{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
ألف وجه لألف عام ....ابراهيم العريس
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #3
ألف وجه لألف عام ....ابراهيم العريس
ألف وجه لألف عام - أفلام سعفة «كان» الذهبية (1946) ... «روما ... مدينة مفتوحة»: المقاومة بلا أساطير
ابراهيم العريس الحياة - 15/05/08//



لعل أغرب ما في شأن «روما... مدينة مفتوحة» هو ذلك القدر من النزعة السلمية الذي يسيطر عليه، مع ان هذا الفيلم حين حقق أواخر العام 1944 وبدايات العام 1945، كانت الحرب العالمية الثانية لا تزال مستعرة. كما ان ميدانه، وهو ايطاليا وعاصمتها روما، كان خاضعا للمد والجزر بين القوات الألمانية وقوات الحلفاء. وبشكل أكثر تحديدا، كانت روما وحدها قد حررت، فيما بقية أجزاء ايطالية اما محتلة كليا من الألمان وهم في أنفاسهم الأخيرة، وإما تدور فيها رحى معارك عنيفة.

بيد أن هذا كله لم يمنع روبرتو روسليني مخرج الفيلم من أن يحقق عملا لا يزال يعتبر حتى الآن واحدا من أكثر الأفلام سلمية في تاريخ السينما، فضلا عن كونه أعلن بداية ما سمي لاحقا «الواقعية الايطالية الجديدة». وهو تيار ضم، كما نعرف بدايات فيتوريو دي سيكا ولوكينو فيسكونتي وعددا من الكبار الآخرين الذين حققوا للفن السابع قفزة كبيرة الى الأمام.

غير ان «روما... مدينة مفتوحة» يبقى الأشهر والأجمل، وربما الأكثر معاصرة حتى يومنا هذا. ومع ذلك يروي روسليني، مخرجه، أنه حين شاهد عرض الفيلم، خلال الدورة الأولى لمهرجان «كان» السينمائي، وكان موعد العرض الثالثة بعد الظهر، كان هو المتفرج الوحيد في الصالة. أما النجاح والتكريس فقد جاءا بعد ذلك «انطلاقا من باريس»، كما أكد روسليني بنفسه، مضيفا: «ثم حقق نجاحا معقولا في ايطاليا نفسها. أما عروضه الأميركية فقد أسفرت عن نجاح ما بعده نجاح». وروسليني نفسه قال دائما ان الفكرة الأساس التي كمنت خلف رغبته في تحقيق الفيلم كانت الحديث عن المقاومة ضد النازيين في ايطاليا: «اجل. اعتقد ان الفكرة كانت تقوم خاصة على رواية الامور كما حدثت بالضبط. ومن هنا أتت ضرورة لجوئنا الى ذلك الأسلوب الذي سمي بالواقعية الجديدة: كنا قد عشنا كوارث الحرب ومررنا بها، لذلك لم يكن في وسعنا ان نسمح لأنفسنا بترف اختراع حكايات خيالية. كان المهم، بالنسبة الينا، ان نلقي نظرة جادة وصارمة على الأمور التي تحيط بنا».

هذا الفيلم الذي صور بأقل قدر ممكن من الامكانات، في بلد أدمته حرب بالكاد بدأ يخرج منها، كان مجرد تعبير عن موقف أخلاقي أكثر منه انعكاسا لمنظومة جمالية. وما يمكن قوله عن «روما.. مدينة مفتوحة» يمكن قوله في الوقت نفسه - وحسب تأكيد روسليني - عن أفلام سينما الواقعـية الجديدة كلها. فالفيلم، وذلك التيار كله، «انما كانا وسيلة للتعبير عن معاناة العالم وآلامه، بكل ما يمكن من تواضع وامحاء»... ولئن كان من الصعب ملاحظة هذا الواقع البسيط يوم كانت «الواقعية الجديدة» في ذروة تـألقها، فإن الفاصل الزمني الآن يسمح لنا برصد هذا وادراك كم كان روسيليني محقا في فرضيته.

تدور الاحداث التي يصفها لنا الفيلم في روما، شتاء العام 1944. وفي ذلك الحين كانت روما ميدانا لصراعات هائلة بين الغستابو (البوليس السياسي الألماني) وخلايا المقاومة الايطالية. ومن بين مناضلي هذه الخلايا كان هناك الشيوعي المقاوم مانفريدي، الذي كان الألمان يبحثون عنه بشراسة وعنف. وهو كان عثر على ملجأ له لدى رفيقه عامل الطباعة فرانشسكو، الذي كان في سبيله لأن يقترن خلال أيام من خطيبته وجارته الأرملة بينا (وقامت بالدور الفنانة الكبيرة آنا مانياني في ظهور لها لا ينسى على الشاشة الكبيرة). ومع وجود مانفريدي في شقة فرانشسكو تتحرل البناية التي توجد فيها الشقة الى وكر يعج بالمقاومين... وينضم الصغار والكبار الى القتال ضد الألمان، من ابن بينا، الى أطفال صاحب البناية الى القس الدون بياترو... بيد أن الألمان سرعان ما يعرفون بالأمر، لأن ثمة واشيا ينم عن المناضلين. وهكذا يحاصر جنود النازيين البناية ويعتقلون رجالها بعد ان يقتلوا بينا بدم بارد. وكان من بين المعتقلين الشيوعي مانفريدي الذي سرعان ما يقضي تحت التعذيب من دون ان يعترف بشيء. وكذلك يكون مصير القس الذي يعدم بالرصاص فوق تلال روما عند الفجر. ويكون من بين شهود الاعدام الفتيان الذين أمام ما يحدث يجدون انفسهم تلقائيا يصفرون نشيد النصر والوحدة قبل ان ينزلوا التلال عائدين الى المدينة التي كانت في تلك اللحظات تنهض من نومها.

صور روسليني هذا الفيلم، بعد أسابيع قليلة من جلاء الألمان عن روما. وهو، اضافة الى بعده السياسي، كان مطلوبا منه - أي من الفيلم - في ذهن صانعه، ان يكون شهادة آسرة ليس فقط على يقظة الشعب الايطالي وبطولاته، بل ايضا على يقظة السينما الايطالية نفسها، بعدما كانت طوال العقد السابق قد اكتفت بإنتاج أفلام ذات طابع فاشي، أو محايد متواطئ مع الفاشيين في أحسن الاحوال. وهذا ما جعل روسليني «رغم انفه» كما كان يحلو له ان يقول، زعيما تاريخيا لذلك التيار السينمائي الذي كان همه ان يلتقط الواقع وهو يتكون، بكل تلقائيته وعفويته وقوته ايضا.

كما أشرنا كانت افلام روسليني السابقة لا تخلو من نزعة سلمية ومن حس اجتماعي، لكن هذه المرة عرف كيف يتجاوز الحدود السياسية ليقدم ما يمكننا ان نسميه ميتافيزيقيا سياسية: حيث نجـده يهتم بتصوير «التضحيات المثالية»، موجدا في طريقه وعبر لوحة حية تصور مجتمعا مدمى، «السيرة الكونية لدرب الآلام» حسب تعبير الناقد الفرنسي كلود بيلي. اما الشاعرية القصوى، التي ستطبع لاحقا سينما روسليني كلها، فإننا نجدها في «روما... مدينة مفتوحة» وقد وصلت الى أوجها في المشهد الذي تقتل فيه بينا، راكضة وقد راح الجنود الألمان يطلقون عليها رصاص رشاشاتهم من دون رحمة.

غير ان كل ما قيل لاحقا عن الفيلم، في مجال وضعه في مكانته الأولى في سينما العالم وفي تاريخ الفن السابع، لم يلحظ أول الأمر، لا من قبل المتفرجين، ولا من الموزعين. بل ان روسليني يروي كيف أنه حين أنجز الفيلم وحمله الى الموزع لكي يشاهده، شاهده هذا الأخير وكان رد فعله المباشر ان الغى عقد التوزيع، لأنه، حسب رأيه رأى «كل شيء في الفيلم ما عدا الفيلم نفسه».

روبرتو روسليني، مخرج «روما... مدينة مفتوحة» يعتبر من كبار السينمائيين الايطالين، وواحدا من الذين صاغوا للسينما الحديثة حداثتها، بفضل «روما... مدينة مفتوحة» ولكن، ايضا، بفضل سلسلة أخرى من افلام، دنت في أكثر الاحيان من الواقع لتطلع منه بشاعريته. ولقد بدأ روسليني (1906-1977) عمله كمخرج منذ العام 1936 في الفيلم القصير «دافني» أما الفيلم الاول الذي اطلقه فكان «السفينة البيضاء» في العام 1941، وكانت تلك بداية مساره الذي تواصل حتى أواسط الستينات، وبرزت فيه افلام عدة، منها «باييزا» (1946) و«المانيا العام صفر» (1948) و«ستـرومبـولي» (1949) الذي قامت ببطولته زوجته - في ذلك الحين - انغريد برغمان. وحقق لاحقا أعمالا تقل قيمة عما ذكرنا مثل «أوروبا 51» و«نحن النساء» (1953)، ليعود قويا في «الخوف» (1954)، ثم يعرج على الهند حيث حقق «انديا» وعلى مصر حيث حقق واحدا من أفلامه التاريخية التي كرس لها آخر سنوات حياته ومنها فيلم عن سقراط وآخر عن استيلاء لويس الرابع عشر على السلطة، وثالث عن موسوليني...

05-25-2008, 10:35 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
ألف وجه لألف عام ....ابراهيم العريس - بواسطة بسام الخوري - 05-25-2008, 10:35 PM

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS