اللوبي الإسرائيلي تحت الضوء

في لقاء مع مؤلفي كتاب اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأميركية ستيفن والت وجون ميرشايمر، نظمه المعهد الدبلوماسي الأردني، استمعنا إلى وجهات نظر الأستاذين الجامعيين حول اللوبي الإسرائيلي (إيباك). لم يأتِ الكتاب بمعلومات جديدة ليست معروفة للمثقف العربي، ولكن أهميته تنبع من كونه جاء بأقلام أساتذة أميركيين، يتمتعون بالمصداقية والثقة.

ثلاثة أسباب باطلة يتذرع بها ساسة أميركا للانحياز إلى إسرائيل: أولها أنها ذخر استراتيجي، وثانيها أنها دولة ديمقراطية، وثالثها أن الساسة الأميركيين يلبون رغبة الرأي العام الأميركي وتعاطفه مع إسرائيل. الحقيقة أن إسرائيل لم تعد ذخراً بل أصبحت عبئاً وخاصة بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، وأنها، وإن طبقت آليات الديمقراطية إلا أن سلوكها تجاه الفلسطينيين لا ينسجم مع المفاهيم الديمقراطية، كما أن الرأي العام الأميركي لا يريد أكثر من علاقة طبيعية مع الدولة العبرية. وقد نبه الباحثان إلى أن منظمات الضغط في واشنطن، ومنها اللوبي الإسرائيلي إيباك، تعمل بموجب قواعد الديمقراطية الأميركية، وتلجأ إلى وسائل مسموح بها في النظام الأميركي. وإذا كانت إيباك بالذات مؤثرة في السياسة الأميركية فذلك يعود إلى نفوذها القوي لدى مراكز البحث والمجلات الفكرية والأقلية المتصهينة بين المسيحيين، أما موازنة إيباك فلا تزيد عن 50 مليون دولار!.

عناصر اللوبي الإسرائيلي ليسوا جميعاً من اليهود، ولا يلتقون دائماً على رأي واحد، فهناك اجتهادات مختلفة حول حل الدولتين مثلاً، فاللوبي يعمل لأجندة سياسية محددة وليس من منطلقات دينية. ولا يجد الباحثان مشكلة في هذا كله لو كان ما يهدف إليه اللوبي الإسرائيلي يخدم مصالح أميركا. للمفارقة ذكر الباحثان أن اللوبي الإسرائيلي كتنظيم، وأعضاءه كأفراد، دعموا مرشحين بمبلغ 55 مليون دولار، مقابل 800 ألف دولار تبرع بها اللوبي العربي لبعض المرشحين. مقابلة اللوبي الإسرائيلي قد تكون بإيجاد لوبي فلسطيني أو عربي ، وهو أسلوب طويل الأجل وغير واعد لأسباب عديدة ذكرها الباحثان، وانتقاد السياسة الإسرائيلية باعتبار أنها مؤذية لإسرائيل على الأجل البعيد، ومقارنة إسرائيل بجنوب أفريقيا من حيث نظام الفصل العنصري. وبشكل عام، فإن المعركة تدور حول الأفكار وتغيير الصورة النمطية.

الباحثان الجريئان لم يفضحا اللوبي الإسرائيلي لحساب العرب بل لحساب مصالح أميركا الحقيقية.


د. فهد الفانك
عن الرأي الأردنية