كنت أركب المترو ذات مرة في واشنطن دي سي ووجدت طالب يمسك كتب لتعلم العربية وفي يده كتاب عبري. ذهبت لأحييه وحدثني عن أنه إسرائيلي وله صداقات قوية وجميلة مع الفلسطينيين وهم بصداقاتهم في وادي والعالم المتقاتل في وادي آخر. لا أنكر أني فرحت لوجود الود والسلام.

حدثته عن فضل اليهود على الثقافة العربية والإسلام، رد علي: هذا كلام فارغ ولا نفكر بهذه الطريقة.


في المقابل، اليوم ذهبت لأبحث عن كتب في الدراسات السامية لأني لي صديق يحب واحدة تدرس عبري وأعتقد هي أزهرية وما نقدرش على زعل الحبايب :10: بدأت مشواري البحثي عن "التراث العربي اليهودي" وخطر ببالي شعراء الأندلس والتلاقح بين العرب واليهود في ذلك الوقت أدبياً وفلسفياً وفكرياً إلخ.

كتبت في البحث كلمة "عزرا" وخرج لي كتاب حفزني على استقصاء فحواه فكان:

المحاضرة والمذاكرة /ابن عزرا، موسى.
Moses Ibn Ezra; ʻAbd al-Rāziq Aḥmad Qandīl

2001
العربية كتاب كتاب 245 p. ; 24 cm.
[Cairo] : مركز الدراسات الشرقية، جامعة القاهرة، 2001.


عملت سكرول لتحت ونزلت لأقرأ المزيد من المعلومات الببليوغرافية عن هذا الكتاب فوجدت:

سلسلة فضل الإسلام على اليهود واليهودية ؛ العدد 3

تأليف موسى بن عزرا ؛ نقله من الخط العبري إلى الخط العربي عبد الرازق أحمد قنديل.


استغربت جداً وبصراحة وقلت:

ما هذا الغرور الزائف؟ فضل الإسلام على اليهودية وهو استمد الشريعة من توراة موسى؟ عن أي فضل يتحدث؟

أم أن هذا نوع من أنواع التخدير الذاتي بإيهام النفس بشيء لا يمت للواقع بصلة لما ألمّ بالأمة العربية من نكسات وهزائم الواحدة تلو الأخرى وهي الآن تأخذ قراراتها من الغرب؟

في الثلاثينات والأربعينات، أيعقل أن يكتب واحد مثل طه حسين كتاب بهذه الصورة؟

"فضل"؟

لكن العربي يريد أن يعيش في وهم وردي جميل فيوهم نفسه تارة أنه متقدم على غيره في الطب وأنهم سبقوا أوروبا وأميركا بالإعجاز الطبي في القرآن والطب النبوي إلخ. العقلية الانهزامية لدى العربي شوهت قدرته على القيام ببحث منهجي نزيه فلم يتورع بكل بجاحة أن يقدم عمل تلاقحت فيه حضارات العرب واليهود وأنجزوا معاً واحد مثل ابن عزرا ومع ذلك تراه يقول:

فضل العرب على العالم...


نحن خير أمة أخرجت للناس....


مجد لفظي لا يساوي في قيمته 2 مليم أحمر.

مثل هذا المنهج لا وجود له في المؤسسات الغربية بالمرة.