«خطوات حاسمة» للحكومة اللبنانية اعتبرتها المعارضة «إعلان حرب»

GMT 0:00:00 2008 الأربعاء 7 مايو

الرأي العام الكويتية



--------------------------------------------------------------------------------


المواجهة المحتملة في الشارع اليوم تحدد... اتجاهات الريح

بيروت - " الراي "

بدا لبنان امس، كأنه دخل حقبة جديدة من الصراع السياسي والامني المفتوح على كثير من الاخطار التي يصعب الجزم مسبقا بما اذا كانت ستبقى في اطار الضبط او الاحتواء على غرار ما حصل في جولات سابقة من هذا النوع، ام يمكن ان تتفلت هذه المرة من دائرة الامساك بالقرار السياسي للقوى المتصارعة. فعشية الاضراب العام الذي دعا اليه الاتحاد العمالي العام، اليوم، احتجاجاً على الاوضاع المعيشية ورفضا لزيادة على الاجور اقرتها الحكومة فجر الثلاثاء ولم ترض الاتحاد، تجمعت معلومات واجواء تنذر بمواجهة محتملة في الشارع اليوم، ان لم يتم تدارك هذه المحطة باتصالات تسارعت امس، منعا لحصول صدامات محتملة .
ودفعت مجموعة قرارات اتسمت باهمية كبيرة اتخذها مجلس الوزراء، بالوضع نحو متاهة مبارزة مكشوفة وحادة مع المعارضة نظراً الى الصلابة التي ابدتها حكومة فؤاد السنيورة في مواجهة التحديات الامنية المتعاقبة للشرعية على يد «حزب الله».
ووصفت الاوساط المراقبة، القرارات التي اتخذتها الحكومة لا سيما منها اعتبار شبكة الاتصالات الخاصة بـ «حزب الله» اعتداء على السيادة ومخالفة للقانون والشرعية ومن ثم نقل رئيس جهاز امن المطار العميد وفيق شقير من منصبه واعادته الى السلك العسكري، بانها بمثابة اقوى رسالة سياسية توجهها الحكومة الى الحزب، بعدم سكوتها بعد الان عن تماديه في التمدد الواقعي على حساب هيبة الشرعية.
ذلك ان هذين القرارين اتخذا على اثر ما تردد عن تهديدات مباشرة وجهها «حزب الله» الى الحكومة بعدم اتخاذ اي قرار يمس شبكته الهاتفية او مس موقع رئيس جهاز امن المطار. وسبق لنائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان، ان وجه تحذيراً علنياً الى الحكومة بعدم المس بموقع العميد شقير. لكن الحكومة تجاوزت كل هذه التحذيرات والمواقف واتخذت قراراتها بما ينبىء بانها قررت اثبات صدقيتها والتمسك بالمنطق القانوني واظهار اقصى مدى ممكن من هيبتها امام الرأي العام المحلي والدولي، حتى وصل الامر الى حدود مبارزة خطرة مع «حزب الله». وهذا يعني وفق الاوساط المراقبة ان الحكومة ومعها قوى الغالبية قررت هذه المرة حشر الحزب والمعارضة في خانة الاحراج التام والرد على الانتهاكات الامنية لسلطتها بما يعطيها صدقية تامة امام المجتمع الدولي وبما يكشف نيات المعارضة مرة واحدة.
وتبعاً لذلك، فان الاضراب العمالي اليوم يتخذ طابعاً خطراً اذا قررت المعارضة الاختباء وراءه للنزول الى الشارع ومحاولة الرد على القرارات الحكومية بتسعير حركة احتجاجية قد تستعيد وجوها من محطة 23 يناير 2007 حين اشتعلت حركة قطع الطرق والعصيان والصدامات.
وتفيد المعلومات المتوافرة حتى بعد ظهر امس، ان الاتحاد العمالي قرر اقامة اربع نقاط تجمع كبيرة اليوم ابرزها عند نقطة البربير في اتجاه مصرف لبنان في منطقة الحمرا وعلى طريق المطار. ومع ان ثمة نقابات في المطار تؤيد الاضراب بما يعني امكان توقف الملاحة الجوية لساعات محددة، فان الخوف هو من قطع طريق المطار بتحركات قد تفضي الى الشغب.
اما في حال قررت الحركة الاحتجاجية التوجه نحو السرايا الحكومية، فان ذلك سيضع «حزب الله» وحركة «امل» تحديداً امام اختبار دقيق وحرج. ذلك ان العماد ميشال عون لم يجد حرجاً كما في المرة السابقة من الدعوة الى تحويل التظاهرة فرصة لاسقاط الحكومة. لكن حسابات الفريقين الشيعيين الرئيسيين يفترض ان تختلف عن حسابات الجنرال، نظراً الى الاحتقان الشديد المتصاعد في بيروت على خلفية مذهبية باتت تتسبب كل يوم بصدامات بين انصار تيار «المستقبل» و«امل» خصوصاً. في حال تمادت حركة الاحتجاج نحو السرايا، فان الامر ينذر بالكثير من الاخطار، وهو ما استبعد المراقبون ان تبلغه تجمعات اليوم التي ربما تخضع رغم كل التصعيد القائم لضوابط سرية وضمنية، سيمليها عدم وصول القرار لدى الحزب والحركة، الى التسبب باشعال فتنة مذهبية.
وكان وزير الإعلام غازي العريضي تلا في الرابعة من فجر امس وبعد الجلسة الاطول في «تاريخ لبنان»، المقررات التي جاء فيها في موضوع «شبكة الاتصالات الهاتفية التي اقامها حزب الله على امتداد الاراضي اللبنانية»:
- اعتبارها غير شرعية وغير قانونية وتشكل اعتداء على سيادة الدولة والمال العام.
- اطلاق الملاحقات الجزائية في حق كل من يثبت ضلوعه في العملية، افراداً كانوا او احزاباً او هيئات او شركات.
- رفض الادعاء ان حماية «حزب الله» تستوجب اقامة مثل هذه الشبكة واعتبارها سلاحاً مكملاً لسلاح الحزب، وكذلك رفض منطق ربطها بالتشويش الاسرائيلي او السوري او الاممي الذي دانته وتدينه الحكومة وتعمل كل مرة على ازالته.
- تزويد الجامعة العربية والمنظمات الدولية تفاصيل هذا الاعتداء الجديد على سيادة القانون في لبنان، وفضح الدور الذي قامت وتقوم به هيئات ايرانية في هذا الحقل.
- تكليف الادارات المختصة والقوى الامنية متابعة ومعالجة الوضع الشاذ القائم، باعتبار ان ملكية هذه الشبكات تعود قانوناً الى الدولة اللبنانية التي لها الحق في ازالتها.
وقرر مجلس الوزراء «اعادة قائد جهاز أمن المطار العميد وفيق شقير الى ملاك الجيش، وتأكيد حق الدولة وواجبها وإصرارها على استكمال متابعة قضية الكاميرات لمراقبة المدرج الرئيسي في المطار والتي تم تركيبها من حزب الله بما يهدد أمن المطار وسلامته وتشكل انتهاكاً ايضاً لسيادة الدولة».
وفي موضوع تصحيح الأجور، قرر رفع الحد الادنى الى 500 الف ليرة (نحو 330 دولاراً)، وإعطاء زيادة مقطوعة على كل الرواتب للعاملين في الادارات العامة والمؤسسات العامة والبلديات بقيمة 200 الف ليرة شهرياً، و100 الف شهرياً للمتقاعدين.
واعتبر غسان غصن رئيس الاتحاد العمالي العام، قرار رفع الحد الادنى للاجور بانه غير كاف وشكلي و«ملتبس».
وشدد على ان التحرك مطلبي لا سياسي.
يذكر ان الحركة العمالية، منقسمة بين الاتحاد العمالي الذي تدعمه المعارضة، وهيئة الانقاذ النقابية التي تضم تشكيلات نقابية تعارض مواقفه.
وعلى خط آخر، حذر مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني، من اي اعمال شغب وفوضى خلال إضراب اليوم «او بسببه خشية وقوع بلبلة تهدف إلى زرع بذور الفتنة بين اللبنانيين».
الى ذلك، لفت امس ما كشفه مصدر أمني لقناة «الساعة» المصرية، من أن شقير كان موجوداً امس في مكتبه وزاول عمله كالمعتاد.
وفي اول ردّ من «حزب الله» على قرارات مجلس الوزراء، أكد مسؤول العلاقات الدولية نواف الموسوي «ان الفريق الآخر يلعب بالنار ومن يلعب بالنار يحرق يديه». وقال ان اقالة شقير «تجاوز للخطوط الحمر»، رافضا الافصاح عما سيقوم به الحزب.
وكان نائب الامين العام الشيخ نعيم قاسم قال قبيل صدور القرارات الحكومية «ان الاتصالات لشبكة المقاومة توأم سلاح المقاومة، ومن يوجه سهامه للاتصالات يعني انه يوجه سهامه للسلاح ويريد أن يقول لا تقاتلوا إسرائيل». اضاف: «هذه الاتصالات الداخلية ليست موجودة في بلاد جبيل، ولا في كسروان وليست موجودة في جونية، ولا في الشمال، وهي حصراً في الأماكن التي نعتبر أن لها علاقة بوجود المقاومين وتخدم المقاومين في شكل مباشر».
وتساءل: «لمصلحة من توزيع الخريطة التي وضعوا عليها إشارات، وأنا أطمئنهم الى أن هذه الإشارات ليست دقيقة. لكن اليست إخباراً وخدمة لإسرائيل؟»
ودعا «حزب الله» إلى المشاركة في اضراب الاتحاد العمالي العام اليوم «ليشكل هذا الموقف صرخة بوجه الانهيار المنهجي الذي سببته هذه الحكومة غير الشرعية على مستوى الوضعين الاقتصادي والاجتماعي وعلى مستوى حقوق المواطنين».
ولفت الحزب في بيان له إلى أن أمينه العام السيد حسن نصرالله سيعقد مؤتمراً صحافيا يوم الخميس للرد على قررات الحكومة في ما يتعلق بشبكة اتصالات المقاومة، أو برئيس جهاز أمن المطار العميد وفيق شقير.

«14 مارس» تحذر من تظاهرة المعارضة
أيّد البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير، قرار الحكومة بازالة شبكة الاتصالات التابعة لـ «حزب الله»، معلناً ان «الحكومة أبدت رأيها في ما كان يجب ان تبدي رأيها فيه منذ زمن». وقال في حديث لمحطة «الجزيرة» على هامش زيارته التي أنهاها امس لقطر، قبل توجهه الى افريقيا الجنوبية: «ليس هناك دولة في العالم فيها دولتان وجيشان».
ومساء، طالبت قوى «14 مارس» من الجيش اللبناني والقوى الأمنية بضرورة تحمل مسئولياتها في حماية الأمن الوطني، خلال التظاهرة الضخمة التي دعا الى تنظيمها «الاتحاد العمالي العام» اليوم.
وأوضحت «قوى 14 مارس» في بيان رسمي لها أن طلبها يأتي «خصوصا أن ما رشح عن أماكن التجمعات وخط سير التظاهرة يهدف إلى ضرب مؤسستين حيويتين في اقتصاد جميع اللبنانيين هما المصرف المركزي ومطار بيروت الدولي.
وحذرت المعنيين بإضراب اليوم «من التلاعب بأمن المواطنين والتعدي على المؤسسات العامة والملكيات الخاصة».
واعتبرت قوى «14 مارس» أن «القرارات التي اتخذتها الحكومة في اجتماعها التاريخي صباح 5 - 6 مايو تؤكد إرادة اللبنانيين على بسط سيادتهم على كامل التراب اللبناني»، مشيرة إلى أن «تعزيز منطق الدولة الواحدة القادرة في وجه منطق الدويلات يشكل حماية للبنان واللبنانيين دون تمييز ويجنبهم مجددا تعريض بلادهم لمخاطر تحويله إلى ساحة تصفية حسابات إقليمية».
ولفتت إلى أن «دعوة قوى 8 مارس إلى الإضراب والتظاهر هي دعوة سياسية تندرج في إطار خطة تقويض الدولة لمصلحة بناء دولة (حزب الله) تنفيذا لمخطط إيراني»، معتبرة أن الأمر قد تأكد من خلال تصريح أحد أركان 8 مارس هو رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون الذي برر امتلاك «حزب الله» شبكة اتصالات خاصة ودعا إلى إسقاط الحكومة.