Array
نسال فضل عن موقفه من السباب والشتائم فتقترح ساخرا أن يقوم بمدحها وشكرها!
يعني هذه واضحه في تغيير مسار قضية السباب والشتائم التي ركزت عليها انا هنا ، لم أطلب مدحا ولا ذما ،أنا طلبت موقفا من السباب والشتائم منه بالذات كونه معنيا سواء في شريطك أو غيره..
وإذا كنت لا تعتبر تخوين حماس! وأنها مسمومة! وعصابات مجرمة! ثم لاحظ أنك تتكلم بشكل عام ( حركة طائفية خائنة لفلسطين) وهذا سيشمل جميع المنتمين إليها ،إذا كنت لا تعتبره سبابا وشتائم لمن يتساقط على الأرض من المقاومين فأنت معذور! لأن دلالات الكلام لديك تختلف من دلالت كلام البشر ولك دلالاتك الخاصة!

عموما مداخلتك الأخيرة كانت أفضل من سابقتها وظهرت فيها كلمة ( بعض) لذلك عدت بك للسابقة لنرى هل سخفت أنا القضية حقا أم هي تحمل الطابع ذاته في جوهرها أعني أنها فعلا سب وشتائم!

ثم أريد ان أعلق على قضية (البحث عن الحور العين ـ وردت في إحدى ردودك) أرى فيه تسخيف للمحرك الديني الذي يمنح المقاومين القوة الإيمانية لبذل نفوسهم في سبيل أوطانهم ، وعلى قدر ما يزداد الألم تزداد الفرحة ، فماذا بعد فقد روح الإنسان من ألم ، إلا أنك تراه يذهب في غمرة السعادة والحبور فشدة الألم تقابلها شدة الفرح وهذا التوتر بين النقيضين الألم والفرح يؤدي الى اجتماع التناقضات هنا في وجدان الإنسان وهي تخالف نظرية المعرفة التي ترفض اجتماع التناقضات ولكن نظرية المعرفة أقصر من ان تبحث قضية وجدانية لأنها قضية وجودية وتحمل لمن أراد التدقيق طابعا فلسفيا لهذا الكائن البشري وليست نزوات جنسية وشبقية كما يتراى لمن يبحث في القشور!
والمشكلة في البحث عن دولة ديمقراطية ومجتمع مدني وحريات ثم محاكمة حماس كحركة على هذا الأساس كي توجد في مكان غير موجود أصلا في ظل وجود احتلال جاثم على أرضك ، عندما يذهب الاحتلال عندها يكون لتلك المحاسبة موقعها أما الأن فإن الإيمان الذي يسخر منه البعض هو القوة الحقيقية المتبقية للصمود والمقاومة ومن أبعد الدين كأدة قوة في مواجهة ضعفه فليس له إلا الانبطاح والمفاوضات والرقص على وحده ونصف كحال عباس وفياض!!

تحياتي..
[/quote]

عدة نقاط:

1) أنت لم تطلب بشكل "حيادي" موقف "فضل" مما تسميه "سباباً وشتائما". أنت حاولت، بشكل مبطّن، أن تسفه "خطابنا" من خلال إلصاق تهمة السباب والشتائم به من ناحية، ثم حاولت – من ناحية أخرى – أن تستهين باعتقال "زميل لك هنا" من خلال إعطاء جلاديه العذر في ذلك، كونهم أطلقوا سراحه بعد اعتقاله.
القاريء لجملك القليلة يرى تعاطفك مع "سلطة الراجعين إلى الخلف" من خلال التركيز على "إطلاق السراح" والتغافل عن "الاعتقال والإهانة" التي لحقت بالزميل الدكتور. فأنت تريد أن تزرع في ذهن القاريء أن "حماس" كانت في هذه القضية "المنعمة المتفضلة" بعدما أطلقت سراح "الدكتور فضل"، بل أكثر من هذا، فلقد لحق بها "حيف" كبير منا نحن، أعضاء منتدى أثيري لا حول لنا ولا طول إلا بعض كلمات هاربة.
أنت يا سندي، حاولت ببساطة أن تجمّل "قبح" هذه الحركة الانقلابية المارقة بطريق غير مباشر، وها أنت تعود الآن كي تدافع عن "ثقافة الخدر والموت" التي يستحمون بها مساء صباح.

2) نعم، "حماس" حركة خائنة "وطنياً" بالاستناد إلى جميع ما جئتُ به أعلاه. وأنا هنا لا أتحدث طبعاً عن المنتمين إليها ولكن عن أيديولوجية الحركة نفسها. بمعنى أن هناك في "حماس" ثلاثة أنواع من الانتماءات الظاهرة – بجانب أخرى أقل منها لا مجال لذكرها هنا -: النوع الأول هو "فاشي إسلاموي" خائن للقضية الوطنية (وهؤلاء حمساويون أصيلون شبوا واكتهلوا على مباديء "حسن البنا الساعاتي" و"سيد قطب"). والنوع الثاني هو "مضلّل تائه" يحسب نفسه مقاوماً من خلال "حركة فاشية مجرمة" مع أن كل ما يفعله هو طعن لأخوته ولقضيته الوطنية في الظهر. وهناك نوع ثالث عناه "سعيد صالح" – رضي الله عنه - في "مدرسة المشاغبين" عندما قال: "طور الله في برسيمه".

3) لا تقيّم لي مداخلاتي – بالله عليك -، وتذكر بأن استعمال مثل ألفاظه "بذيئة" لا يعني بأن المعنى بذيء بحد ذاته. من هنا فإن استعمال "شاف إشي ما شاف إشي، شاف كـس أمو ...غشي" لا يجعل من رأيي سباً وشتيمة، بقدر ما يعبّر عن حالة "الانبهار" التي انتابت "حماس" من "كرسي السلطان" وحالة التمسك بهذا الكرسي، حتى لو كان الثمن الانقلاب وشق الوحدة بين الضفة والقطاع. لذلك، عندما أقول لك، مثلاً، أن فرض "حماس" "ديناً للدولة" علينا وحالتنا أمام هذا المطلب يشبه قول المثل: "يا بتمسك زبـّي، يا بشـخّ عليك"، فإن هذا ليس شتماً ولا سبّاً بقدر ما هو تجسيد لحالة قائمة عن طريق مثل حسيّ ... ليس إلا.


4) لا شك بأن "الإيمان" مهم جداً في "الحشد النفسي" للمقاومة. ولكن "أساس" هذا الإيمان أكثر أهمية. "فالانتحاريون اليابانيون" (الكاميكاز) كانوا مؤمنين بما يفعلونه إيماناً جعلهم يلقون بطائراتهم في "مداخن السفن والبوارج الأمريكية" في الحرب العالمية الثانية. وكي لا نذهب بعيداً فإن "أوليفييه كاريه" يقول لنا في كتابه عن "أيلول الأسود" أن "العمليات الفدائية الفلسطينية" بين سنة 1968 وسنة 1970 بلغت أكثر من 3000 عملية. فالفدائيون الفلسطينيون كانوا يواجهون الموت في تلك المرحلة بوازع وطني وإيمان بعدالة قضيتهم وصحة نضالهم، ولم يكونوا بحاجة إلى "الموت في سبيل الله" أو "نكاح الحور العين والغلمان المخلدين" كي يحاولوا استرداد حقوقهم المغتصبة.
ماذا يعني هذا؟
يعني أن "الإيمان الراسخ بقضية من القضايا" يعطيك الدفع النفسي للمضي في طريقك، بغض النظر عن "أساس هذا الإيمان". بمعنى أننا لسنا بحاجة إلى "الإيمان بنكاح الحور العين والغلمان المخلدين" كي نشحذ نضالنا "الوطني"، لأن هذا "الإيمان الديني" يُغيّب القضية الوطنية بل يمحوها ويجعلها نسياً منسياً. ففلسطين عند "المؤمن بالقتال في سبيل الله" ليست هي الهدف والغاية، واسترداد حقوق شعبها ليس أولوية بحد ذاته. "فالصراع في فلسطين - عند هؤلاء - " هو صراع بين الكفر والإيمان يستوي مع أي صراع بين الكفر والإيمان في أي زاوية من العالم". هكذا تستوي قضية فلسطين مع قضايا "الشيشان" و"مسلمي الفيليبين" و"جهاد القاعدة التفجيري" وتضيع "قضيتنا الوطنية" ولا يبقى منها شيئاً. لذلك رأيت بعض "الراجعين إلى الخلف" مثل "عبدالله عزّام" الفلسطيني مثلاً يحارب في "افغانستان" و"أبو قتادة" "يجاهد" في "لندن" وهكذا دواليك.
لنذهب أبعد قليلاً بعد ... ولنقل بأن استعمال "الموت في سبيل الله والحور العين والغلمان المخلدين" كدافع للنضال الفلسطيني لا يؤدي فقط إلى تغييب "قضيتنا الوطنية" وتمييعها وإذابتها في بحر "الجهاد الإسلاموي ضد ما يسمونه الكفر". بل يؤدي، على المدى الطويل، إلى نتيجتين مرعبتين لمجتمعاتنا ولإنساننا، هما:
أ‌) خلق جيل كامل تغلب على ذهنه "الغيبيات والماورائيات" وخزعبلات الأدبان، في عصر - نحن أحوج ما نكون به - إلى "الوعي والاستنارة وإعمال العقل"، ومحاولة بناء دول حديثة تعتمد على وضع "الإنسان" في مركز الكون، علها تستطيع أن تلحق، ولو قليلاً، بركب عالم لا يتوقف لحظة عن التقدم.
ب‌) شحذ "سكاكين وخناجر" الكراهية الطائفية والتزمت والتصلّب والتحجّر واستعمالها "بين أبناء الوطن الواحد" لو استطعنا أن نقيم دولة لنا في يوم من الأيام. بل استعمال هذه السكاكين والخناجر ضد كل "من يخالف القطيع المجاهد في سبيل الله" الرأي. فكل من خالف "حقيقة القطيع المطلقة" هو – عند القطيع – كافر زنديق تجب "مجاهدته" وقتله (وهذا كله في سبيل الله طبعاً). ولقد رأينا في العالم العربي، ولله الحمد والمنة كما يقول "نيوترال" مد الله ظله، من يرى الجهاد في سبيل الله يصبح جهاداً ضد "طه حسين" ومحاولة اغتيال "لنجيب محفوظ" وطرداً "لنصر حامد أبو زيد" واغتيالاً "لفرج فوده" ومحاكمة "لصادق جلال العظم" واستتابة "لسيد القمني" و ... و ... و... ومن مثل هذا الكثير.

5) قصة بأن علينا أن "نحاسب حماس" على "أيديولوجيتها" بعد "انتهاء الاحتلال" تذكرني "بنغمة": "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة". تلك النغمة التي أباحت للديكتاتوريات العربية أن تقتل أوطاننا وشعوبنا حتى اليوم.
لا يا سندي، الانتظار ليس وارداً، بل هو "فرض عين وطني" على كل فلسطيني مخلص لفلسطين وقضيتها وإنصاف شعبها واسترداد حقوقه المغتصبة، أن يقف لأيديولوجية "حماس" الخائنة لفلسطين بالمرصاد. وأن يطالب هذه الحركة (ومن على شاكلتها مثل "الجهاد الإسلامي" وغيره) بالعودة إلى الصف الوطني عبر إزالة جميع العوائق "الأيديولوجية" التي تئد "فلسطين" قبل أن تولد، وتشكل "سكيناً" يذبح كل ما هو "وطني" في بلادنا على المدى القصير، ويغدر بكل مستقبل لأولادنا وأحفادنا على المدى الطويل.
اليوم، قبل الغد، يجب تعرية "حماس" وأيديولوجيتها الخائنة الهادمة التي جعلت من قضية فلسطين العادلة قضية لإعلان الحرب على العالم كله، فزجّتنا في بوتقة أكبر منا بكثير، وخدمت بذلك مصلحة كل عدو لشعب فلسطين وحقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني.
أخيراً، لنتذكر، بأن من سهّل "للمجمّع الإسلامي" في "غزّة" أن يصبح "حماس" فيما بعد هو "الاحتلال الاسرائيلي" (باستشارة وموافقة الولايات المتحدة التي كانت ترعى الإسلامويين في إفغانستان وقتها). فالاحتلال الإسرائيلي هو من رعى "حماس" "على كفوف الراحة"، في الثمانينات من القرن الماضي، مؤملاً أن تصل يوماً إلى ضرب "وحدة الصف الفلسطيني وحركته الوطنية الممثلة بمنظمة التحرير". وها هو هذا المشروع يؤتي أكله، فتستطيع "حماس"، عبر الانقلاب على الشرعية الفلسطينية في غزة، أن تحقق لإسرائيل ما لم تستطعه هذه طوال خمسين سنة قبلها.

واسلم لي
العلماني