عزيزي بهجت

ذكرك في سياقك ان من ينكر ما تفضلت به هو إما "جاهل او مغالط"، جعلني أتردد بصراحة في الكتابة، إذ يشي موقفك هنا ان لا محل لحوار، مع الاحترام لشخصك الكريم بالطبع.. لكن يعني فرصة للدردشة معك عزيزي

اول نقطة لتسمح لي بتسجيل ملاحظة من حيث ما قدمت، ثم آتي الى بعض التفاصيل، افتتاحك البيان بالاشارة الى انتشار ظاهرة التسلح "الفردي" في لبنان، يمتد نسبيا منذ حين الحرب الاهلية عام 1975، وهو موجود إلى الان، فقلما تجد منزل ليس فيه سلاحا اليوم، وللاسف فإن 95% من هذه الاسلحة غير مرخصة من الدولة، الامر الذي يبعد المثال الاميركي في التسلح الشخصي عن وجه المقارنة، .. وهنا السؤال الذي يحمل في طياته نوع من التمثيل البسيط لا أكثر: مع هذا الانتشار للاسلحة.. اين هي الدولة التي بات حزب الله دولة داخلها؟؟

بالنسبة لجمع سلاح المليشيات بعد الطائف، هو واقع.. وترك سلاح حزب الله كان بإجماع لبناني، بغض النظر عن المؤثر، (الذي بحد ذاته ينفع ايضا كدليل على انعدام وجود الدولة).. وقد أدى هذا السلاح بإجماع اللبنانيين ايضا إلى تحرير جنوب لبنان.. يعني سلاح المقاومة لم يترك بيد حزب الله ليمارس البلطجة او يتقوى على أي طرف من الاطراف.. وللملاحظة، فإن حزب الله حتى خروج السوري من لبنان، لم يكن يباشر او يتصدى للشأن العام، ولا ينال أي استفادة مباشرة من الدولة، بعكس كافة الاطراف الأخرى..

قولك ان حزب الله هو حزب ايراني، يعني يستحق بذاته وقفة طويلة بصراحة، حزب الله لم ينكر يوما ارتباطه بإيران، بل أكثر من هذا، فهو لم ينكر اتباعه لولاية الفقيه التي يمثلها اليوم علي خامنئي، لكن وعلى المستوى العملي على الارض، وانطلاقا من زمن نشوء حزب الله الى اليوم (مع الاخطاء بل ربما في بعض الاحيان الخطايا التي تسجل بحقه من وجهة نظري) لم يشذ حزب الله بممارسته للمقاومة او للشأن اللبناني عن أي فصيل او حزب سياسي لبناني آخر.. حركة أمل، والحزب التقدمي الاشتراكي.. وغيرهما كانوا يمارسون اجندة سورية.. القوات اللبنانية ما قبل الطائف وحزب الكتائب كانوا يمارسون أجندة اسرائيلية .. وهكذا..

حديثك عزيزي عن القرارين الدستوريين، يعيدنا الى موضوع دستورية الحكومة وشرعيتها وميثاقيتها، وانت خير من يعلم طبيعة الموزاييك اللبناني.. خرج نصف الشعب اللبناني مناديا باسقاط حكومة السنيورة، واستقال وزراء الطائفة التي تعتبر الاكبر في لبنان، الامر الذي يخل بشرعية هذه الحكومة وميثاقيتها، بل ودستوريتها عند الاخذ بتفسير المادة "ي".. ماذا فعلت الحكومة؟؟ لا شئ.. ولم يعن لها كل ما حصل شيئا .. وبالاصل ومن خلال الحوار الوطني السابق، تم التوصل الى اتفاق بين الفرقاء اللبنانيين على عدم المس بسلاح حزب الله.. وواحد من هذين القرارين يشكل مسا بهذا السلاح، ومن حكومة لا تمثل كافة الشعب اللبناني .. بهذا اترك الحكم لك هنا بهذه المفردة..

وبالنهاية، اذ اوافقك على نقاط عدة، بخصوص نقدك لحزب الله كإيديولوجية.. لكن هذا لا يمنع من القول ان سلاح حزب الله مع انعدام وجود الدولة، وعدم استطاعة الجيش القيام بأعباء حماية جنوب لبنان تحديدا من اسرائيل، شكل هذا السلاح ضمانة فعلية لسكان الجنوب ..

لك خالص محبتي
(f)