{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
صفحات من مذكرات أكرم الحوراني
arfan غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,378
الانضمام: Nov 2004
مشاركة: #1
صفحات من مذكرات أكرم الحوراني
ـ 1 ـ

الوثيقة التي ننشرها اليوم مقتطفات من مذكرات الزعيم الوطني الراحل أكرم الحوراني ( 1911ـ 1996) الذي دفن في الأردن ولم تسمح سلطات النظام السوري بإدخال جثمانه.

في هذه الوثيقة ( المأخوذة من مذكراته : المجلد الرابع ، الصفحات 3491ـ 3514) يتحدث الحوراني عن ظروف مغادرته لبنان عشية الحرب الأهلية إلى بغداد ، ثم يعرض لخلافاته مع النظام العراقي ، وتحديدا صدام حسين ، على خلفية التدخل في شؤون المعارضة السورية و العمل على تجنيدها لأهداف النظام الأنانية الضيقة والمشاريع الأميركية ـ السعودية ... بعيدا عن ادعاءات البحث عن " دمقرطة " سوريا .

في هذا السياق يكشف الحوراني عن الظروف التي أحاطت بتشكيل " التجمع الوطني الديمقراطي " السوري و "دور المخابرات العراقية " في ذلك عبر نزار حمدون ( رئيس المكتب السوري ) ومسؤولين عراقيين آخرين . كما ويكشف الحوراني عن أن صدام حسين سحب قواته من الجبهة السورية فور وقف إطلاق النار على الجبهة المصرية بعد العبور في العام 1973 . ولا بد هنا من ملاحظة وهي أن الحوراني يرتكب هنا " هفوة " بسيطة ، ولكنها مهمة ، حين يشير إلى عدم إبلاغ النظام العراقي بساعة الصفر لشن الحرب من قبل سوريا ومصر . فقد كشف محمد حسنين هيكل مؤخرا عن أن النظام العراقي كان على علم مسبق بالحرب وساعة الصفر ، وقد أرسل له النظامان السوري والمصري مبعثوين إلى بغداد لإبلاغه بذلك قبل بدء الحرب .

يكشف الحوراني هنا أيضا عن علاقة " الأخوان المسلمين " السوريين بالمشروع الأميركي ـ السعودي بعد كامب ديفيد واتصالاتهم بواشنطن ، وكيف جاء اغتيالهم الخبراء السوفييت ، الذين كانوا يساعدون الجيش السوري ، ومذبحة " مدرسة المدفعية " ، في سياق هذه العلاقة ؛ وربما بأوامر مباشرة من واشنطن أو إسرائيل أو السعودية أو العراق أو كلها معا ! وربما ـ أيضا ـ باجتهاد منهم متساوق مع أنهم كانوا دوما يخوضون معاركهم السياسية والعسكرية مع " رموز الدولة " لا رموز السلطة !!

تبقى إشارة " تقنية " أخيرة وهي أننا عمدنا إلى وضع عناوين فرعية للنص بين قوسين كبيرين [..] ، وبألوان بنية تسهيلا على القارىء . وقد أخذ محتوى هذه العناوين من سياق النص.

والآن إلى نص أكرم الحوراني :

[ الظروف عشية حرب 1973 ، وموقف الحوراني من دعم حافظ الأسد في الحرب ، وموقف النظام العراقي ]



أكرم الحوراني
تركت لبنان الى العراق مع زوجتي وأولادي أواخر تشرين الأول 1973، فبالاضافة الى مضايقات أجهزة الأمن السورية ، لم أكن واثقا بأن محاولة الخطف السابقة لن تتكرر مرة أخرى مما كان يحد من حرية تصرفاتي، كما أن بوادر اضطراب الأمن في لبنان كانت قد بدأت باغتيال قادة المقاومة الثلاثة كمال ناصر وكمال عدوان ويوسف النجار الذي اغتيل مع زوجته، وكانت العمارة التي تم فيها الاغتيال قريبة جدا من سكني، وبينما كانت الصحف تتحدث عن اختفاء الأشخاص الذين تركوا السيارات التي استعملت في الاغتيال في منطقة الرمله البيضاء، كانت قوات الأمن اللبنانية تعتقل من العمارة المجاورة التي تطل شرفتها على منزلي عددا من الذين قالت الصحف انهم من الذين يشتبه بأنهم اشتركوا في عملية الاغتيال.

حلقات سابقة :

ـ بيان رئيس الوزراء الأسبق خالد العظم ، وتآمر الأخوان المسلمين مع البعثيين والناصريين على الديمقراطية

لم تكن عملية 11/4/1973 مقتصرة على مقتل قادة المقاومة، وانما هوجمت منطقة الأوزاعي ومنطقة صبرا وشاتيلا ومكتب الجبهة الشعبية وقالت الصحف ان ضحايا الهجوم يفوقون الثلاثين قتيلا ، بينما صرح ناطق اسرائيلي بأن القوات الاسرائيلية ضربت ثلاث قواعد للفدائيين في بيروت في دائرة قطرها 10كم كما ضربت قاعدة رابعة في صيدا.

أما رئيس الوزراء صائب سلام فقد صرح بأنه يعتقد أن المسؤولين الحقيقيين موجودون في صفوف الجيش بينما كان رئيس الجمهورية سليمان فرنجية يرفض هذا الاتهام.

كان كل ما في لبنان يشير الى بوادر الحرب الأهلية.

بعد قليل من سماع نبأ الحرب بين سورية ومصر واسرائيل ، ولم يكن قد مضى على وجودي في بغداد سوى ثلاثة أو أربعة أيام، حضرت اجتماعا في بيت السيد شبلي العيسمي، وكان آنذاك الأمين العام المساعد للقيادة القومية التي حضر أيضا بعض أعضائها، حيث كان الاتجاه العام نحو عدم دخول العراق الحرب الى جانب سورية ومصر، ولكن موقفي كان مغايرا لهذا التوجه بل هددت يومها بأنني سأنهي لجوئي إلى العراق وأعلن إدانتي لموقف القيادة القومية والنظام العراقي، وسأخرج متظاهرا في المظاهرات التي أتوقع حدوثها احتجاجا على عدم دخول العراق الحرب إلى جانب سورية ومصر.

لقد أدى موقفي هذا الى انتقادات من بعض اللاجئين السوريين ومن بعض اعضاء القيادة القومية وحتى من بعض رفاقنا كالمحامي المرحوم عبد الفتاح الزلط الذي كان أثيرا عند الرئيس أحمد حسن البكر، وكان التساؤل:

هل يجوز لجيش العراق أن يحارب الى جانب حافظ أسد؟

ألا يعتبر ذلك دعما لنظامه وخذلانا للمعارضة السورية المتواجدة في العراق؟

بعد ساعة من هذا الاجتماع زارني السيد منذر المطلق زوج احدى كريمات الرئيس أحمد حسن البكر بطلب منه ليستطلع رأيي حول دخول العراق الحرب الى جانب سورية ومصر اللتين بدأتاها دون أي تنسيق مع العراق أو إطلاعه على نيتهما دخولها، بل كان الأمر على العكس إذ اندلعت حرب إعلامية بين سورية والعراق وسط دهشة الناس الذين لم يروا لها سببا ظاهرا أو مبررا، ويبدو أن مبررها الوحيد الذي تبين بعد اندلاع حرب تشرين هو أن يبقى العراق خارج هذه الحرب مما يعرض نظامه لنقمة الشعب وإدانته وبالتالي لسقوطه.

قلت للسيد منذر المطلق:

قل للأخ الرئيس البكر ان رأيي هو دخول الحرب دون تردد وبأسرع ما يمكن لنجدة سورية وجيشها.

كان دخول العراق الحرب بعد عدة ساعات من اندلاعها عندما توجهت دبابات الجيش العراقي الى سورية مجتازة مسافة تقرب من ألف كيلومتر على جنازيرها بسبب افتقار الجيش العراقي آنذاك الى عدد كاف من ناقلات الدبابات، وانني لن أنسى ليلة السابع من تشرين الأول 1973 عندما خرج الشعب العراقي رجالا ونساء وأطفالا يودعون الجيش الذاهب لنجدة سورية فغطت زغاريدهم هدير الدبابات التي كان الجنود يعتلونها هازجين فرحين وكأنهم ذاهبون الى احتفال.

قضيت أيام تلك الحرب لصيقا بالمذياع أتابع تطورها حيث كان الاعلام مختلفا بعض الشيء عما عهدناه في حرب حزيران، فقد كان متحفظا قليل المبالغات، وكنت اعتقد عندما بدأت الحرب تجتاز أيامها الأولى انها ستنتهي الى نصر عربي يؤدي الى حل سياسي مشرف يحفظ الحقوق العربية ويضع حدا للصراع العربي الاسرائيلي.

كنت أزور يوميا القيادة القومية التي يبدو ان ايعازا قد اصدره الرئيس البكر لاطلاعي على تطورات الموقف، كما أرسل إلي المرحوم البكر نسخة - ما أزال أحتفط بها- عن برقية تلقاها من أنور السادات ، وهي جواب عن استفهام عراقي عن أهداف الحرب، وفيها يقول السادات ان الهدف هو التحرير النهائي لسيناء ، وفيما يلي نص البرقية :

من الرئيس محمد أنور السادات

الى الرئيس أحمد حسن البكر

ردا على استفهامكم عن تصورنا للمعركة :

1- تمت المرحلة الأولى من عملية اقتحام المواقع الاسرائيلية عبر القناة بنجاح ويستمر تدعيم رؤوس الجسور.

2- من المتوقع أن تحدث اشتباكات واسعة النطاق خلال الأيام القليلة القادمة مع الاحتياطي الذي يستعد الاسرائيليون لدفعه في المعركة.

3- ستكون المعركة طويلة جدا لأن تحرير الأرض لا يمكن اتمامه في يوم أو اسبوع أو اثنين، وسنعمل على استمرار الحاق أكبر قدر من الخسائر في القوات الاسرائيلية.

4- سنكون مستعدين لوقف اطلاق النار عند انسحاب كل القوات الاسرائيلية من سيناء.

مع خالص تحياتي لكم.

وقت وتاريخ الارسال الساعة 2 صباح يوم 8/10.

وقد أوعز المرحوم أحمد البكر لوزارة الدفاع العراقية باطلاعي على مذاكرات رؤساء أركان الدول العربية عن استراتيجية الحرب القادمة بين اسرائيل والعرب والتي تقضي بألا يتوقف الهجوم العربي المرتقب على سيناء إلا عند مواقع دفاعية في ممرات متلا والجدي(1) ، وهذا ما كنت أسمعه في مناقشات مجلس الوزراء في مصر أثناء الوحدة التي كان يقال فيها أن الممرات هي الموقف الدفاعي الوحيد الذي يمكن منه إحباط الهجوم الاسرائيلي الخاطف الذي كان استراتيجية اسرائيل في حربها مع العرب، مع العلم بأن اسرائيل لا تحتمل حربا طويلة الأمد.

كان يبدو خلال أيام الحرب لمن يتابع جلسات الكنيست الاسرائيلي، على الرغم من التكتم الشديد، ان اسرائيل أصبحت على وشك أن تتقدم بطلب لوقف اطلاق النار، فقد تقدم الجيش السوري في الأيام الأولى الى مشارف صفد كما عبر الجيش المصري القناة ودمر خط بارليف، وأصبحت اسرائيل على وشك الانهيار، ودب الذعر بقياداتها حيث ظهر ذلك فيما بعد في تقرير اللجنة التي ألفت للتحقيق في ملابسات الحرب وقد ترجم هذا التقرير الى العربية ونشر في كتاب تحت عنوان التقصير(2) .

كان من العجيب أن يتوقف هجوم الجيش المصري الكاسح بعد عبوره القناة دون أن يتابع تقدمه الى ممرات متلا والجدي ليتخذ منها مواقع دفاعية كما كان مقررا من قبل رؤساء الأركان العرب، بالاضافة الى أن توقف هجوم ناجح لا يمكن أن تقره أي نظرية عسكرية، مما سمح لشارون أن يستغل هذا الخطأ الفادح في الهجوم المعاكس الذي قام به عبر البحيرات المرة فنجح باجتياز القناة من ثغرة الدفر سوار إلى الضفة الشرقية من القناة، وقد كان معروفا منذ الحرب العالمية الأولى ان القادة الألمان حاولوا اجتياز القناة الى مصر من منطقة البحيرات المرة، وعندما سئل موشى ديان بعد الحرب عن ملابسات فتح ثغرة الدفر سوار واجتياز القناة قال ان الجيش المصري انشغل بعد اجتياز القناة بالتحصينات الدفاعية التي أقامها على الضفة الشرقية، وعلى كل حال فقد كان بتقدير وزير الدفاع القائد السابق للجيش المصري الفريق محمد فوزي وبعض العسكريين المصريين، كما ذكر محمود رياض في مذكراته، انه كان باستطاعة الجيش المصري سد هذه الثغرة التي سببت تطويق الجيش المصري.

ولكن الذي حال دون ذلك هو أنور السادات عندما طلب وقف اطلاق النار، ومن الجدير بالذكر ان السادات كشف فيما بعد عن تلقيه كتابا من وزير الخارجية كيسنجر، اثر اجتياز الجيش المصري قناة السويس يطلب فيه توقف الجيش المصري بداعي ان استمرار الهجوم سيؤدي الى خروج الحرب عن السيطرة، وكان توقف الحرب من الجانب المصري مقدمة للمفاوضات مع اسرائيل عند الكيلو 101، وعزل مصر عن بقية الدول العربية، ثم زيارة السادات القدس وبعدها معاهدة كامب ديفيد التي أخرجت مصر من الصراع العربي الاسرائيلي.

أما في الجبهة السورية فقد كان مقررا من قبل القيادتين السورية والعراقية، قبل وقف اطلاق النار على الجبهة المصرية، القيام بهجوم مضاد ردا على الهجوم الذي قامت به القوات الاسرائيلية، ولكن الخلاف وقع بين القيادتين اثر قبول الجانب السوري وقف اطلاق النار ايضا، ومن المدهش الانسحاب العراقي السريع بعد ذلك، بينما كان من المحتمل أن يؤدي بقاء الجيش العراقي على الجبهة السورية الى دعم مصر وسورية والى انسحاب الاسرائيليين من الجولان وسيناء، ومن هنا يظهر أن الخلافات بين الانظمة العربية كانت دوما لمصلحة الاعداء على حساب المصلحة القومية، وهذا ما يحمل الحكام العرب مسؤولية كل ما منيت به القضية العربية من هزائم.

موقفي المعارض سياسة القطيعة بين الشعبين السوري والعراقي ومن قضايا البترول والمياه بين البلدين.

لقد اطلعت خلال عهد الوحدة بين سورية ومصر على الوضع الاقتصادي والاجتماعي المصري وما يعانيه من متاعب رغم ما كانت تتلقاه مصر من قروض ومعونات اقتصادية من الشرق والغرب معا لتنفيذ برامجها الانمائية في مواجهة التفجر السكاني، وكان ذلك من أسباب عجزها عن تنمية قدراتها الدفاعية بما يتناسب وضرورة مواجهة العدو الصهيوني ، وهذا ما دعا جمال عبد الناصر أن يعلن تخليه عن المعركة مع اسرائيل في خطابه المشهور في غزة، ولا بد هنا من الاشارة الى ما جاء في مذكرات محمود رياض الذي تولى مفاوضات الهدنة في رودس اثر حرب عام 1948 بأن مصر كانت تعتبر أن اتفاقيات الهدنة قد وضعت حدا للحرب مع اسرائيل بالحدود التي رسمتها تلك الاتفاقيات.

كان هذا ما جعلني أقدر أهمية قيام الجبهة الشرقية بين سورية والعراق بسبب ما تتمتع به هذه الجبهة من قدرات اقتصادية وعسكرية بالاضافة الى العمق الستراتيجي. وهذا ما دعاني بعد لجوئي الى لبنان (آذار 1968) ان أقوم بمحاولة مع السوفييت للاعتماد على الجبهة الشرقية ودعمها مثل اعتمادهم على الجبهة الغربية ولا سيما بعد أن استفحلت حرب الاستنزاف بين مصر واسرائيل بينما كانت الجبهة الشرقية ساكنة بل غير قائمة، وهذا ما أنهى حرب الاستنزاف التي شنتها مصر الى الفشل.

كنت اشرح اهمية قيام الجبهة الشرقية مع كل من اجتمع بهم من المسؤولين والشباب والفئات السياسية التي كنت على اتصال معها، وفي أحد هذه الاجتماعات حضر أحد موظفي السفارة السوفيتية في بيروت ، ولا أتذكر اسمه الآن، وقد وجدتها فرصة للقول بأنه على الاصدقاء السوفييت أن يبذلوا كل ما باستطاعتهم لقيام الجبهة الشرقية ودعمها لانه بدون قيام هذه الجبهة فإن اسرائيل ستكون المنتصرة في جميع معاركها مع مصر، ولشد ما فوجئت عندما أجابني هذا الموظف بأن كلامي هذا يتفق مع ما يقوله عملاء الغرب، فأخذتني الحدة وأجبته:

إن موقفك هذا يتفق مع ما يريده عملاء الغرب، وانني أقول بصراحة، وهذا ما يشعر به العرب، بان الاتحاد السوفيتي مقصر كثيرا عن الولايات المتحدة فيما تقدمه لاسرائيل من دعم ومساعدة، وكان حاضرا في هذا الاجتماع الاستاذ سهيل يموت وهو من قدامى المنتسبين للحزب الشيوعي في لبنان وعلى صلة وثيقة بخالد بكداش وكان يحاول أن يبذل كل ما يستطيع للمساعدة ويبدي كل تقدير لحركة الاشتراكيين العرب.

بعد أيام من هذا الاجتماع بلغني سهيل يموت بأن موظفا كبيرا في السفارة السوفيتية يرجو أن يجتمع بك ليطلع على رأيك في موضوع معركة الاستنزاف، وفعلا اجتمعت به في السفارة وتحدثت عن ضرورة بذل كل الجهود لاقامة الجبهة الشرقية بين سورية والعراق مركزا على أهمية العراق الاقتصادية والعسكرية وعلى العمق الاستراتيجي الذي يشكله هذا القطر، وان قيام مثل هذه الجبهة بين سورية والعراق لا بد ان يشجع الأردن على الانضمام اليها في المعركة القادمة ، كما ذكرت بأن المطامع الاسرائيلية تستهدف الجبهة الشرقية لأن الهلال الخصيب هو مستودع الانهار والنفط بينما ليس للصهيونية مطامع تذكر في صحراء سيناء ولا في مصر، وان عدم قيام الجبهة الشرقية يؤدي الى استفراد الجبهة المصرية وانهيارها، فلم يعقب المسؤول السوفيتي على أقوالي ، ولكنه لم يكن كسابقه بادي الامتعاض. كما عقبت بانه بامكان الاتحاد السوفيتي ان يقوم بمساع جدية لاتفاق النظامين البعثيين في سورية والعراق مما يمهد لقيام الجهة الشرقية.

لقد كان النظامان البعثيان في سورية والعراق متشابهين الى حد كبير في اعتمادهما على أجهزة المخابرات والارهاب والولاء العشائري والطائفي والجهوي بدلا من اعتمادها على جماهير الشعب وطلائعه المثقفة النظيفة، وقد جاهرت كثيرا، وأنا في العراق، بوجوب تلاقي النظامين، مما كان موضع دهشة بعض اللاجئين السوريين ونقمة بعضهم الآخر.

وقد ذكرت سابقا أن خلافي مع الحكم البعثي في سورية ونظام جمال عبد الناصر لم يمنعني بعد هزيمة الخامس من حزيران من بذل كل ما أستطيع لقيام جبهة سياسية تضم الاشتراكيين العرب والناصريين وحزب البعث في القطرين، حتى انني أرسلت الاستاذ عبد الفتاح زلط ليجتمع بعبد الناصر ويطلب اليه باسم الاشتراكيين العرب ان يكون قائدا لهذه الجبهة ليعود الوضع الشعبي الى ما كان عليه قبيل قيام الوحدة بين سورية ومصر.

إن الاتفاق بين النظامين البعثيين في سورية والعراق لم يكن فقط ضرورة استراتيجية للوقوف في وجه المطامع الصهيونية ، وانما كان ايضا ضروريا للوقوف في وجه مطامع تركيا وايران اللتين تفتحت شهيتهما القومية بتحريض من الغرب والصهيونية ، للتوسع على حساب الأراضي العربية، ومنذ الحرب العالمية الأولى وبقيادة رضا خان وزير الدفاع الذي نصب نفسه امبراطورا، اغتصبت ايران منطقة الأحواز واستمر هذا التوسع فيما بعد على حساب الأرض العربية خلال حكم ابنه محمد رضا عندما استولت ايران على جزر أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى مع ادعائها بأن البحرين هي أرض ايرانية، ولا شك أن هذا الماضي العدائي كان من خلفية الحرب بين العراق وايران فيما بعد.

أما بالنسبة لتركيا فقد كانت لها مطامعها ايضا في الأرض العربية عندما ادعت اثر الحرب العالمية الاولى أحقيتها بمنطقة الموصل الغنية بالنفط، ولكن بريطانيا الطامعة ايضا بهذا النفط وقفت موقفا حازما أدى الى فشل الادعاءات التركية، بينما تواطأت فرنسا مع الأتراك، عندما كان العالم على أبواب الحرب العالمية الثانية فساعدتهم- لتضمن موقفهم في هذه الحرب- على احتلال لواء اسكندرون السوري ذي الموقع الاستراتيجي الهام والسهول الخصبة الغنية والذي يعتبر ضياعه نكبة عربية لا تقل كثيرا عن ضياع فلسطين، وإذا كانت الانباء حاليا تشير إلى محاولة تركيا الاستفراد بمياه نهر الفرات ، فإنها - ومنذ عشرات السنين قطعت مياه نهر القويق الذي كان يروي مدينة حلب، كما قطعت نهر جغجغ الذي كان يجري في الشمال الشرقي من سورية.

[ مؤمرات نظام صدام حسين على سوريا كبلد .. لا كنظام : خط بترولي عبر تركيا لحرمان سوريا من العائدات ]

لقد كان من سوء حظ البلاد العربية أن تكون محاطة بأطماع بلدين من المفروض أن يكونا صديقين للعرب بدافع من الجوار والعقيدة الاسلامية، كما كان من المفروض أن يقف العراق وسورية موقفا واحدا من الممارسات التركية لاستغلال القسم الاعظم من مياه نهر الفرات فلا يقدم العراق على تمديد خط بترولي عبر تركيا إلا إذا كان مروره مرتبطا باتفاقية دولية تضمن تقاسم المياه -حسب القوانين والاعراف الدولية- تعقد بين تركيا والعراق وسورية، وألا يكون استيعاب هذا الخط البترولي على حساب خط البترول العراقي المار من سورية.

وما أزال أذكر -وكنت آنذاك نائبا في مجلس النواب عام 1943- انني سألت المرحوم سعد الله الجابري، وكان رئيسا للوزراء ، عن هدف زيارة نوري السعيد لسورية فقال لي أن الهدف هو التنسيق بين سورية والعراق تجاه تركيا في سبيل الاتفاق على حصة البلدين من مياه نهر الفرات.

لقد عارضت ضمن ظروفي كلاجئ سياسي في العراق، وضمن الحلقة الضيقة لزواري من اللاجئين السوريين تمديد خط البترول العراقي عبر تركيا، ولكن معارضتي كانت صيحة في واد، كما كنت معارضا بصراحة قطع العلاقات بين النظامين السوري والعراقي واختلافهما دون مبرر ظاهر، بل كان في نتائجه خلافا لمصلحة اعداء الأمة العربية، وقد انعكس هذا الخلاف على مصالح الشعبين ووشائجهما القومية والمادية اكثر بكثير مما انعكست على النظامين الحاكمين البعثيين.

لقد أدى تمديد الخط البترولي عبر تركيا، مع الدعاية الواسعة من قبل النظام العراقي لهذا الخط الذي أطلق عليه اسم الخط الاستراتيجي الى أمرين خطيرين:

1- تحطيم القاعدة الاقتصادية المادية بين سورية والعراق بإغلاق انبوب البترول العراقي عبر سورية نتيجة للممارسات التي كان الطرفان البعثيان سواء في العراق أو سورية مسؤولين عنها، وهكذا حرم الشعب في سورية من عائدات مرور البترول العراقي من القطاع النادر ومن البترول الذي كانت سورية تشتريه بأسعار مخفضة، واتجه النظام السوري الى ايران لتأمين حاجة سورية من البترول (قبل استخراج النفط السوري).

2- استغلت تركيا الخلاف بين النظامين فأقامت سدا ضخما على الفرات ثم اتبعته بسدود أخرى مستغلة استمرار الخلاف بينهما واستولت على القسم الأعظم من مياه النهر خلافا لما هو مقرر في الحقوق الدولية باقتسام مياه الانهر التي تمر عبر عدد من الاقطار المتجاورة.

ومن المضحك المبكي أن تقوم قيامة النظام العراقي باتهام سورية آنذاك بقطع مياه الفرات عن العراق، وفي مقابل هذه الدعاية المضحكة قام النظام السوري بدعاية عجيبة تتهم العراق بمسؤوليته عن انخفاض مستوى نهر الفرات مما سبب أزمة في مياه الشرب في مدينة حلب.



محاولة ثانية لتشكيل جبهة معارضة للنظام الحاكم في سورية :

لقد حاولت عندما كنت لاجئا في العراق، وخلال سنوات امتدت من أواخر السبعينات وحتى عام 1982، تاريخ مذبحة حماه وتشكيل التحالف الوطني لتحرير سورية، أن أقوم بمحاولة جديدة لتجميع القيادات السياسية السورية التي أصبحت مشردة ما بين العراق والجزائر ومختلف الدول العربية والأوروبية بالاضافة الى الأعداد الكبيرة من اللاجئين السوريين الذين أجبرهم نظام القمع على مغادرة سورية، ولكنهم أصبحوا يعانون مختلف الضغوط المادية والسياسية والمخابراتية من أنظمة الدول التي لجؤوا اليها، أقول ذلك ولا أستثني نظاما أو دولة، وحتى الدول الأوروبية التي تبدو وكأنها دول ديموقراطية تصون حقوق الانسان وتحفظ حق اللجوء السياسي فقد كان اللاجئون السوريون فيها يعانون ضغوط أجهزتها ومحاولة استيعابهم بما يتماشى مع مصالحها.

وفيما يتعلق بالمقاومة الفلسطينية فقد كنت أرى أن من صالحها قيام مثل هذه الجبهة التي تهدف الى قيام حكم وطني ديموقراطي في سورية يكون لها سندا وظهيرا بدلا من أن تكون ورقة يتم استخدامها والتلاعب بمصيرها من قبل الانظمة العربية، وكنت آمل أن تنعكس محاولة العمل السياسي الجبهوي في الخارج على وضع الفئات السياسية داخل سورية مما يؤدي الى التلاحم بين قوى المعارضة الى موقف سياسي قوي في وجه طغيان النظام العسكري الديكتاتوري.

أما القوى السياسية المعارضة داخل سورية خلال السبعينات وأوائل الثمانينات فكانت - بعد تشرذم الاحزاب القومية واليسارية وتعاون بعض أجنحتها مع السلطة - ممزقة بين اتجاهات ثلاثة لالقاء بينها سواء في الايديولوجية أو نهج العمل.

أولها الجماعات الاسلامية التي اخذت تسلك لمقاومة النظام والوصول الى الحكم طريق الارهاب والسيارات المفخخة والاغتيالات الفردية والجماعية ذات الصبغة الطائفية.

كان الاتجاه الثاني ما يسمى بجماعة أو تنظيم "العمل الشيوعي" الذي استقطب عددا كبيرا من الشباب اليساريين الذين اعتقل عدد كبير منهم ولسنوات متعددة حيث تعرضوا الى الاهانة والتعذيب والاحكام الجائرة التي تجاوز بعضها الخمسة عشر عاما ، بينما كان نهجهم العملي لا يتعدى المنشورات والبيانات والتظاهر، ولا بد من الاشارة الى أن كثيرا من المنتسبين الى جماعة العمل الشيوعي كانوا من الطائفة الحاكمة نفسها.

أما الاتجاه الثالث فكان اتجاه الفئات المثقفة المستقلة عن الاحزاب من أدباء وكتاب وصحافيين ومحامين وأطباء ومهندسين وصيادلة الذين حاولوا من خلال اتحاداتهم ونقاباتهم الوقوف في وجه القمع والتجاوزات، والذين ابتدأ نضالهم اعتبارا من عام 1978 ثم استمر متصاعدا الى عام 1981 عندما حل النظام السوري نقاباتهم، بعد أن أضربت المدن السورية جميعها استجابة لمطالبهم وتوجهاتهم ، كما اعتقل النظام عددا كبيرا منهم قضى بعضهم في سجون النظام اكثر من عشر سنوات(3) .

وفي منتصف الثمانينات شكل الاتحاد الاشتراكي بقيادة الدكتور جمال الاتاسي، وهو الجناح الذي انسحب من الجبهة السياسية التابعة للنظام التي شكلها حافظ أسد، مع جناح الاشتراكيين العرب بقيادة عبد الغني عياش وهو الجناح الذي رفض من البدء التعاون مع النظام مع المكتب السياسي بقيادة المحامي أحمد محفل وهو الجناح الذي انشق عن الحزب الشيوعي السوري. ما سمي بالتجمع القومي الذي نهج لتحقيق أهدافه الديموقراطية والوطنية نهج المعارضة السياسية، ولكن هذا التجمع كان عاجزا عن إحداث أي تغيير في نظام حافظ أسد الديكتاتوري المستند الى المخابرات والتعذيب والقمع.

لقد حاولت بدءا من عام 1977 مع أدنى قدر من المساعدة العراقية- ولم يكن أمامي غير ذلك - تجميع من تبقى من الفئات الحزبية المعارضة في سورية عن طريق تجميع قياداتها في الخارج، وكان النظام العراقي وحده على استعداد للمساعدة لما بينه وبين النظام السوري من عداء، وكنت آمل أن تحقق المعارضة السورية بعد أن تقف على قدميها قدرا من التوجه المستقل يمكن أن يجعلها مقبولة أمام الكثيرين الذين ينظرون -وهم على حق- بأنه لا اختلاف كبيرا بين النظامين العراقي والسوري، بل كنت آمل أن يستطيع مثل هذا التوجه الذي يجعل المصلحة القومية العربية هدفه الأساس أن ينعكس على النظامين السوري والعراقي معا.

وهكذا اصبحت معارضا في آن واحد للنظامين مع اختلاف في الشدة والاسلوب بالنسبة للنظام في العراق، حيث كنت أعيش كلاجئ سياسي، وهي معارضة ابتدأت حتى قبل محاولتي تشكيل جبهة سورية معارضة.

[ اتصالات أولى لتشكيل المعارضة السورية في الخارج ]

بدأت اتصالاتي لتشكيل هذه الجبهة في باريس بالاشتراك مع المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوري (الجناح المنشق عن الحزب الشيوعي السوري بقيادة خالد بكداش المتعاون مع النظام السوري) بقيادة الاستاذ أحمد محفل، ومع جماعة المرحوم صلاح جديد، وكان العديد من قيادات هذه الجماعة قد لجأ الى الجزائر، ثم اشترك معنا في هذه الاجتماعات السيد نزار حمدون عن الجانب العراقي وكان رئيسا للمكتب السوري آنذاك، ولكن محاولتي تلك لم يكتب لها النجاح لأنه لم يكن هدف النظام العراقي تشكيل جبهة سورية ديموقراطية معارضة، وانما كان هدفه احتواء الأحزاب واللاجئين السوريين وجماعة صلاح جديد لخدمة أغراضه وتوجهاته السياسية.

كانت جماعة صلاح جديد تشعر بذلك وتصر على استقلالية المعارضة، بل كانت تخفي ضغينة تجاه القيادة القومية والنظام العراقي، وكان طلب هذا النظام من جماعة صلاح جديد تغيير اسم حزبهم (حزب البعث الديموقراطي) كشرط لاشتراك القيادة القومية في الجبهة أمرا غير معقول، ولهذا استمرت مناقشات الاحتواء ومحاولات تغيير الاسم اكثر من سنة خلال اجتماعات عديدة بين باريس وبغداد والجزائر بين جماعة صلاح جديد والقيادة القومية بحضوري وحضور نزار حمدون وشبلي العيسمي الامين المساعدة للقيادة القومية، وأحمد محفل ممثلا عن المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوري ، والدكتورين ابراهيم ماخوس وحبيب حداد ممثلين عن جماعة صلاح جديد، كما حضر بعض الاجتماعات السيد طه ياسين رمضان، وانتهت المحاولة بالفشل لاصرار العراق على موقفه من قيام هذه الجبهة.

كان يبدو - على المستوى النظري - ان المنتمين الى جماعة صلاح جديد هم ماركسيون، وانهم متعاونون تعاونا وثيقا مع المقاومة الفلسطينية التي كانت تمدهم بالمساعدة المادية، كما كانوا على صلة قوية بالنظام الحاكم في الجزائر الذي احتضنهم وساعدهم في عهد هواري بومدين واستمر ذلك في عهد الشاذلي بن جديد، وقد وظفت الجزائر العديد منهم بما فيهم وزير الخارجية السابق الدكتور ابراهيم ماخوس وحبيب حداد ورفاقهم.

أما بالنسبة للمقاومة الفلسطينية فقد كانت تحمل موجدة على النظام العراقي لعدم تدخله مع الجيش السوري في أحداث الأردن عام 1970 لذلك كانت ترفض أي عمل جبهوي مع العراق، أو بالأحرى مع القيادة القومية ، ولكنها كانت تبدي كل الاستعداد للتعاون مع الاشتراكيين العرب، لذلك اجتمعت مع الأخ حمدان عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في زوريخ بسويسرا بحضور الاستاذ أحمد محفل فأبدى - باسم المقاومة كل استعداد للمساعدة دون الدخول في الجبهة التي كنا نحاول تشكيلها. وهكذا لم تثمر جميع الاتصالات التي جرت سواء في الجزائر أو باريس إلا عن تعاون المكتب السياسي بقيادة احمد محفل وبيني وبين القيادة القومية في العراق.

[ ما الذي كان يريده صدام حسين من المعارضة السورية ؟]

ولعل ما يوضح موقف النظام العراقي من الوضع السوري أو بالأحرى موقف صدام حسين هو الحديث الذي جرى في بيت الاستاذ شبلي العيسمي خلال مأدبة الغداء التي أقامها العيسمي في منزله احتفاء بعودة الاستاذ ميشيل الى العراق والتي دعيت اليها مع زوجتي. وكان عدد الحضور محدودا جدا مقتصرا على المحتفى به والفريق أمين الحافظ وزوجتاهما ولا أذكر إذا كان أحد من العراقيين موجودا مع نائب الرئيس صدام حسين الذي كان مدعوا الى هذه المأدبة وجاء إليها متأخرا.

قبل حضور صدام حسين افتتح الفريق أمين الحافظ الحديث عن وجوب اهتمام النظام العراقي بالوضع في سورية وبدعم المعارضين السوريين، وقد توجه الى الاستاذ ميشيل بصفته الامين العام للحزب الحاكم في العراق طالبا منه أن يتحدث مع صدام حسين في هذا الموضوع، وبناء على طلب أمين الحافظ بدأ عفلق حديثه مع صدام حسين بقوله :

إن الاخوان السوريين يرجون من النظام العراقي مزيدا من الدعم للمعارضين السوريين ومزيدا من الاهتمام بالوضع السوري، ولكن صدام حسين الذي كان يجلس وعيناه تتطلعان الى سقف الغرفة اكثر من تطلعه الى الحاضرين لم يدع الاستاذ ميشيل يتم حديثه وانما التفت إلي غاضبا وهو يقول وكأنه يحقق معي:

من هو الذي تحدث عن ذلك؟ ثم أردف :

انني لن أتدخل بالوضع السوري إلا عندما تصبح سورية على حافة الهاوية!!

لقد فوجئت بهذا التصرف المهين، ولم أعلق على سؤاله بأي كلمة، وانما أصبحت انتظر بفارغ الصبر وبدون أن اشترك بأي حديث نهاية هذه الجلسة، ولا سيما أنه التفت إلي مرة ثانية مستنكرا خلال حديث عن المملكة العربية السعودية عندما ردد شبلي العيسمي عن لساني حديثا سمعه مني وهو انني احترم الملك فيصل واعتقد انه ملك ذكي يعمل لمصلحة شعبه.

وعندما بدأ الحضور بالانصراف لم أمد يدي لمصافحة صدام حسين ولم أودعه بكلمة فالتفت إلي مودعا باشارة من يده أجبته بمثلها، فكانت تلك المأدبة آخر مرة أراه فيها في جلسة خاصة، كما أصبحت أتحاشاه في المناسبات العامة القليلة التي رأيته فيها والتي لا تتجاوز كما أذكر المرتين أو الثلاث مرات.

كان صدام حسين في موقفه من النظام السوري ومن المعارضين السوريين ولا سيما الديموقراطيين منهم منسجما مع نفسه ومع نظامه، فليس من المعقول أن يسمح هذا النظام بتشكيل معارضة سورية تؤمن بالديموقراطية والتعددية ، كما أن نظاما ديموقراطيا في سورية لا بد أن ينعكس على الأوضاع في العراق، وإذا عدنا الى الماضي فإن الأوضاع الديموقراطية في سورية والنضال الشعبي فيها خلال الخمسينات قد ساهم مع نضال الاحزاب العراقية ونضال الشعب في العراق بالاطاحة بحلف بغداد المدعوم من بريطانيا والولايات المتحدة ، وفي تقديري ان صدام حسين كان حريصا على بقاء النظام السوري بدون أي تغيير فكلاهما، كما أسلفت، متماثلان في اعتمادهما على القمع وعلى أجهزة المخابرات وفي توجهاتهما الطائفية والجهوية، وفي استخدامهما الحزب كأداة للقمع ولافتة يتلطى وراءها رأسا النظاميين لينفيا عن نفسيهما تهمة التفرد والديكتاتورية، وكل ما كان يريده صدام حسين من المعارضة السورية واللاجئين السوريين هو الضغط على النظام السوري لاحتوائه وجعله مواليا له مثلما كانت العلاقة خلال حياة عبد الناصر بين النظام القائم في مصر وحكم عبد السلام عارف في العراق والسلال في اليمن والى حد ما فؤاد شهاب في لبنان.

[ دخول السعودية وواشنطن على خط المعارضة السورية ]

وفي مجال المحاولات لتشكيل جبهة سورية معارضة لا بد لي من التحدث عن بعض الوقائع التي تندرج ضمن هذا الموضوع :

كان الاستاذ صلاح البيطار خلال السبعينات مقيما في باريس يحاول من جهته تجميع القوى السياسية السورية ولكن باتجاه آخر لم تكن السعودية في تقديري أو الولايات المتحدة بعيدتين عنه، فقد اتصل بي السيد حمود الشوفي في باريس وكان آنذاك مندوبا لسورية في الأمم المتحدة وأخبرني أن بعض الزعامات السورية تقترح توقيع بيان يقدم الى حافظ أسد يرجى فيه سحب القوات السورية من لبنان، وان هذا البيان يمكن أن يوقع من قبل سلطان باشا الأطرش وصلاح البيطار وجلال السيد، وقد اعتذرت عن توقيع البيان الذي قدمه لي الشوفي مكتوبا لاعتقادي أنه لا فائدة تذكر من هذا البيان وان تقديمه الى الاسد لا يعني سوى الاعتراف بشرعية نظامه الديكتاتوري الذي فرضه على سورية، وقد تراجع الاستاذ البيطاربعد أن كان موافقا على التوقيع وأبلغني ذلك.

ومن المفارقات ان حمود الشوفي استقال فيما بعد من منصبه كمندوب لسورية في الامم المتحدة وكان موضع ثقة حافظ أسد، وانضم الى المعارضة التي يتولى قيادتها النظام العراقي، وعندما جاء الشوفي اثر استقالته الى بغداد تلقاه النظام باستقبال رسمي، ثم أصبح فيما بعد ركنا من أركان ما سمي بالتحالف الوطني لتحرير سورية، وقد قال لي الاستاذ أحمد محفل الذي كان مطلعا على بعض الوقائع المتعلقة بحمود الشوفي ان النظام العراقي يستخدم الشوفي كقناة بينه وبين الولايات المتحدة، وكان يبدو على وضع الشوفي في الولايات المتحدة وكأنه هو سفير العراق ومندوبه وليس السيد صلاح عمر العلي أحد أركان ثورة تموز عام 1968 والذي كان قبل أن ينضم الى المعارضة العراقية المندوب الرسمي للعراق في الأمم المتحدة.

أما الواقعة الثانية فهي الاجتماع الذي تم بيني وبين موظف في السفارة السورية في باريس من جماعة الاستاذ صلاح البيطار، حيث تم الاجتماع في منزله في احدى ضواحي باريس، ويبدو أن الهدف كان تشكيل جبهة لاقامة وضع في سورية برئاسة صلاح البيطار، مؤيد من السعودية والولايات المتحدة، وفعلا فقد قام ولي العهد السعودي فيما بعد بالاتصال بحافظ أسد لاقناعه بتولي صلاح البيطار رئاسة الحكومة السورية وأن يصبح الشيخ معروف الدواليبي من أركانها، ولكن حافظ أسد رفض المشروع الذي رافقته زيارتان لسورية، الأولى قام بها صلاح البيطار حيث اجتمع مع حافظ أسد عدة ساعات بدون الوصول الى أي اتفاق، كما زارها ايضا الشيخ معروف الدواليبي بدون نتيجة ايضا.

الواقعة الثالثة هي عندما اتصل بي السيد مجاهد سمعان أواخر السبعينات خلال سعيي لتشكيل جبهة من القيادات والفئات السياسية السورية، والسيد سمعان من الضباط الفلسطينيين الذي انتسبوا الى الجيش السوري بعد اصداري قرارا بقبول الفلسطينيين في الجيش عندما كنت وزيرا للدفاع عام 1950، وقد زارني أواخر عام 1965 في بيتي بدمشق، وكان آنذاك مديرا لمكتب اللواء صلاح جديد، مهنئاإياي باسم جديد بالافراج عني من سجن المزة!! مع العلم أن صلاح جديد كان من الذين صوتوا - كما نمي الي - على سجني بعد اصداري بيان البترول الذي تحدثت عنه فيما سبق بالتفصيل في هذه المذكرات.

لقد اجتمع بي السيد مجاهد سمعان عدة اجتماعات في باريس مدعيا أنه يمثل منظمة التحرير، ولا أعرف ما في هذا الادعاء من صحة ، وكان يصر على انشاء جبهة من الاشتراكيين العرب وجماعة صلاح البيطار والمقاومة الفلسطينية فقط، والذي أرجحه ان سمعان كان يعمل في الحقيقة ليس لحساب المقاومة بل لحساب السعودية والولايات المتحدة .

لقد شعرت بخطر اتصالات سمعان معي ولا سيما بعد أن عرفت انه يستخدم شخصا من مدينة حماه من عائلة البرازي كما قالت لي زوجته غير عارفة أن زوجها قال لي انه من عائلة السمان، ويبدو أن حدسي واحساسي بخطر الاتصال بمجاهد سمعان كان في محله كما تأكد لي فيما بعد من الملابسات التي ترافقت مع مقتل المرحوم صلاح البيطار عام 1980.

اغتيال صلاح البيطار (صيف عام 1980)

قبل أن أشير الى بعض الوقائع التي اطلعت عليها شخصيا والمتعلقة باغتيال المرحوم صلاح البيطار لا بد لي من الاشارة الى الخلاف بينه وبين ميشيل عفلق الذي أدى الى استقالته العلنية من حزب البعث، وهي الاستقالة التي نشرتها معظم الصحف اللبنانية عندما ذهب البيطار الى لبنان بعد هربه من السجن وكان قد سجن اثر انقلاب صلاح جديد في شباط 1966، وقد أشرت الى هذه الاستقالة فيما سبق من هذه المذكرات.

كان صلاح البيطار يلقى المسؤولية على ميشيل عفلق بسبب كل ما حدث بعد انقلاب الثامن من آذار عام 1963 من تسلط عسكري وقمع للشعب وقضاء على كل مظاهر الديموقراطية، بينما كان ميشيل عفلق يصرح لمن حوله بأن انقلاب الثامن من آذار وكل ما تلاه كان بالاتفاق مع صلاح البيطار.

لقد اتخذ البيطار، بعد إقامته في لبنان، منهجا مستقلا في معارضته للنظام السوري عن حزب البعث أو غيره من الفئات السياسية، وكانت صلته بالدرجة الأولى بالفريق محمد عمران ، ولم يكن هذا الاتفاق بينهما بعيدا عن دعم السعودية والولايات المتحدة ، وهو دعم له خطورته على النظام في سورية مما أدى الى اغتيال عمران في طرابلس ثم اغتيال صلاح البيطار بعد عدة سنوات في باريس، وفي تقديري أن هذه الاغتيالات كان هدف النظام منها هو افهام السعودية والولايات المتحدة انه وحده النظام الذي يجب اعتماده في حكم سورية.

بعد فترة من اغتيال الفريق عمران ثم نشوب الحرب الاهلية في لبنان توجه البيطار الى فرنسا للاقامة فيها وبدأ يستعد لاصدار صحيفة اسمها الاحياء العربي، وهو الاسم الذي كان متداولا لفترة قصيرة بين مؤسسي حزب البعث قبل أن يستقر الرأي على كلمة بعث.

لقد تجاوزت في لبنان كل تصرفات ميشيل عفلق تجاهي وتجاه حركة الاشتراكيين العرب، سواء ما كان قبل انقلاب الثامن من آذار أو بعده، وأعدت صلتي بهما، فزرت ميشيل عفلق في بيروت خلال مرضه كما أصبحت ألتقي أحيانا بصلاح البيطار ولكن هذه الصلات كانت محدودة ولم تتعد إطار المجاملة، ثم مرت سنوات لم أعد أرى فيها صلاح البيطار الذي أقام في باريس بينما تركت لبنان بسبب خطورة الوضع ولجأت الى العراق، ثم كان المؤتمر الذي دعا إليه النظام العراقي تحت شعار عدم الانحياز هو المناسبة التي التقيت فيها بصلاح البيطار في بغداد بعد تلك السنوات.

[ بيان للقيادة القومية في بغداد على أنغام الموسيقى الأميركية : صدام يريد تحويل سوريا من حليف لموسكو إلى حليف لواشنطن !]

كنت في باريس عندما صدر عن القيادة القومية في بغداد بيان يدعو الى الحياد الايجابي وعدم الانحياز، وأذكر انني تساءلت مع الاستاذ أحمد محفل عن الغرض من هذا البيان الذي صدر بدون مناسبة ولا سيما أن عددا من الدول العربية وجميع الاحزاب الوطنية التقدمية قد تبنت هذا المبدأ منذ مؤتمر باندونغ، ولم نر تفسيرا لذلك حتى صدرت الدعوة الينا لحضور مؤتمر يعقد في بغداد لتأييد هذا البيان، ودعي الى المؤتمر كل من كان يدور في فلك النظام العراقي من شخصيات وفئات حزبية سواء في لبنان أو مصر أو البلاد العربية الأخرى وكذلك في مختلف المهاجر فكان هذا المؤتمر وسيلة لجمع الانصار والمؤيدين للنظام العراقي والدعاية لشخص صدام حسين.

كانت دعوة صلاح البيطار لهذا المؤتمر مناسبة لإجراء المصالحة واحتواء بعض من حوله من الموالين، ولاسيما بعد أن فشلت كل محاولات النظام لاحتواء البعثيين من جماعة صلاح جديد، وقد ألقى صدام حسين في المؤتمر كلمة أشار فيها باعتزاز الى وجود الاستاذ البيطار ووجودي، وكان يأمل أن يلقى البيطار كلمة تشيد به ولكن صلاح لم يفعل بل اقتصرت كلمته على القضية القومية والحياد الايجابي.

لقد غيب ميشيل عفلق عن المؤتمر وكانت الأوامر قد صدرت -كما يبدو- إلى أعضاء القيادة القومية بالالتفاف حول البيطار والاحتفاء به ودعمه، ولكنه بعد إلقاء كلمته التي لم يتعرض بها للاشادة بصدام حسين لم يعامل في حفلة العشاء بالحفاوة التي عومل بها خلال انعقاد المؤتمر ولم يلاحظ له حضور مرموق بينما توجه صدام حسين بالحفاوة لي، وطلب مني أن أكون على يمينه خلال حفل العشاء. وفي تقديري أن سبب ذلك هو المواجهة الحادة التي حدثت بيني وبين أحد الشباب اللبنانيين المدعويين الى هذا المؤتمر وأذكر أن اسمه الدكتور سمير صباغ أو ما يشبه ذلك، وكان هذا الشاب قد طالب خلال مناقشات المؤتمر بوجود قواعد سوفيتية في البلاد العربية مما دعاني للرد عليه خارج قاعة المؤتمر التي لم أشأ الرد عليه فيها بسبب عدم دعوتي للكلام مثلما حدث مع صلاح البيطار، وكان مما قلته لذلك الشاب :

إن إقامة القواعد في بلادنا أمر يطيح بسيادتنا وان التعاون مع الاتحاد السوفيتي شيء واقامة قواعد شيء آخر، وان اسرائيل لم تقبل بإقامة اي قاعدة للولايات المتحدة رغم الدعم الاميركي الكبير، وكان هذا موقفي الدائم منذ الخمسينات عندما بدأت سورية بالتعاون مع الاتحاد السوفيتي، وأذكر أنني اختلفت مع خالد العظم وعارضت رأيه بطلب عقد معاهدة عدم اعتداء مع الاتحاد السوفيتي، والظاهر أن موقفي هذا هو الذي دعا صدام حسين للاحتفاء بي بهذه الصورة ، لأن حقيقة التجمع الذي دعا اليه النظام العراقي مما يرضي الغرب والولايات المتحدة.

لقد كان المشروع الأول الذي تشابكت فيه عوامل داخلية وعربية ودولية هو قيام حكم في سورية يميني غربي مناهض لليسار وللمعسكر الاشتراكي يعتمد على بقايا القوى العسكرية من جماعة محمد عمران بينما يتولى الحكم صلاح البيطارواليمين المدني.

بعد فشل هذا المشروع اعتمدت الولايات المتحدة على النظام العراقي والاخوان المسلمين لابعاد النظام في سورية عن الاتحاد السوفيتي الذي كان يدعم هذا النظام سياسة وتسليحا، وليست سلسلة الاغتيالات التي حدثت خلال السبعينات للخبراء السوفييت في سورية إلا حلقة من هذا التوجه.

كما انه لا بد لي من الاشارة الى أن من اهداف المؤتمر كما تبين من عدم دعوة ميشيل عفلق، وهو الأمين العام، ودعوة صلاح البيطار والطلب منه أن يخطب في المؤتمر، كذلك التفاف الحزبيين حوله، أن يعتمد صدام حسين على صلاح البيطار بدلا من عفلق في معركته القادمة مع النظام السوري، وهي المعركة التي أدى الاعتماد فيها على الاخوان المسلمين الى مذبحة حماه فيما بعد.

ومع ذلك فان هذا المؤتمر لم يكن الا مصالحة في الظاهر، لأن صلاح البيطار بقي مستمرا في نهجه المعارض للنظام السوري مستقلا عن النظام العراقي والقيادة القومية، وهو النهج الذي اتبعه في جريدة الاحياء العربي التي أصدرها في باريس والذي كان سببا لمزيد من التقارب بيني وبينه، فقد أصبحت أراه غالبا في باريس لنتذاكر معا في الوضع السوري، وكان يزورني ليعطيني جريدة الإحياء العربي كلما صدر عدد جديد منها.

إن جريدة الاحياء العربي بدعوتها الى الديموقراطية وفضحها ممارسات النظام السوري في القمع والتعذيب والفساد ولا سيما بما كتبته عن مذبحة سجن تدمر (صيف عام 1980) وهي المذبحة التي قتل فيها ما يقرب من ألف سجين انتقاما لمحاولة فاشلة لاغتيال حافظ أسد، قد اصبحت جريدة متداولة في الاوساط السورية التي تعارض النظام السوري كما بدأ تأثيرها يمتد الى داخل سورية مما دعاني لتنبيه صلاح البيطار الى وجوب الحذر من النظام السوري الذي لا حدود لبطشه والذي لم يتوان عن اغتيال كمال جنبلاط في لبنان وغيره من الشخصيات السياسية والاعلامية والثقافية من كل الفئات المعارضة ، كما لم يتوان عن تفجير مكتب مجلة الوطن العربي في بيروت بعدما أدليت لها بتصريح حول ممارساته، وفي شارع ماربوف بالقرب من الشانزليزه كان ضحيته امرأة فرنسية وبعض الجرحى.

لقد ألححت على البيطار قبل اغتياله بعدة ايام الا يغادة منزله الى مكتب جريدة الاحياء وأن يكتب مقالاته في المنزل، كما اتفقت معه، وقد أصبحت اشعر أنا ايضا بالخطر، ان نطلب معا الحماية من الحكومة الفرنسية، وعزمنا على مقابلة السيد ريمون اده الذي ترك لبنان بعد محاولة فاشلة لاغتياله من قبل النظام السوري والطلب منه، بماله من معرفة بالاوساط الفرنسية، أن يسعى لتأمين حمايتنا، وقد اخبرني الاستاذ صلاح أنه حاول الاتصال بريمون اده ولكنه لم يستطع لأن اده كان خارج باريس، وعندما اغتيل البيطار لم يكن مضى على تحذيري سوى ثلاثة أو أربعة أيام.

كان الاستاذ عبد الله عبد الدائم البعثي السابق والقريب من الاستاذ البيطار هو أول من أخبرنا بحادث الاغتيال وطلب من زوجتي أن تذهب الى زوجة البيطار لتكون الى جانبها عندما تتلقى النبأ، فكانت أول جملة تفوهت بها زوجة البيطار عندما رأت زوجتي تزورها بغير موعد : هل قتلوا صلاح؟

نفت زوجتي ذلك أولا ثم بدأت تسرب الخبر تدريجيا الى الزوجة والابنة الوحيدة وأخت الزوجة التي قالت بعفوية: لقد قتله ذلك الموعد.

كان الموعد مع شخص مقيم آنذاك في بريطانيا ويبدو أنه من عملاء
04-15-2008, 01:14 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
صفحات من مذكرات أكرم الحوراني - بواسطة arfan - 04-15-2008, 01:14 AM
صفحات من مذكرات أكرم الحوراني - بواسطة arfan - 04-15-2008, 01:15 AM,
صفحات من مذكرات أكرم الحوراني - بواسطة arfan - 04-15-2008, 01:49 AM,

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  قلب الاخوان " محاكم تفتيش الجماعة " مذكرات ثروت الخرباوي fancyhoney 3 3,370 11-02-2012, 02:23 AM
آخر رد: حمزة الصمادي
  من النهضة الى الردة - جورج طرابيشي .. نسخة صفحات منفردة ali alik 2 4,035 10-26-2010, 02:25 AM
آخر رد: إبراهيم
  نقد نقد العقل العربي - العقل المستقيل في الاسلام - جورج طرابيشي - صفحات منفردة ali alik 0 1,127 07-16-2010, 11:27 PM
آخر رد: ali alik
  مذكرات داعي دعاة الدولة الفاطمية ذات البروج 5 2,704 01-24-2010, 01:23 AM
آخر رد: المروءة والشهامة
  سلسلة صفحات من تاريخ مصر مكتبة مدبولي القاهرة 37 كتابا fancyhoney 0 2,264 12-15-2009, 10:34 PM
آخر رد: fancyhoney

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS