التطرق لهذا الموضوع شائك للغاية عند قومنا، وفارط للغاية عند الغرب.

عند الغرب فارط لأنهم يعتبرون الأمر عاديا لا يستحق البحث والعلاج، فيتركون الحبل على غاربه.

عندنا شائك لأن حرمة الجنسية المثلية ليست كحرمة الزنا، بإمكاننا مقارنتها بحرمة الخمر وحرمة الخنزير.

أجد الكثير من المسلمين لا يتورعون عن شرب ما تيسر من الكحوليات، لدرجة الهبل والسكر، أو بشكل اعتيادي مقبول نسبيا، لكن يندر أن أجد مسلما يتفاخر أو يتظاهر، أو يقبل أن يمارس ولو بالسر أكل لحم الخنزير!

وهذا أمر عجيب بنظري، حين ربط الأمر بمفاهيم الإسلام، إذ معروف أن الخمر هي أم الخبائث، وأنها تجر خلفها المصائب تترى، من جسدية وغير جسدية، ناهيك عن احتمال الادمان، وعن تدمير الكبد وإتلاف الأعضاء الحيوية.
بينما حرمة الخنزير معنوية تعبدية فقط، فلا يظهر أن هناك من يدمن لحمه أو يصيبه السكر منه، أو تشمع الكبد أو أنه يمارس الموبقات رأسا بعد أكله الخنزير.

أجد أن التعامل مع قضيتي الزنا والشذوذ في بلادنا تأخذ نفس العلاقة.
في قضية الزنا، والتي هي مفسدة للأنساب، وفيها ما فيها من شجون، يرتبط بها ما تسمى جرائم الشرف، والبنت ملعوب فيها ومش ملعوب فيها شية ليلة الدخلة، نجد الكثير ممن يتباهى وأحيانا تتباهى بعلاقاته العديدة.
أما الشذوذ فخطرها لازم غالبا وغير متعدي، وهي على أنها كبيرة، إلا أن التعامل معها عندنا هي ولحم الخنزير صار مثل حقل للألغام خطر. وقد يؤذي نفسه الباحث، سواء أبحث بنصوص شرعية أو شؤون طبية، أو غيرهما. وقد ينسب إليه ما ليس فيه، وقد يؤذى في نفسه.

حين البحث في حقوق المثليين المطروحة، يجب ملاحظة أن هذه الحقوق وما يتفرع عنها من زواج وطلاق وتبني أطفال وتحديد سن أدنى للممارسة، وغيره، هي مشكلة غربية ابتداء وانتهاء، ولا نعاني منها في المشرق بنفس الصورة. ذلك أن الغرب لا يجد غضاضة في ممارسة رجلين أو امرأتين للجنس معا دون عقد زواج، وأصلا الزواج ليس عقد استحلال الجنس عند الغرب، بل هو عقد تشكيل شركة تضامن، ولا علاقة للجنس بالزواج.
بينما في المشرق، فلا جنس شرعي مقبول دون عقد الزواج الشرعي، فلا ينظر ابتداء لمن لا يتم لهما العقد بحال كرجلين وامرأتين، ولا يبحث في حقوقهما في هذا العقد، لأن العرف الاجتماعي على رفض كل جنس خارج مؤسسة الزواج، ولو بين رجل وامرأة.

يعني باختصار المشكلة أعلاه ليست مشكلتنا، ولا تعنينا.

الواقع المعاش يشير إلى ان ممارسة الجنس بين أفراد الجنس الواحد موجودة في المجتمع، وتستشري أو تخف بشكل غير مفهوم لعدم دراسته الجادة.

حين النظر إلى قضية ممارسة الجنس بين أفراد الجنس الواحد في المشرق، الأجدر أن نلاحظ ما يلي:

هل الممارسة هذه صحيحة أم خاطئة؟ نسبة إلى ماذا الحكم على الصحة والخطأ؟
على أن التوقع بالحكم على خطإ الممارسة، فالسؤال الذي يلي ما مدى انتشارها؟
وضمن أي الأوساط؟
وما هي الأسباب المؤدية إليها؟
هل هي مؤقتة أم دائمة؟
ما هو العلاج؟
وغيره من أسئلة كثيرة قد تدور في الذهن.

ثم هناك التشريع القانوني المتعلق بالدولة، هذا يتبع لأساس الدولة، وحيث أنه لا اسس مفهومة أو معروفة للدول التي نعرف، فمن العبث البحث في التشريعات القانونية، نحن عادة في هذا الأمر نستورد قانون العقوبات الفرنسي ونعدله "ليتلاءم" مع مجتمعنا، فنحل مشاكل الفرنسيين الذين يعيشون بيننا، ولا نحل مشاكلنا نحن.