:con_razz:

في ندوة: الأمسية في الوطن العربي ضمن فعاليات الملتقى العربي للتربية والتعليم .. 71مليون أمي في العالم العربي والعدد إلى ازدياد "

بيروت - مكتب "الرياض" - من جهاد فاضل:

قد تكون ندوة "الأمية في الوطن العربي: الواقع والحلول" أخطر الندوات التي شهدها "الملتقى العربي للتربية والتعليم" في العاصمة اللبنانية الذي دعت اليه ست منظمات عربية معنية بقضايا التربية والتعليم والمستقبل العربي.
ذلك أن ما طرح في هذه الندوة من وقائع وبيانات وارقام تجعل المواطن العربي يصاب بالاحباط إن لم يكن بالفزع فقد تبين على ضوء المداخلات التي تمت في هذه الندوة وشارك فيها علماء عرب مختصون بقضايا محو الأمية، ان العالم العربي يضم اليوم 71مليون أمي، وان هذا العدد يضاف اليه الآن، وكل عام، ما بين مليون او نصف مليون أمي جديد، وان هذين الرقمين لن يطرأ عليهما تبدل يذكر عام 2015ميلادية، كما تبين ان العالم العربي هو "الأول" في موضوع الأمية بعد الدول الأفريقية جنوب الصحراء، ولكن دول القارة الافريقية ككل افضل في موضوع الأمية من العالم العربي.
الخبير المصري المتخصص في محو الأمية الدكتور محمد سعيد هيكل قدم مداخله (ايده فيها المتدخلون الآخرون) يفهم منها ان التنمية الانسانية والاجتماعية والاقتصادية غير ممكنة ما لم يتخلص العالم العربي من الأمية المستشرية في أكثر اقطاره، وبخاصة في الدول ذات النسبة السكانية العالية، دون ان يسمي هذه الدول، فالتنمية بجميع وجوهها تأخذ في احتسابها عدة قضايا ومعايير منها التعلم ومستوى الدخل القومي ومساهمة كل أفراد المجتمع ومن هؤلاء المرأة العربية الغائبة أو شبه الغائبة
بدأ الدكتور محمد سعيد هيكل مداخلته بطرح السؤال التالي:
الأمية في العالم العربي مشكلة كبيرة، ولكن هل لها حل؟
واجاب بالايجاب ولكن الامور لن تتم بسحر ساحر، كما انها لا تحتاج الى مال كثير، إنما ينبغي ان تتوفر كمية ضخمة من الارادة والاصرار والعزم على أن نفعل شيئا، وعلى ألا نتخلف عن عالم المعرفة كما تخلفنا في عوالم أخرى.
واعاد الى الذاكرة مؤتمرا عالميا دار حول مجتمع المعرفة او مجتمع المعلومات عقد قبل شهر اصدار وثيقة ورد في بندها الأول أن قادة العالم المتواجدين في هذا المؤتمر يقرون بانه لابد من اتاحة المجال لكل افراد المجتمعات البشرية ليقوموا بأمرين: انتاج المعرفة واستخدامها.. ولكن السؤال هو كيف ينتج العالم العربي معرفة وكيف يستخدم هذه المعرفة وهو يشكو من وجود سبعين مليون أمي فيه؟
واضاف ان ترتيب دول العالم العربي في مجال التنمية الانسانية هو بكل المقاييس محزن.
فالأرقام التي تقدمها الاونسكو على الانترنت، وهي متاحة بالطبع للجميع تدل على أن نسبة الأمية في العالم العربي كانت سنة 1970( 71بالمئة) في حين انها كانت في العالم الخارجي 20بالمئة، وانها في سنة 2000حافظت على نفس النسبة في العالم العربي، الا انها هبطت الى 20في العالم الخارجي، اما في عام 2015، هي سنة اسقاطية، فان من المتوقع ان تكون نسبة الامية في العالم العربي 38بالمئة، وهذا يعني ان نسبة الأمية في العالم العربي هي ضعف النسبة العالمية.
وعاد الخبير المصري الى مزيد من التدقيق نذكر انه من بين 71مليون أمي عربي، تبلغ نسبة الاناث الأميات 85بالمئة، انخفضت مع الوقت الى 52بالمئة ومن المتوقع ان تبلغ سنة 2015نسبة 37بالمئة، كما ان نسبة الأمية في العالم الخارجي، بما فيها دول جنوب الصحراء في افريقيا تنخفض تدريجيا مع الوقت اكثر مما تنخفض في العالم العربي.
وأشار الى أن هناك خمس دول عربية من الدول الاثنتين والعشرين، وهي الدول الأعلى كثافة سكانية تضم 71بالمئة من الأميين، وان هناك اربع عشرة دولة عربية تبلغ نسبة الأمية فيها اكثر من نسبة الأمية على مستوى العالم، كما ان هناك 13دولة عربية تمكنت من ان تنجز مستويات في محو الامية اعلى من مستوى العالم، لكن هذه الدول الثلاثة عشر ما عدا دولة واحدة دول كثيرة السكان قليلة الموارد.
هذا التحليل يضع يدنا على أمور كثيرة في هذه الظاهرة الكارثية التي نعيشها والتي يبدو اننا ارتضينا ان نعيشها.
ومن طريف ما ذكره ان الدكتور هيكل ان أنجح برامج محو الأمية في العالم العربي تمت في بلدية اولها الصومال، وثانيها العراق، ولكن ذلك تم منذ سنوات بعيدة، ان اليوم فهذان البلدان يشهدان امية واسعة.
وكانت ندوة الأمية في الوطن العربي: "الواقع والحلول" قد بدأت بمداخلة للدكتور عبدالعزيز بن عبدالله السنبل نائب مدير عام الاكسو ذكر فيها أن الأمية هي احدى العقبات الأساسية التي تواجه جهود التنمية في الوطن العربي لذلك ارتأت ندوة التربية والتعليم اقامة ورشة موسعة حولها وحول تحدياتها والاجراءات الكفيلة بمواجهة هذا التحدي.
وذكر السنبل بقمة الاسكندرية العربية التي انعقدت عام 1964وناقشت هذه المشكلة وبعدها انطلق العمل في اواخر الستينات وأوائل السبعينات وقد أُنجز في الواقع الكثير على هذا الصعيد لأن برامج محو الامية شملت كل الدول العربية تقريبا.
وقد حققنا تخفيفا في نسبة الأمية ولكن هذه النسبة عادت وتصاعدت بسبب الزيادة التي طرأت على عدد السكان واليوم نحن بحاجة الى ارادة قوية ومتينة لمواجهة هذه المشكلة.
وتحدث الدكتور محمد حجار (من لبنان) عن تجربته في مسألة محو الأمية وعن الأساليب والاجراءات التي يرى انها الأنجح على هذا الصعيد فقد كتب أبحاثا ودراسات وقام بنفسه تعليم الاف الناس القراءة والكتابة، كما أنه قام بتدريب اساتذة على أنجع الأساليب في هذا المجال.
وذكر ان الاساتذة الذين يعملون في هذا الاطار تلزمهم محفزات مادية على الخصوص لأن رواتبهم متدنية جدا فهي ادنى على سبيل المثال من رواتب افراد الشرطة، ولكن على هؤلاء الاساتذة ان يكونوا متمكنين من كفاءات ومهارات معينة، وان يكون اعدادهم اعدادا جيدا.
كما تحدث في الجلسة خبير سوري في محو الأمية هو الدكتور هاني عمران فتابع المنحى التشاؤمي الذي كان الخبير المصري الدكتور محمد سعيد هيكل قد بدأه.
قال الدكتور عمران إن جهود محو الأمية في الوطن العربي تمر اليوم في مأزق حقيقي، وان عدد الأميين اذا كان قد بلغ سنة 2001في الوطن العربي 71مليون نسمة فانه مرشح للزيادة حوالي نصف مليون امي في كل عام بسبب زيادة السكان وبسبب التعثر الذي يصيب برامج محو الأمية ثمة "كتلة متنامية مع الوقت يصعب السيطرة عليها".
وتحدث عن معضلة أخرى هي امكانية الحصول على بيانات واحصاءات عربية دقيقة يمكن اعتمادها، ذلك ان بالامكان الحديث عن أمية أخرى غير الأمية الظاهرة المعروفة، هي الأمية المقنّعة (بتشديد النون) لأن هناك اعدادا هائلة من السكان تحسب على المثقفين، ولكنهم لا يمتلكون الأدوات القرائية، كما ان هناك اعدادا حُسبت على المثقفين ثم عادت، وارتدت إلى الأمية.
وعاد الدكتور عبدالعزيز السنبل ليقول في خاتمة الندوة ان من المؤسف أن العرب لا ينسقون مع بعضهم في موضوع محو الأمية، وان المستقبل سيكون أسوأ، إن لم تتجدد الجهود وتتكثف للقضاء على هذه المشكلة الخطيرة.
وعاد جميع المتدخلين ليطرحوا السؤال التالي: هل هناك حل؟ واجابوا: الحل ممكن اذا اردنا.