{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
قصة كريمة
مرعي عوض غير متصل
عضو مشارك
**

المشاركات: 22
الانضمام: Feb 2008
مشاركة: #1
قصة كريمة





فكرة العودة والانتقام والتصحيح مقتبسة من جريدة الحقيقة الليبية بتصرف كبير أما الموضوع ذاته فهو غير مقتبس

قصة كريمة


....وبعد أن انتهي تبادل الآراء حول محاضرة اليوم الدسمة ، و اختفي زميلها من على شاشة المرسال ( المسنجر ) ، شعرت بأن شاشة الحاسوب أظلمت و أن فراغا كبيرا أحاطها بوحدة قاسية، بدون أن تقصد امسكت بقلم رصاص و سرحت تاركة لأصابعها حرية التعبير اللا إرادي لترسم على ورقة ناصعة البياض خطوطا عشوائية وعلامات استفهام كبيرة ، وانتهت برسم قلبين صغيرين ، يخترقهما سهم أهوج و يحيطهما عصفوران صغيران يزقزقان بعدة قلوب صغيرة، تخرج من مناقيرها الحمراء في انطلاق غريزي.
....
شعرت بأن فروة رأسها على وشك أن تنخلع جاذبة معها قلبها ذاته مرورا بالدماغ ، إذ فجئت بشقيقها يقف خلفها و يلف شعرها على أحد كفيه جاذبا رأسها نحوه بقوة و كفه الآخر يلقمها عدة صفعات متتالية على وجهها البريء.
....
صرخت غيضا قبل أن تصرخ ألما ، إذ سمعته يقول : ترسمين قلوبا وعصافير ؟؟ تحبين ؟؟ او تعرفين الحب والكلام الفاضي و ترسمين قلوبا وعصافير، و نحن من سمحنا لك بالالتحاق بالجامعة واثقين بأنك ستحافظين على شرفنا؟؟... ....وغير ذلك من الهراء التافه.
......
شعرت بأن سيلا من الغضب والرغبة في المقاومة قد تدفق و فاض فحطم سد الخضوع والخنوع، فتركته يضرب بكل قوته كل ما هو في طريقه ، تفاجاء أخوها برد فعلها الغير معتاد ، و قابل سيل غضبها بالمزيد من الصفعات ثم الركلات العشوائية
واستنجد بأبيه ليعاونه على تربية فتاة قليلة الحياء ترسم قلبان وعصفوران يزقزقان. اسرعت تتقي الصفعات والركلات العشوائية بالهروب من بينهما مستنجدة بوالدتها التي فاجاءها الموقف ، و عندما عرفت بمدى فظاعة جريمة ابنتها ،
ركنت إلى خنوعها المعتاد ، في ألم يظهر على ملامحها ولا يجرءا لسانها على النطق به، فتركت الأمر لله من قبل و من بعد.
.....
كان أخيها يركلها بكل قوة و عشوائية ، وهي ملقاة على الأرض ، أحد ركلاته حطمت فكها و أسالت الدماء من فمها والأخرى ، كسرت لها ضلعا واحدا. تمكنت ركلة إضافية من قدم الوالد اليمنى من أن تجعل الضلع المكسور يخترق الغشاء والقلب معا.
.....
وبين كلمات الشرف ، والعائلة ، والقبيلة ، والجامعة والركلات العمياء التي تكشر ضلعا لينبت مكانه عشرة ، انبثقت الشهادتان من شفتيها كنغمات عصفورين يزقزقان بعدة قلوب صغيرة. استشهدت كريمة، و كفها الأيمن قابضا بشدة على قلم الرصاص.
....
حاولا إزالة القلم من كفها لكن يدها كانت قد تخشبت في قوة قابضة على قلم الرصاص رافضة في عناد التخلي عنه، تشاورا في الأمر، و كيفية الحصول على ترخيص الدفن..خافا عاقبة القانون المدني بالذات، فقررا أن ينتظرا إلى أن يحل الظلام و يهربانها إلى المقبرة ، حيث يضعا جسدها والقلم في أول حفرة خلف سور المقبرة مباشرة.
....
رجعا إلى مضجعهما ، و قد اطمئنا على شرفهما المدفون جيدا ، فناما قريري الأعين.
....
في صباح اليوم التالي، كانت كريمة تقف في وسط الزقاق تحمل هراوة على شكل قلم، وتتلاعب بها في خفة عجيبة ، جاءت إلى بيت أسرتها و رسمت على جداره العريض، قلبا أحمرا يخترقه سهم بعناية، يحيطه عصفوران ، احدهما ميت مزقزقا والأخر نصف ميت يبادله نغمات القلوب الصغيرة.
....
انتقلت لبيت صديقتها منى،التي تعرف أنها تحب أحد زملاءها ورفضت أسرتها طلبه ليدها على سنة الله و رسوله أيضا، رسمت قلبا أحمرا يخترقه سهما ليقسمه عدة قطع و بجواره عصفوران ميتان جيدا تحيطهما الورود العبقة.
....
خرج سكان الزقاق صباحا كعادتهم، منهم من كان في سبيله لعمله و منهم من خرج لشراء خبز الصباح الطازج، و منهم من هو في سبيله إلى مدرسته أو كليته. تفاجئوا بالقلوب والعصافير المرسومة على جدران و أبواب البيوت . غضب شارب كبير
من تلك الرسوم و اخذ يشتم و يلعن أطفال الزقاق عديمي الحياء، حاول أن يزيل ما رسم على باب بيته لكنه لم يفلح ، كانت كريمة تقف خلفه مباشرة و عندما التفت ناحيتها ضربته بقلمها الهراوة على أصابعه في دقة حادة، كسرت له حوالي ثلاثة أصابع بضربة واحدة، تحول صوته الذي يسمع في كل الحارة شاتما و لاعنا ، إلى صوت عواء متألم.
تجمعت الشوارب والذقون حوله كالبراغيث الشرسة مستفهمة ، و عندما رأوا كريمة وقلمها، حاولوا إخافتها و تقدموا ناحيتها والبعض هرول ليتخذ موقعا خلفها بغية محاصرتها ، متوقعين فرارها، لكنها واجهتهم وأخذت تلف حول نفسها مطوحة بقلمها الكبير في كل اتجاه ومن تلذعه لمسة من ذلك القلم يصرخ في هلع واستغراب.
....
لم تستطع شوارب الحارة ولا ذقونها إزالة القلوب ولا العصافير من على جدران و أبواب الزقاق ، ولم يستطع أحد الامساك بكريمة أو بهراوتها الخارقة ، ومنعها من الرسم وتحطيم العظام ، تجمعوا في مؤتمر زقاقي يتشاورون بغية إيجاد حل لهذه المعضلة قليلة الحياء، تشاوروا إلى مطلع الفجر التالي ثم اتفقوا على أن يتفقوا بانتخابهم إمام المسجد و شيخ الحارة المهاب، لمحاورة كريمة و اقناعها بالتخلي عن قلمها، هراوتها ، و أن تعود الفتاة اللطيفة التي يعرفونها، وتكف عن تكسير عظامهم.
......
تقدم نحوها شيخ الحارة قائلا : يا فتاة لا يجوز أن ترسمي قلوبا وعصافير، لا يجوز أن ترفعي عينيك في و جوه رجال الزقاق ، قالت له : لست أنت من يقرر لي كيف أتصرف، الأفضل لك أن تنصرف لكومة الشوارب القذرة التي أرسلتك و قل لهم أن كريمة لن تكف عن رسم القلوب والعصافير، و سترفع عينيها في شجاعة لتخترق عيني كل شنب أخرق يتجرءا على منع أحد، أي أحد، من رسم القلوب أو العصافير أو السهام، إلى أن تقوموا بتنقية ما يجوز أو لا يجوز ليقابل وجه الله تماما ، وليس كما يجيزه تخلفكم ، بصقت في وجهه ووضعت احد أصابعها في عينيه، اعتراه الغضب و تورط معها في معركة مخجلة ،رفع صوته قائلا ، حقا أنك ناقصة الحياء ، فتاة فاسقة لعب الشيطان في رأسها ليلة كاملة في قبر مهجور، لقمته بهراوة قلم على ركبتيه فخر على الأرض متألما وقبل أن تلقمه بالثانية كان قد ابتعد مهرولا رغم عرجه، مبعثرا هيبته على طول الزقاق.
......

صاحت في حلقة الشوارب والذقون الذين كانوا بانتظاره على الناصية :أتعتقدون أني أخشى ما تتآمرون ضدي ، ها هو كبيركم ليحدثكم أن الله ذاته سيقف بجانبي وأنا ارسم القلوب والعصافير، و بإذن منه سأرمها على جدار المسجد ذاته، ومن يعترض طريقي سأهشم رأسه بقلمي هذا بإذن الله أيضا، لقد تعلمت كيف أفعل ذلك و لن أمـًُّله.
......
شاهد بعض الشباب من الجنسين هيبة الفقي شيح الحارة ، مبعثرة و بقية الشوارب تحك رأسها عاجزة، فشرعوا يخرجون أقلامهم ، و تفقوا يرسمون دلائل خيرات الحب على الأبواب والجدران التي لم يأتي دورها بعد حسب خطة كريمة . لقد تعلموا كيف يفعلون ذلك ولن يمـُّلوه.
......
لقد تعلموا أن ذلك الشيء الغامض الذي حدث لكريمة ، قد أمدهم بنور كشف لهم أن تحت الشوارب والذقون نمور من ورق وأن عليهم أن يحملوا أقلامهم و يشرعوها في وجه كل من يتجرءا على منعهم من رسم ما يشتهون.
.....
أقول : اعتقد أن إصلاح الحاضر، من اجل المستقبل لا بد أن يبدأ بتنقية "الثقافة المشوهة " المسيطرة حاليا، فالماضي بما أنه ذاكرة الأمة التي تستمد منه عناصر الدفع ، والذي هو محرضها للعمل و الإنجاز ،يجب أن تـُقَشَّرَ عنه تلك القشرة السميكة المعبأة بالتشوه المريع، لكي لا تترعرع فيروساتها كالسرطان البغيض وتشوه المستقبل.

04-28-2008, 01:20 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
قصة كريمة - بواسطة مرعي عوض - 04-28-2008, 01:20 AM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  لا يوجد في القرأن الكريم أيات كريمة عن مايسمى حد الردة مؤمن مصلح 8 1,739 05-29-2008, 04:40 PM
آخر رد: سمير زيان

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 3 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS