أثار خطاب نصر الله مؤخرا في عيد المقاومة والتحرير الثامن واعترافه أنه فرد في ولاية الفقيه ارتياحا لدى بعض الأوساط المناوئة لحزب الله كونه أثبت أمرا كان متداولا ومشكوكا فيه لدى الناس ، في حين رأى آخرون من الخط المقاوم أن استحضاره لم يكن له مبرر مثل المفكر العربي عزمي بشارة.
ولكن هناك أمر ملفت آخر ربما لم يحظ باهتمام كاف وهو دعوته للمقاومة العراقية وتبنيها على الرغم أن الحكومة العراقية لها علاقات وثيقة مع إيران ولاية الفقيه!
وهذا يقودنا لطرح السؤال؟
هل نصر الله يتبع ولاية الفقيه ، أو ولاية الفقيه تتبعه ، أو نحن في حالة لا تابع ولا متبوع ؟
وهذا السؤال الحاضر يمكن أن ينسحب على المستقبل لملاحظة تطور شخصية نصر الله بحيث يصبح هو المرجعية في جانب المقاومة المسلحة ليس في لبنان وحسب بل في العراق ، وربما غيرهما مستقبلا ، وقد حقق هذه المرجعية في خطابه التي لم تستطع عليها مرجعية إيران بقيادة قائد الثورة الخامئني ذاته ، ولم تتجرا عليها مرجعية العراق بشخصية السستاني نفسه ، كما أن خروج مقتدى الصدر من اللعبة العراقية يصب في صالح نصر الله وهو المؤهل لذلك بخلاف مقتدى في حين أنه قد حقق ونال مرجعية المقاومة والممانعة والصمود والتصدي في الجانب المعنوى في أرجاء المنطقة العربية والإسلامية.

كأني أرى بالتاريخ كيف يتشكل( نبي) نتيجة ظروف معقدة تحيط بالمكان والزمان ، ولأننا نعيش من داخل اللحظة ذاتها وليس بعد قرن أو بضعة قرون فإن عملية التشكل تلك لن تكون واضحة وجلية ، وأشبهها بحالة ولادة نجم على بعد بضعة سنوات ضوئية!
نصر الله ظاهرة متفردة جدا بزماننا وهو يشكل اللحظة الزمنية يؤثر فيها ويتأثر بها ، وقد تجاوز مرحلة التأثر بولاية الفقيه إلى مرحلة متقدمة من التاثير بها ، وهذا ما يفسر سيره الحثيث نحو كشف أوراق اللعب على الطاولة باعترافه بهذه الولاية الذي نتج من رؤيته الداخلية أنه قد تجاوزها ، لاحظوا تعقيبه عندما قال أنه فرد منها حيث قال: إن تلك الولاية تقول لنا أن لبنان بلد متعدد ، والحقيقة أنه هو من يرسم ذلك ، وهو يؤكد ذلك أيضا بتبنى خيار المقاومة العراقية بحيث تجاوز القطرية اللبنانية إلى العراقية ، وهذا نابع من ثقة بالنفس ، وتجاوز للمعهود ، وقد ظهر من خطابه دلالات أخرى على ذلك منها ما سماه ( صناعة النموذج )عندما تحدث عن المقاومة في الدولة اللبنانية وضرورة بقائها ليس بالدفاع الاستراتجي وإنما بتحرير الأرض بأنه (يصنع النموذج) فليس بحاجة لاستحضار شواهد تاريخية زمانية أو مكانية لتثبيت حالة معينة في الحاضر! ونجد ذلك في خطابه السابق اللاحق للقرارين الذين اتخذا ضد المقاومة بالمجلس الوزاري عندما طالب بإلغاء القرارين والعودة للحوار وهما ما تحققا ، فقد قال في معرض حديثه أنه مستعد لمواجهة حتى أبيه لو وقف في وجه المقاومة!

الرجل لن تقر عينه ولن يهدأ له بال حتى يقود المنطقة نحو الانتصار على الصهاينة والأمريكان ، وله عشيقة واحدة يرمي لها بصره ويهفو لها قلبه هي فلسطين وبيت المقدس ، حيث يجد فيها راحته وسعادته التي هي راحة شعوب هذه المنطقة وسعادتها لأنها لن تتم إلا بالتخلص من القوى المهيمنة والغازية والمغتصبة والمجرمة وأذنابها من الطغم العربانية الحاكمة!

تحياتي..