عزيزي طيف،

ابتداء فإن أحلام الإخوان، والإخوان أنفسهم لم يحضروا هذا الشريط فيما أعلم، فلا يكونُن إليك كخصم تشاهده خلف كل زاوية ووراء كل منعطف، وقد كان بين المسلمين غيرهم ممن تحزب ولم يتحزب، وممن رأى رأي الشلل الدينية أو السياسية وممن لم ير رأيها، وهي جملة معترضة لعلها لا تفيد إلا إيغار صدر، وإشعار بأمر، ولعلها تؤذي محاورك من حيث حسبت فائدته، فإن كان تعريضا بي فلست هناك، وهذا يعرفه من حاورني. لكنه يشعرني أنك لا تعرف عن القوم إلا ما تناثر هنا وهناك.

أما عن الفكرة التي يفترض أن ننصر لمجادلتها، فلسنا نتحدث أبدا عن إيران القرن العشرين ولا إيران القرن السابع، نحن نتحدث عن فكرة أن نكون معا دولة واحدة كما تكاد تكون فرنسا وإسبانيا وألمانيا دولة واحدة وبينهن ما صنع الحداد، وكما صارت نيويورك وفلوريدا دولة واحدة وبينهما الدم والنار، فلم لا نكون وإيران وتركيا وباكستان دولة واحدة وقد كنا كذلك ردحا طويلا من الزمن لا يزال ينطق به التاريخ، وتحدث به كتب الأنساب؟ ما المانع الفكري يعني؟

يعني عندك الإيرانيين بتحمموش مثلا؟ بوكلوا ما يخرج من أنوفهم؟ ما فاهم شو المانع خيو! كنا وما زلنا نرجع لنفس القادة السياسيين والروحيين والعسكريين ممن قضوا، لا نزال نحن وإياهم ننظر إليهم بإكبار وحسد وتمن أن نكون كما كانوا، وقد ذكر محارب طرفا من اسمائهم من الطرف الفارسي، فليت شعري كيف نكون كما كانوا ونحن نصر على ما نحن فيه من فساد وانحطاط؟

كبر انحطاطا أن تكون الأرض هي مصدر النسبة، وهي مرجع الإنسان، بدل أن يكون الإنسان هو المصدر لنسبة الأرض ومرجعها، وضاق انغلاقا أن ينظر المرء إلى مني الآباء فيعظمه ويرى فيه الخير، وفي غيره الشر، فيعادي من لم يكن مني أبيه عربيا، ويوالي من أعرب في آبائه.

الأصل أن ننظر إلى الإنسان من حيث هو إنسان، يسير سلوكه وعقليته وفق مفاهيمه عن الحياة، ولا نبتعد والإيرانيين والترك والباكستان كثيرا في مفاهيمنا عن الحياة، فليت شعري ما مانع سيرنا معا؟ وهل لا تقوم نهضتنا إلا باضطهاد الفارسي والتركي والبلوشي مع الخنوع لشاحبي الوجه ذوي العيون الزرق؟