ضربة استباقية لحكومة السنيورة
حسان حيدر الحياة - 08/05/08//

أسئلة كثيرة طرحت بشأن اسباب وتوقيت قرار الحكومة اللبنانية اعتبار شبكة الاتصالات التي يقيمها «حزب الله» في سائر أرجاء لبنان اعتداء على سيادة الدولة، وإبدائها قلقا شديدا من الاختراق الامني في مطار بيروت الدولي الخاضعة منطقته لسيطرة الحزب إياه، واصدارها ما يمكن اعتباره بياناً وزارياً جديداً يرسم حدوداً واضحة بين ما يمكن ان تقبل به الدولة تحت شعار «حماية المقاومة» وبين ما ترفضه من ابتزاز وانتهاك للأمن بذريعة الشعار نفسه.

المعلومات المتوافرة من اكثر من مصدر تشير الى تلقي قيادات في الاكثرية معلومات تفصيلية عن «انقلاب» يجري الاعداد له بصمت ودأب لخلط الاوراق الامنية والسياسية في لبنان وقلب الوضع لمصلحة التحالف السوري - الايراني الذي يعتبر لبنان ساحة المواجهة الرئيسية مع السياسة الاميركية في المنطقة. اما الموعد المرجح لـ «الانقلاب» فهو الخريف المقبل الذي من شبه المؤكد ان تبدأ خلاله المحكمة الدولية التي تنظر في جريمة اغتيال الحريري والجرائم الارهابية الاخرى عملها، الذي تعتبر دمشق انه يهدد أمنها وربما نظامها وبعض حلفائها في لبنان. وهذا الموعد ملائم ايضاً لأن الادارة الاميركية تكون فيه عاجزة تقريبا عن اتخاذ اي قرار كبير قد يؤثر على نتائج الانتخابات الرئاسية.

اما السيناريوهات فمتعددة: عملية اغتيال كبيرة تفجّر مواجهات أهلية واسعة تنقل البلاد الى حال من الفوضى الشاملة، او عملية أمنية ضد اسرائيل تجر رداً واسعاً على غرار ما حصل في صيف 2006، وقد يؤدي هذه المرة الى تدمير اكبر بكثير، او استهداف شخصية دولية تزور لبنان عبر مطاره ونسبها الى تنظيمات اصولية، ما يضع البلاد على قائمة اهداف الحرب على الارهاب...

كيف يعمل التحالف السوري - الايراني لإنجاح خطته؟ تسليح كثيف لـ «حزب الله» وحلفاء آخرين وإغداق الاموال التي تستخدم في شراء الاراضي بشكل يسمح بربط الجنوب والبقاع كلياً بالجبهة السورية وفصلهما عن بقية لبنان، وإقامة شبكة اتصالات مستقلة مربوطة بشبكة الجيش السوري يمكن استخدامها في غير اتجاه.

وفي هذه النقطة الاخيرة، من المعروف ان عمل لجنة التحقيق الدولية استند في جزء اساسي منه الى تحليل مئات آلاف الاتصالات الهاتفية التي سبقت ورافقت وتلت جريمة اغتيال الحريري بين المخططين والمشرفين والمنفذين، وان هذا كان السبب في اغتيال الرائد وسام عيد الذي حقق تقدما كبيرا في فك شيفرة هذه الاتصالات وربطها ببعضها. لذا بدأ «حزب الله» بإقامة شبكة هاتفية خاصة في مناطق الجنوب والبقاع وبيروت وبعض جبل لبنان يمكن للمجموعات السورية المنتشرة في لبنان استخدامها، وهدد من استفسروا عنها بأنها مربوطة بمنظومة الصواريخ، ودائما... لـ «حماية المقاومة». وقد أثار مد الشبكة الى مناطق في كسروان وجبيل مخاوف من استهداف قيادات مسيحية في 14 آذار، لإحداث فراغ في الساحة المسيحية يستفيد منه حليف «حزب الله» ومرشحه الجاهز للرئاسة ميشال عون.

تدرك الحكومة اللبنانية انها ستجد صعوبة في تنفيذ ما قررته من ملاحقات قضائية للمتورطين في إقامة شبكة الاتصالات الايرانية الموازية، لكنها تؤكد بموقفها انها ملتزمة تطبيق القرارات الدولية المتعلقة باستعادة قرار السلم والحرب وبسط سيادة الدولة على كل اراضي لبنان. ويشكّل موقفها إبلاغاً للبنانيين والعرب والعالم بخطورة ما يجري، وانذاراً الى منتهكي سيادتها مفاده: نعرف تماماً ما الذي تخططون له وسندافع عن انفسنا.

لكنّ ثمة سؤالاً ستجيب عنه الأيام القليلة المقبلة: هل يسرّع الموقف الحكومي العملية الانقلابية؟