فلننظر بأمر المغالطات السالفة الذكر!

أول أمر هام، بفرض انهم الأتراك مصيبة، معوجي اللسان متقرقعي البيان، جاثمين مع جواريهم وخصيانهم ومحاظيهم على المشرق، فهذا لا يبرر تشرط الانكليز على أهل البلد أن يقوموا باستقبل مهاجري بولندا وألمانيا وروسيا، فقط لأنها حوصلة أوربا مش واسعة اليهود! شو دخلنا بمصايب أوربا لتنحل على حسابنا!

ثاني أمر هام أن بريطانيا حين دخلت المشرق، وحين اجتمع المؤتمر السوري ومنه الفلسطينيين وقرر، بريطانيا لم تعبأ بقراراته، لأنها باختصار كانت قد أبرمت اتفاقية مع فرنسا وأخرى مع الوكالة اليهودية، وقضي الأمر، ومن أراد الشكوى فليقعقع كما يريد، فلا يعبؤ به أحد.

ثالث أمر هام، الدولة التي كانت قبل انفراط المشرق، على علاتها وسوءها، لم تكن تركية وإن كان العامل التركي فيها بارزا ظاهرا، كانت دولة للمشرق كله، أعني قبل تولي الشوفينيين الطورانيين عليها، وكان الأصوب السعي لإصلاحها بدل اغتيالها، ولا يعيبنا أن نكون مع الأتراك والفرس في دولة واحدة، ألم نكن كذلك دوما؟ فيوما حكمناهم ويوما حكمونا؟

أما فلسطين بالذات، فنعرف الكثير من عشيرتنا ممن تولوا باشوية فلسطين أو بلاد الشام، وهم عرب قرشيون أقحاح تقر الدولة العثمانية بنسبهم.

وأخيرا وليس آخرا، ما يعيبه زميلنا أنكي علينا؟ هل نحن أشرار لأننا عرب أم لأننا مسلمون؟ وهل الحل يكون بحشرنا جميعا وإعادتنا إلى جزيرتنا؟ أرغب بمعرفة من سيبقى في بلاد الشام والعراق ومصر بعد إجلائنا من ديارنا!

هل يرى الزميل أنكي أن كل من أشهر إسلامه من أهل الشام والعراق ومصر هم خونة ينبغي طردهم على الأقل؟

لو تتبعنا التاريخ إلى القديم كله، ألم يأت الهومو سابينز من أفريقية مبيدين أمامهم النيانتردال؟ هل يقترح الزميل أن نستنسخ النيانتردال ونعطيه الأرض ونرجع إلى الحبشة كلنا؟

بلاش النيانتردال،

في العراق أتت الأقوام السامية والآرية على السومريين فاتخذتهم سخريا وسرقت حضاراتهم ونسبتها لأنفسها، فهل نجمع كل من جرى في عروقه الدم الآري أو السامي ونطردهم إلى أواسط آسيا أو الهلال الخصيب الجنوبي ونبقي العراق خالصة لكل من سومر؟


أجدادي لعلهم لا يريدون أن يسموا أنفسهم باسم الأرض، بل يسمون الأرض باسمهم، وسواء أسميتهم بالفلسطينيين نسبة للأرض، أو اسميت الأرض باسمهم فقلت الدولة العلية السنية، أو الدولة العربية، أو الدولة الإسلامية، أو الدولة القرشية، شو ما كان مو فرق، تبقى الأرض ارضهم، ولهم عليها حق السيادة، ولا يحق لبريطاني أن يجلب بولندي يسكنه مكاني، فإن أرادها بمحكمة حاكمناه، وإن ارادها بقوة فالدهر دوّار، ومن اسباب جمع القوة عدم التخذيل والإرجاف.