{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
ألف وجه لألف عام...ابراهيم العريس
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #3
ألف وجه لألف عام...ابراهيم العريس
ألف وجه لألف عام - «قذى في العين» لطاغور: مع المرأة وضد المجتمع الظالم
ابراهيم العريس الحياة - 15/04/08//


طاغور وفي الاطار ملصق الفيلم
كان المخرج الهندي الكبير ساتيا جيت راي يقول دائماً عن نفسه أنه، في كل ما يبدع ويعمل، انما يعتبر نفسه تلميذاً أميناً لرابندرانات طاغور، الى درجة أنه حقق عن شاعر الهند وأديبها الكبير فيلماً تسجيلياً يعتبر من أعمال راي المميزة. غير أن راي ما كان يقول هذا حتى يردف: لكنني أعتقد أن أفضل ما ورثته عن طاغور (والدي الروحي) نظرته التقدمية الى المرأة، ثم بالتحديد نظرته الغاضبة الى وضعية المرأة في الهند. ومن هنا نلاحظ ان المرات الكثيرة التي اقتبس فيها ساتيا جيت راي، نصوصاً من طاغور، في شكل مباشر أو غير مباشر، ليحولها أفلاماً، كان يقتبس موضوعات تطاول المرأة وقضيتها. ولعل أشهر مثالين على هذا فيلما راي: «شارولاتا» و «البيت والعالم». وهما فيلمان متقاربان في الموضوع، يقف كل منهما، حتى بشيء من التطرف الاجتماعي – بحسب بعض النقاد الهنود – الى جانب المرأة. وعلى رغم لجوء راي مرات الى أدب طاغور لاستلهامه، كان هذا المخرج يقول دائماً خلال السنوات الأخيرة من حياته، أنه نادم لأنه لم يقتبس، في فيلم من أفلامه، تلك الرواية التي يرى أنها الصرخة الأعنف في الدفاع عن المرأة، ويعني بهذا رواية «شوخير بالي» ومعناها في العربية «قذى في العين»، التي عاد مخرج هندي آخر وحولها الى فيلم بعد سنوات من رحيل ساتيا جيت راي. وإذ سئل راي يومها عما حال بينه وبين اقتباس «شوخير بالي» قال: «عدم رضى طاغور نفسه عن النهاية التي اختارها لها. ولو أن طاغور بقي حياً، لكنت طلبت منه تغيير تلك النهاية».

> رابندرانات طاغور نفسه كان يقول دائماً أنه لم يكن راضياً عن نهاية «شوخير بالي» لكنه لن يبدلها أبداً، طالما انها وصلت الى أيدي قرائه. ومع هذا ثمة قراء ونقاد كثر يقولون ان طاغور حسناً فعل إذ لم يحدث تبديلاً في روايته. مهما يكن تعتبر «شوخير بالي» من كلاسيكيات الأدب الهندي اليوم. كما تعتبر من الروايات التي نادت دائماً بتمكين – أو تمكن، بالأحرى – المرأة من القبض على مصيرها. والحقيقة أن موضوع هذه الرواية يطاول مسألة شديدة الحساسية في التقاليد الهندية، تتعلق، طبعاً، بمصير الأرامل في ذلك المجتمع المركّب والمغرق في سلفيته وتقاليده. وحسبنا كي ندرك كم ان طاغور كان يمشي وسط رمال متحركة، حين جانب هذه القضية في «شوخير بالي» كما في غيرها من رواياته، ان نعرف ان صاحب نوبل للآداب عام 1913، كتب هذه الرواية أوائل القرن العشرين حين كانت أي صيحة اجتماعية تقدمية تعرّض صاحبها ليس الى المساءلة والهجوم، بل الى القتل أحياناً كثيرة. ذلك ان هذا النوع من «حماة التقاليد» كان – كما لا يزال دائماً هو وورثته في المجتمعات كافة – مستعداً للقتل في سبيل منع الكلمة التقدمية الواعية من الوصول الى من يهمهم الأمر.

> ومع هذا كله، حين تُعرَّف رواية «شوخير بالي» توصف في الهند بأنها، في البدء، «رواية عن الشغف والحب والعواطف، همها الأساس أن تكشف أسرار القلوب». وهذا صحيح، لكن الأهم منه الاختيار الواعي من جانب طاغور للشخصيات التي ستدور الأحداث من خلالها، وفي مقدمها شخصية بينوديني، المحورية. بينوديني، هذه صبية حسناء لا يكون قد مضى على زواجها فترة قصيرة حين يعتلّ زوجها ويموت. وهكذا تصبح أرملة وهي لا تزال في شرخ صباها. من ناحية التقاليد كان على بينوديني ان تنصاع الى التقاليد وتعتزل الناس لتعيش بقية سنوات حياتها في حزن وحداد على زوجها الراحل – ويعتبر هذا «الحكم» تخفيفاً لحكم آخر تمارسه طوائف ترى أن على الأرملة أن تحرق مع جثمان زوجها، لكن هذه حكاية أخرى، لسنا في صددها هنا -. هكذا تقضي التقاليد التي لا يحق لأي إنسان أن يخرقها. وبينوديني من دون أن تبدي تمرداً على هذه التقاليد أول الأمر، تتوجه الى القرية التي تنتمي أسرتها اليها، لتعيش هناك بعيداً من صخب المجتمع والناس، ولو لشهرين يهيئانها لحياتها المقبلة. غير ان الذي يحدث في القرية هو ان بينوديني تلتقي صدفة بصديقة قديمة لعائلتها. وهذه بعد تبادل ودي للحديث تدعوها كي تعيش معها في منزلها الواسع، بدلاً من أن تعيش وحدها. وفي ذلك البيت الواسع يعيش ماهندرا ابن الصديقة مع زوجته الشابة. ونعرف من خلال المشاهد التالية ان ماهندرا كان في السابق، حين اقترحت عليه أمه أن يتزوج بينوديني وأطلعته على صورتها، رفض ذلك. لكنه الآن وقد صارت هذه نزيلة دارهم، بدأ يرى أن الأرملة الشابة أكثر ملاءمة من فتاته. وعلى هذا النحو تبدأ أحداث الرواية الحقيقية وحواراتها الواضحة والخفية، إذ أن عدداً لا بأس به من المشاهد التالية يتألف من حوارات ومواقف تطاول الكثير من القضايا مثل الوفاء والتقاليد والزنى والمشاعر والأكاذيب.

> كل هذا يدور في مناخ شديد الكآبة والحزن، وذلك – بكل بساطة – لأن الأحاديث تتناول ما هو مسكوت عنه، وتلامس ما لا يمكن الشاب الذي صار مولعاً أكثر وأكثر ببينوديني، أن يفعله. غير ان الأهم من هذا هو أن طاغور من خلال وصفه ذلك الحيز من الحياة الاجتماعية، واشتغاله على الشخصيات في تنوعها والتشابك، السلبي أو الإيجابي، بينها، تجاوز مصير الأفراد الذين يتحدث عنهم، ليركز همه على وصف مفصل ودقيق للحياة الداخلية التي كان المجتمع البنغالي يعيشها خلال السنوات الأولى من القرن العشرين. لا سيما من خلال ملاقاته الشخصية المحورية، شخصية بينوديني، التي يصورها لنا الكاتب مستقلة الفكر متمردة يهمها ان تعيش حياتها كما يحلو لها، من دون أي رغبة – على أي حال – في تجاوز السلوكيات الأخلاقية. ان ثورتها ليست ثورة على الأخلاق ولا على القيم، بل ثورة على المجتمع ونفاقه. المجتمع الذي يمنع الناس من التعبير عن حقهم في الوجود والحياة. وأكثر من هذا: حقهم في الحب وفي أن تكون لهم عواطف.

> ولسنا في حاجة هنا، بالطبع، الى التذكير بأن هذه الرواية، ما إن صدرت في الهند للمرة الأولى حتى أثارت عواصف عاتية في وجه مؤلفها، إذ وجد المهاجمون من الرجعيين ان طاغور انما يتعرض هنا، سلباً، للعادات التي تفرض على الأرامل ان يعشن في حزن دائم لموت أزواجهن، ممنوعات من الزواج من جديد، محبوسات في عزلة البيوت. هذا المناخ الكئيب هو الحكم الذي يصدر على امرأة كل ذنبها أن زوجها قد مات. وهذا المناخ بالتالي هو الذي غلف رابندرانات طاغور روايته به، ما جعلها رواية حزن وكآبة وخيبة، ما عكس صورة صادقة للمجتمع وأحواله وكذلك تقاليده المعمول بها منذ مئات السنين وكان المطلوب أن تبقى راسخة الى الأبد.

> لقد كان رابندرانات طاغور (1861 – 1941) واحداً من أكبر كتّاب الهند وشعرائها، لكنه كان أيضاً واحداً من كبار ثوارها، حتى وان كانت ممارسته للثورة، وتثوير المجتمع، سلمية الطابع، هو الذي عرف المهاتما غاندي من قرب ووقف الى جانبه. وطاغور الى كتبه ومجموعاته الشعرية ومؤلفاته الموسيقية ومسرحياته وكتبه الفلسفية، كان أيضاً صنواً للروسي تولستوي، في العمل الميداني، حيث نجده يؤسس ذات عام، مؤسسة تثقيفية اجتماعية مهمة، يعرف الهنود جميعاً أنها لعبت دوراً أساسياً في التثوير الفكري في الهند خلال النصف الأول من القرن العشرين كما انها رفدت ثورة المهاتما غاندي ونضالاته اللاعنفية ببعض أفضل كوادرها ومناضليها.

04-15-2008, 10:08 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
ألف وجه لألف عام...ابراهيم العريس - بواسطة بسام الخوري - 04-15-2008, 10:08 AM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  سورية الدولة العلمانية تزداد اسلامية، أفقياً وعمودياً....ابراهيم حميدي الحياة بسام الخوري 1 781 06-18-2005, 12:52 PM
آخر رد: بسام الخوري

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS