أبو الغيط: ما يشهده لبنان حالياً اتجاه خطر لتقسيمه وتحقيق مكاسب لإيران الممسكة بالكثير من الأوراق


--------------------------------------------------------------------------------







كشف وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط "ان مصر هي التي رشحت قطر لرئاسة اللجنة العربية التي كلفت بالتوسط بين الافرقاء اللبنانيين"، معتبراً ان ما يشهده لبنان حالياً "يمثل اتجاهاً خطراً لتقسيم هذا البلد ومن بعده تقسيم العالم الإسلامي، وتحقيق مكاسب لطرف إسلامي أي إيران التي تمسك بالكثير من الاوراق السياسية، ليس رغبة في الدفاع عن مصالح عربية، بل رغبة في الدفاع عن مصالح إيرانية".
ودحض ابو الغيط في حوار مع مجلة "روز اليوسف" مزاعم تراجع دور مصر الاقليمي، لافتاً إلى دور القاهرة في الأزمة اللبنانية. وقال: "لقد دارت معارك على الأرض، وكشف "حزب الله" عن موقف أدى إلى الكثير من الانتقادات له داخل لبنان وفي الإطار العربي". أضاف: "لا اعلم كيف تتهم الديبلوماسية المصرية بأنها لا تتحرك. أعمال العنف المسلح في بيروت بدأت الأربعاء ثم على مدى يوم الخميس، وفي صباح يوم الجمعة طلبت مصر عقد مجلس وزراء الجامعة، الذي رفضت دول عربية انعقاده. ان التصريحات السورية كانت واضحة، وقالوا إننا لا نرغب في عقد مجلس وزراء الخارجية العرب، وقالوا هذا أمر لبناني داخلي، وقطر كانت متحفظة، ولكن الحقيقة تقول إن المجلس عقد بخطاب صادر من وزير الخارجية المصري للأمين العام للجامعة العربية، وانعقد المجلس يوم الأحد، أي بعد 48 ساعة من الطلب المصري وكان يمكن انعقاده يوم السبت لولا بعض التعقيدات الإدارية، وصدر القرار الذي تمت صياغته وإعداده في مصر، وتمت مناقشته في الجامعة العربية وطرح من مصر والسعودية والكويت والإمارات والبحرين والمغرب، وحدث نقاش طويل".
وتابع: "قلنا ان علينا أن نستفيد من الوضع المتفجر لعلنا نستطيع أن نحقق انفراجة ونوقف هذا الانهيار على الأرض اللبنانية. هذا كان هدفاً مصرياً، وأعتقد أن الكثيرين سمعوا مصر تقول علينا أن نوقف هذا القتال والتدهور، أن نبدأ بانتخاب الرئيس، أن نتحرك باتجاه تنفيذ المبادرة العربية، أن نحقق الاستقرار في لبنان. هذه كلها تحركات مصرية قيل حينها لي شخصياً من بعض معاوني: لماذا لا ننضم كمصر إلى هذه اللجنة المؤلفة عربياً والتي جاءت بناء على اقتراح مصري؟. لقد تحدثت أمام المؤتمر الوزاري وقلت: علينا أن نشكل لجنة تسعى الى الحركة السريعة الدؤوبة للإمساك بالموقف وإعادة الأمور إلى نصابها. فقيل لي في هذا السياق: ولماذا لا ننضم إلى هذه اللجنة؟ فكان رأيي أن انضمام مصر سوف يفتح الطريق لانضمام السعودية وسوريا، وبالتالي ننقل الوضع غير المريح بين الوحدات العربية الرئيسية التي لها رؤية محددة في المسألة اللبنانية إلى اللجنة، وإذا نقل هذا الوضع إلى داخل اللجنة ضعفت قدرتها في التأثير على الوضع. لماذا اخترنا الشيخ حمد بن جاسم؟ وهذا أيضا جاء باقتراح مصري. قلنا إن هذه اللجنة نقترح تشكيلها برئاسة قطر وبعضوية هذه المجموعة التي كانت فيها. اخترنا قطر لأننا من متابعتنا لسياستها وجدنا لديها القدرة نتيجة لعلاقة معقولة هادئة مع سوريا وإيران على أن تتحدث للطرفين اللذين لهما هذا القدر من التأثير على أطراف المعارضة اللبنانية. بمعنى أن سوريا لها تأثير لأن لها أصدقاءها، وكلنا لدينا أصدقاؤنا، ثم إيران التي لها تأثيراتها على "حزب الله" وبالتالي كان المطلوب طرفاً عربياً لديه القدرة على التحدث مع مصر، مع السعودية، مع سوريا ومع إيران".
وأوضح أنه "إذا كان معنى الوسيط أن نكون بلا موقف إزاء ما يحدث فهو سليم"، متسائلاً "هل كان المطلوب أن نصمت عما يحدث في لبنان على مدى العامين الأخيرين؟ هل كان المطلوب أن تخضع مصر للسياسات الإيرانية في لبنان لكي يرضى عنها البعض أو يرضى بعض المصريين عن مواقفها؟".
وأكد أن التحركات الإيرانية "لها تأثير سلبي في القضية الفلسطينية، وفي لبنان إلى حد كبير، وإن كان بالنسبة الى لبنان هناك وضع يجب أن نتفهمه ما يتردد بأن نحو 40 في المائة من الشعب اللبناني اليوم من المجتمع الشيعي، وإذا صحت هذه النسبة ولا نستطيع التحقق منها فإن معناها أن هناك مصالح شيعية إسلامية مستقرة داخل لبنان. المعادلة اللبنانية يصعب أن نقول فيها رأياً سريعاً أو مشروعاً نلخصه في سطر هنا أو هناك، ولكن من المؤكد أيضا أن لإيران نوايا ورغبة في التأثير على النظام الجديد البازغ في العراق".
وأشار الى أنه "عندما تتنافس إيران مع العالم الغربي دائما تسعى الى الامتداد في اتجاه غرب آسيا. إذا سعوا الى الامتداد في المحيط الهندي أو شرق آسيا فهذا أمرهم، ولكن السعي في اتجاه غرب آسيا هو الشرق العربي والبحر الأبيض المتوسط"، مشدداً على وجوب "أن يحذر المسلمون من الوقوع في شرك وفي حفرة عميقة تدبر لهم. إذا ما سقط الإسلام في نزاع إسلامي وحرب إسلامية داخلية، فهذا سوف يمثل نجاح هذه الدوائر في الغرب التي تسعى الى إضعاف الإسلام وإلحاق الهزيمة به".
ولفت الى أن "علينا أن نصل إلى اللحظة التي نهيئ فيها وضعاً، أو نوجه أو نخلق وضعاً لا تكون هناك حاجة فيه الى السلاح على الأرض اللبنانية، عندما تتوقف إسرائيل عن الاعتداء على لبنان، وعندما تنهي هذا الاحتلال، ولكن في كل الأحوال، موضوع استخدام السلاح على الأرض في لبنان، ومن لبناني تجاه لبناني أمر لا نوافق عليه ولا يمكن أن نقبله".
وقال: "لقد استخدم السلاح اللبناني ضد اللبنانيين، وجرت معارك بالأسلحة تجاه لبنانيين، وقتل "حزب الله" عدداً من السنة، وحاصر واشتبك مع الدروز في الجبل. هنا لم تكن تلك مقاومة. لهذا نقول فليسحب السلاح من الجميع، ويجب أن تقوم الدولة اللبنانية في اللحظة المناسبة وبالتوافق اللبناني الداخلي بسحب السلاح من الجميع".
وعن تقديم مصر والسعودية عوناً مادياً ولوجستياً وربما السلاح الى ميليشيات سنية، قال: "ليس بالنسبة الى مصر، فهذا ضد الرؤية المصرية للبنان، والمؤكد أنها لا تتعاطف مع أي ميليشيا ولا تقدم السلاح أو الدعم المادي لأي ميليشيا أو أي عناصر مسلحة على الأرض اللبنانية، ولكن يجب أن يفهم أيضا أن مصر لديها القدرة على ذلك وتستطيع أن تفعل هذا، ولكن ذلك ليس من سياستها. ليس من سياسة مصر الخارجية في هذا العصر أن يكون لها امتداد مسلح على أرض غير مصرية".
وشدد على "أن مصر لا تتعاطف مع استخدام السلاح مهما كان الأمر. ان استخدام السلاح يقود إلى استخدام سلاح مضاد، واستخدام السلاح المضاد هو من العناصر الممكنة، ولكن يجب ألا يسمح به. وفي هذه النقطة الكثيرون من ذوي السياسات أو الرؤى التي تستهدف الترويج لرؤى عبّروا عن انتقادهم لمصر. وأقول لهم: كيف لكم أن تتصدوا أو أن تعترضوا أو أن تعقبوا أو أن تتحفظوا انطلاقاً من رؤى ليست لكم؟ حقيقة الأمر أن أصحاب هذه الرؤى كانوا يرغبون ويودون ويأملون أن توظف مصر إمكاناتها لخدمة أهداف دولة أخرى خارج الإقليم العربي تسعى إلى استخدام هذا الوضع اللبناني لخدمة مصالحها، فإذا لم توظف إمكاناتها لهذا المشروع قيل عنها إنها فقدت دورها".
وحول المقصود بقرار الجامعة العربية تقديم نوع من الدعم اللوجستي للجيش اللبناني، قال: "الهدف هو إعادة بناء الجيش اللبناني وتأهيله لكي يستطيع حماية البلد وحفظ أمنه. كلنا نعلم أن هذا الجيش لديه أيضا القيود الواقعة عليه، ولكن قوته بالرغم من هذه الأطر والقيود، مطلوب أن يقوم بدوره".
أضاف: "نحن ندعم الجيش اللبناني واحتياجاته وتدريب ضباط الجيش اللبناني، ونحن نتحرك دائما ليس بتقديم العرض، ولكن بتلقي الطلب، وعندما نتلقى الطلبات ننظر فيها. وفي زيارة قائد الجيش اللبناني سابقا وهو الذي انتخب رئيسا، نظرنا فيها، وهناك اتصالات دائمة بين المؤسستين العسكريتين".


--------------------------------------------------------------------------------


وكالات