من زمان كان نفسي أشوف فيلم عن المسيح من وجهة نظر إسلامية ..
كنت أريد أن أتفرج على معجزات المسيح كما هي في القرآن و كلامه بحسب القرآن ثم واقعة "شبه لهم"
و شهادة المسيح أن هناك نبي أجدع منه و أنصح منه و هيعمل اللي ماتعملش و اللي معرفش هوه شخصيا يعمله .. :D

لكن بسرعة عرفت أن المسلمين لا يتعاطون الفنون بوجه عام ..
فأنا قد أجد الكثير من الصور و المسرحيات و الأفلام و الأغاني المسيحية و التي تحكي عن المسيح (الإله) ..
بينما لا أجد في المسلمين إلا كل الخوف من أن يصنعوا تمثالا عن محمد (النبي) فينسوا الإسلام و يظنوا أن التمثال إلها و يسجدوا له .. :lol:
أطفال والله ..

يعني انا كنت أتمنى لو كان الإسلام قد حاول إستخدام الفنون للتعبير و التنفيث ..
لأن من لا يتعاطى الفنون يتعاطى العنف ..
فالطفل الذي يتعلم العزف على الكمان أو البيانو منذ صغره لا يتشاجر في الفاضية و المليانة ..
و لكن للأسف :( بعض الشعر و الزهو بالخط العربي كطريقة وحيدة واحدة للتعبير.

لذلك فأن نجد مسلمين قد قرروا ان يخرجوا فيلما عن نبي صاحب كتاب و هو المسيح شخصيا ..
يعرض بوجهة نظر إسلامية خالصة لهو أمر مفرح و يعتبر سابقة رائعة و إن كانت غير إسلامية :10:
فالإسلام يحرم تصوير الأنبياء و الرسل و اللي يقول عليهم الأزهر الشريف منعا للفتنة ..
بالإضافة لتحريمه الفنون نفسها معظم الأحيان :aplaudit:

طبعا إعتراض الكنيسة الأرثوذكسية المصرية على عمل فني يعتبر محترم و يحمل وجهة نظر محددة هو أمر طبيعي ..
فهو لو كان مثل أفلام غربية أخرى قد تناول المسيح بالسخرية و الإستهزاء حتى لكان إعتراضهم له بعض المعنى ..
لكن الفيلم يعبر فقط عن المسيح من زاوية مختلفة و إن كانت جادة و معروفة مسبقا ..

لكن كنيسة الإسكندرية لها سوابق في التخلف كثيرة ..
فهي تعترض على أفلام مصرية بها أبطال مسيحيين ..
تعترض على مسلسلات تليفزيونة بها مسلم قد تزوج من مسيحية ..
تعترض على فيلم "شفرة دافنشي" و هو فيلم حركة و مغامرة و لا يخوض إلا في الخيال ..

بالإضافة لإستعداء الدولة على شهود يهوة ..
و الإعتراض على إسلام مسيحيين و مسيحيات ..
و الثورة على خبر في جريدة صفراء عن راهب مشلوح ..
و غيره كثير ..

المسيحيين في كل العالم يتعاملون مع تغيير العقيدة بحساسية أقل بكثير و يتعاطون الفنون ببساطة أكثر
إلا في تلك البلد الغريبة المقطوعة عن العالم منذ العثمانيين و المماليك .. مصر أم البلاوي

فعلا مستوى التعصب الديني في هذا البلد بلا مثيل ..
و لكن من أجل كلمة الحق :
فإن خصوصية حالة المسيحيين في مصر و كونهم أقلية يعني بالضرورة أن الأكثرية لها تأثير كبير عليها ..

يعني كما قال العزيز طنطاوي هم لم يصلوا إلي حد الثورة و التظاهر و حرق السفارات بسبب بضعة صور مسيئة للمسيح مثلا ..
و لكنهم مع ذلك منغمسين في المزايدة على تعصب المسلمين بل و قياس الحقوق على حقوق المسلمين ..
فهم لا يدعون لحرية التعبير مثلا للمسلمين و المسيحيين بل يريدون منع أي نقد على الدينين الأساسيين في مصر.
لا يريدون ترك الباب مفتوحا من المسيحية للإسلام و العكس بل يريدون غلق الباب من الناحيتين .. ظاهريا على الأقل :icon26:

يعني أنا لا أعتقد أن المسألة تستدعي أكثر من مراجعة بعض الكهنة لسيناريو و رؤية الفيلم بعد ذلك
ثم التصريح إذا كان هذا الفيلم يعبر أو لا يعبر عن الرؤية المسيحية الأرثوذكسية أو الرؤية الكتابية للمسيح ..
يعني من باب التنويه فقط و مع الشكر كمان و التمني بالنجاح لصناع الفيلم ..

مش كفاية معبرين المسيحيين و عاملين فيلم عن صاحب الدين بتاعهم .. حتى لو بطريقة مختلفة أو مخالفة.
مجرد عمل فيلم عن الشخصية (المسيح) يلفت النظر إليها و يعيدها إلي الأذهان بطريقة ما ..
و مادام الفيلم سيتم إخراجه بوجهة نظر إسلامية إذن فهو موجه للمسلمين :
الذين يصلون على نبيهم محمد في كل صلاة و لا يعيرون المسيح كبير إنتباه .. و لو كان إنتباها إسلاميا. :cool:

لكن الفكرة هي أن المسيحيين عموما و المسيحيين العرب و المصريين خصوصا لا يستطيعون عمل فيلم مسيحي عن محمد ..
يعني أنا لا أستطيع أن أتخيل أن تمول الكنيسة فيلم يحكي عن محمد كــ نصاب و بلطجي و مغتصب أطفال و زير نساء :icon_eek:

فالأمة الإسلامية التي ينمو لها الآن ذراع فنية على خجل لديها ذراع عسكرية قائمة من 1400 سنة و لها باع طويل في التقتيل و الإنتحار ..
يكفي أن يعلو صوت إمام : الكفرة يخرجون فيلما يسخر من الرسول الكريم .. النبي بتاعنا بيتهزأ يا جدعان .. إلي الجهاااااااااااد :flam:

مساكين هم هؤلاء الأقباط : سيعيشون عقدة الإضطهاد دائما و أبدا ..
على الأقل طالما أنهم أقلية تحيا في داخل مجتمع إسلامي أصولي إلي حد ما ..
أو طالما انهم لا يستطيعون رد الكلمة بالكلمة و الفيلم بالفيلم و الكتاب بالكتاب و الفتوى بالفتوى ..
لا مفر من أن يلعبوا على المنع بالكامل للطرفين لأنهم لن يستطيعوا الكلام بحرية حتى و لو سمحت القوانين بذلك ..

لكن الأمل دايما موجود ..
و نمو قطاع فني للإسلام و المسلمين يعمل للصالح العام ..
فالفنون تهذب المشاعر و الرياضة تعيد توجيه الطاقة الحركية و التنافسية ..
في وقت من الأوقات ستكون تلك الأفلام شيئا عاديا لا يثير ضجيجا و لا كلام كثير ..
و ستكون كل وجهان النظر متروحة و ظاهرة في كافة الوسائل الفنية و الإعلامية ..
و سيكون العنف خيار غير مطروح أساسا .. بل إن كل فكرة و وجهة نظر تحتمل الرد المهذب و الراقي.

ستكون كل تلك الأمور عادية و مألوفة بعد حوالي نصف قرن .. أقل أو أكثر :D
و يا مين يعيش.