Array
بما أنني في ساحات الحوارات اللا دينية دعوني أبدأ ب"بسم الله الرحمن الرحيم" و"السلام عليكم ورحمة الله وبركاته":closedeyes:

إخواني وأخواتي في الإنسانية والطبيعة والبشرية الملحدين ومن تبعهم ووالاهم وسار على هديهم إلى يوم السقوط في ال"حفيرة سوداء، ما دخلها أحد وخرج" ... عندي سؤال\استفسار\معضلة\إلخ إلخ إلخ -سموها ما شئتم- أحب أن أجد لها إجابة منكم

كثيرا ما ألاحظ الملحد أو اللا ديني يطالعنا بعبارات مثل "السلام عليكم ورحمة العقل وبركاته" أو "نعمة العقل" أو أو أو ... باختصار، إستخدام العبارات التي تشير إلى أن العقل "مغيب" عند متبعي الديانات...

سؤالي هو: هل نحن معشر المؤمنين حمير في نظركم؟ أم أننا أغبياء مثلا؟ أم أننا مساكين و"على باب الله" ولازم حد ياخد بيدنا لحتى يهدينا إلى أنوار العقل؟

فعلا هو سؤال بات فعلا يتردد صداه في رأسي كثيرا، ومؤخرا خلال متابعتي لبعض الحوارات في النادي لاحظت تلك الإشارات كثيرا...

يعني أجلس مع نفسي وأفكر ... أنا مؤمن، وعندي الكثير من الأصدقاء الملحدين أو اللا دينيين، فما الفرق بيني وبينهم؟؟؟

أنا عندي وظيفة ممتازة، وهم كذلك ... أنا جامعي وتخصصي علمي وهم كذلك ... أنا قرأ وأكتب، وهم كذلك!!!! .... إلخ إلخ إلخ من أي نوع من أنواع المقارنات التي قد تخطر على بالك مهما كانت تافهة ... بالآخر لا أستطيع أن أخرج بفروقات توضح فعلا أنني حمار أو غبي مقارنة بهم....

حد يوضح لي يا جماعة أنا حمار وغبي من أي جانب من جوانب كون عقلي مغيب؟

هو سؤال صادق، وبحاجة لإجابة صادقة فعلا

وهي (f) للي يجاوب بصدق
[/quote]


الكمبيوترجي العزيز ...

سؤالك مهم، و هو قابل للعكس أيضاً.

اسمح لي أن أقدم وجهة نظري الخاصة فيما طرحت:

أنا ملحد في وسط مؤمن، الكثير من أهلي و أقربائي و أصدقائي و جيراني يؤمنون بالله وينتمون لدين و مذهب ، بل و الكثير منهم ملتزم دينياً و لا يقطع فرضاً، بالطبع أنا أحترمهم كلهم و كوني أخالفهم النظرة للأديان لا يعني أنهم أغبياء أو عديمي الفهم.
و كنت دائماً أقف مندهشاً عند الكثير من الشخصيات التي تثير إعجابي إما بثقافتها أو بإبداعها و التي تعلن أنها مؤمنة، و يتراود دائماً السؤال إلى ذهني : "هل أنا أكثر فهما من فلان و علان حتى ألحد بينما هو قد آمن بدين ؟".
و الأكثر إثارة للتساؤل أن هناك شخصيات مثقفة و متعلمة و مبدعة في الجانبين، المؤمن و الملحد، فكيف حصل هذا ، و كيف لم يستطع العلم و لا الثقافة أن يوصلا الانسان لخيار واحد و حل منطقي.

أنا شخصياً أؤمن بشيء اسمه "الخداع العقلي"، و إحدى حالاته الخاصة هي خداع البصر.
مثلاً ، ألم تقف من قبل مدهوشاً أمام رباعي أضلاع و أنت واثق أنه مستطيل ثم تكتشف عند القياس أنه مربع!
هل جربت التحديق بالصور الثلاثية الأبعاد المخفية داخل لوحات عادية و التي تحتاج لتشتيت النظر قبل أن تراها؟
و غيرها الكثير من الخداع البصرية التي جربناها كثيراً و استمتعنا بها مدهوشين و مستغربين!

و باعتبار أن العقل هو من يفسر المعلومة القادمة من العين، فإن حالة الخداع هذه تنطبق على غيرها من وظائف العقل.

خداع العقل يتعلق بعوامل متعددة، أحدها هو كمية المعلومات التي يملكها المرء، لذلك لا نرى جاهلاً قد ألحد، و لكن هناك عوامل أخرى تتعلق بنوع المعلومات و التنشئة و المصالح الشخصية و غيرها.

أورد كأمثلة على ذلك : المعلومات العلمية - رياضيات و فيزياء و طب - ليست حاسمة في مجال الإلحاد، دراسة التاريخ و الفلسفة هي أكثر أهمية و لذلك نجد أن القسم الأكبر من الجامعيين الذي ينتقلون للإلحاد هم من دارسي الأقسام الأدبية - حقيقة ليست لدي إحصائيات علمية بهذا الشأن و لكني توصلت لهذا من خلال ملاحظاتي و قد أكون مخطئاً-
الشخصية القدوة تؤثر بالانسان خصوصاً في مرحلة تشكل وعيه، فالأب يلعب دوراً كبيراً في تشكيل قناعات ابنائه حتى لو لم يحاول هذا عامداً، و الشخصيات العامة التي تحظى باحترام و محبة.
بالإضافة للجهل فهناك الفقر و العجز بشكل عام و الإحساس بالظلم يدفع الانسان للإيمان بالعدالة الإلهية.


لحظة الإلحاد برايي هي لحظة اكتشاف الصورة الحقيقية، و التغلب على ضعف العقل أمام الأسئلة الوجودية الكبرى في الكون. طبعا لا أحد يعلن إلحاده بلحظة و لكن برايي الأمر يتطلب لحظة واحدة فقط و يصبح الأمر بعدها محسوما و قضية وقت.

نادراً ما يحدث أن يلحد شخص ثم يعود للإيمان و لكن الحالة المعاكسة منتشرة بكثيرة.

كما قلت أن خداع العقل أمام أسئلة الوجود هي حالة ضعف يتسم بها العقل البشري بشكل عام، و القضية لا تتعلق بالـ "فهم" و" الذكاء" بمعانيه المختلفة ، و لكن الأمر يتطلب تدريباً للعقل على طريقة تفكير علمية و موضوعية، و يتطلب انفتاحا ذهنياً على الآراء المخالفة لكسر الأساس الجامد الذي بني عليه بناءنا الفكري منذ الصغر القائم على مسلمات دينية و ميثولوجيا بائدة.

هذه رأيي الشخصي و لك كل التحية و الاحترام ...