السلطات المصرية تعود لأسلوب الاعتقالات المباشرة مع القوى السياسية المدنية بعد إضراب إبريل

من : مجدي سمعان القاهرة 22 نيسان/إبريل (د ب أ)- بعد سنوات طويلة لم تصدر خلالها وزارة الداخلية المصرية أوامر اعتقال مباشرة ضد نشطاء سياسيين مدنيين، شهدت الفترة اللاحقة لإضراب السادس من نيسان/إبريل الماضي إصدار الوزارة 11 أمر اعتقال ضد نشطاء سياسيين كانت النيابة قد أخلت سبيلهم

ومن بين من صدرت أوامر اعتقال بحقهم إسراء عبد الفتاح التي أطلقت دعوة على موقع "فيس بوك" الإليكتروني للإضراب احتجاجا على الغلاء والأوضاع المعيشية المتردية ، وهي الدعوة التي وقع عليها أكثر من 72 ألف مواطن مصري

وبدأت الاعتقالات في 12 من نيسان/إبريل باعتقال 5 من النشطاء السياسيين بمدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية شمال القاهرة وأعقب ذلك اعتقال ثلاثة نشطاء بدمنهور عاصمة محافظة البحيرة الواقعة في منطقة الدلتا ثم صدور أمر اعتقال ضد المهندس محمد الأشقر الناشط في الحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية) يوم الأحد الماضي ، ومن قبلهم الروائي مسعد أبو فجر عضو حركة أدباء وفنانين من أجل التغيير

وشهدت مدينة المحلة شمالي القاهرة ، والتي تبنى عمالها الإضراب من الأساس ، مواجهات بين العمال والشرطة أصيب خلالها أكثر من 100 شخص

واعتادت وزارة الداخلية المصرية استخدام أسلوب استصدار أوامر الاعتقال المباشر ضد نشطاء الجماعات الإسلامية والمتورطين في هجمات مسلحة

ووفقا لما يقوله حافظ أبو سعده ، أمين عام المنظمة المصرية لحقوق الإنسان ، فإن عدد المعتقلين في السجون المصرية يتراوح ما بين 10 إلى 12 ألف معتقل معظمهم من معتقلي الجماعات الإسلامية ومن بينهم أشخاص انتهت فترة عقوبتهم "إلا أن وزارة الداخلية رفضت إطلاق سراحهم وأصدرت بحقهم أوامر اعتقال"

ويضيف أبو سعده بالقول : "الحكومة لا تحترم تعهداتها أمام البرلمان ، عند تجديد تمديد حالة الطوارئ ، بأن الطوارئ لن تستخدم إلا ضد الإرهاب وتجارة المخدرات ، وهذا يفتح باب التخوف من التفسير المطاط للإرهاب ويجعلهم يدخلون أنشطة الاحتجاج السلمية في إطار جرائم الإرهاب التي سيتعامل معها القانون المزمع سنه"

أما اللواء فؤاد علام الوكيل الأسبق لجهاز مباحث أمن الدولة فيقول إن "أوامر الاعتقال المباشرة لا تصدر إلا ضد الإرهابيين وتجار المخدرات واستخدمت قبل ذلك ضد مهربي الآثار"

وردا على من يقولون إن من صدرت ضدهم قرارات اعتقال عقب إضراب السادس من نيسان/إبريل ليسوا إرهابيين، قال علام : "ما هو تعريف الإرهاب؟ إذا كان البعض قد حرض على التدمير والتخريب ألا يعد هذا إرهابا" :lol22:


وأشار أحمد سيف الإسلام حمد مدير مركز هشام مبارك للقانون وعضو فريق الدفاع عن المعتقلين في قضية الإضراب إلى أن الأسلوب الذي كان النظام مستقرا عليه لفترة في التعامل مع النشطاء السياسيين "هو أن تقبض الداخلية على من تريد وتوجه له تهما سواء لها أدلة أو ليس لها أدلة ، وتقرر النيابة حبس المتهمين احتياطيا وتجدد الحبس لفترات لحين الإفراج"

أما في حالة قرارات الاعتقال ، بحسب ما يضيف الناشط الحقوقي المصري ، فتكون "التهم الموجهة من الداخلية تهما عامة وليست محددة مثل أنه حرض على ممارسة الشغب أو أنه مارس نشاطا من شأنه تكدير السلم الاجتماعي"

وأوضح أنه يحق للمعتقل تقديم تظلم خلال 30 يوما تنظره المحكمة خلال 15 يوما ، وفي حالة قبول التظلم يحق لوزارة الداخلية الطعن في الحكم "وفي حالة رفضه يجب إخلاء سبيل المعتقل"

وقال حمد : "رغم ذلك لا تطبق الداخلية في كثير من الأحيان قانون الطوارئ، وتستخدم حيلة نقل المسجون من سجن لآخر وتصدر له أمر اعتقال جديدا ، ثم يعاود المعتقل نفس إجراءات التظلم وهكذا"

ومن جانبه ، قال المحامي أمير سالم أحد أعضاء فريق الدفاع عن المعتقلين : "قرارات الاعتقال فيها حالة من استعراض الداخلية لقوتها أمام القضاء والنيابة العامة. وهو مؤشر خطير يضرب فكرة دولة القانون. ويفتح الباب واسعا أمام استخدام قانون الطوارئ"

ولكن اللواء علام رفض تبرير الاعتقالات بوجود صراع بين الداخلية والقضاء وقال : "هذا كلام غير منطقي وغير معقول وغير مقبول"

وأضاف بالقول : "بعض الجرائم تكون غير مكتملة الأركان..فتضطر النيابة لإطلاق سراح المتهمين بينما قد ترى الداخلية أن هناك تهديدا من وراء خروجهم"

وتابع قائلا : "هنا تأتي حكمة وجود قانون الطوارئ، حين توجد جريمة غير مكتملة الأركان، ولا تستطيع النيابة اتخاذ قرار فيها هنا يأتي دور قانون الطوارئ. ومن ثم تضطر الشرطة إلى استخدام قانون الطوارئ لمنع هذا الشخص من القيام بهذا النشاط"

وأشار علام إلى أنه في وقت من الأوقات "كان الإرهابيون يستخدمون منابر المساجد للترويج للفكر الإرهابي ، وهذا ليس مجرما طبقا لقانون الإجراءات الجنائية وبالتالي لم يكن من الممكن اتخاذ إجراء ضد هؤلاء من قبل النيابة، فكانت الداخلية تضطر لإصدار أوامر اعتقال ضد من يقوم بالترويج للفكر الإرهابي"

وأوضح المسئول الأمني السابق "أن قانون الإرهاب سيعالج هذا القصور حيث ستجرم الدعوى إلى الإرهاب والتي لا ترقى لتكوين جريمة متكاملة ولكنها تشكل جريمة إرهابية"

ونصت التعديلات الدستورية التي تم إقرارها في مصر عام 2007 على استحداث قانون لـ"مكافحة الإرهاب" ، من المنتظر أن تقدمه الحكومة للبرلمان لإقراره لإحلاله محل حالة الطوارئ المعلنة بشكل متصل منذ عام 1981

وأكد أبو سعده أن هناك "حالة من المعاناة بين المواطنين بسبب غلاء الأسعار عالميا ، وجزء من زيادة الشعور بهذه الحالة يرجع إلى تفشي الفساد"

وقال : "الحكومة لا تريد القيام بدورها في مواجهة الفساد ومن ثم تتبع أسلوب القمع لمواجهة المشكلة"

ومع مواصلة وزارة الداخلية المصرية إصدار أوامر اعتقال وتحفظ بحق بعض ممن شاركوا في الإضراب الأخير ، يواصل نشطاء "فيس بوك" الدعوة لإضراب آخر يوم 4 أيار/مايو المقبل الموافق لعيد ميلاد الرئيس المصري حسني مبارك