تحياتي