{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
قبيل الطوفان.
بهجت غير متصل
الحرية قدرنا.
*****

المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
مشاركة: #3
قبيل الطوفان.

( 2 من 2 )

" وها نحن هنا و ظلام مدلهم ينبسط حولنا
وقد ساقتنا أقدار حمقاء من الإنذارات المرتبكة و الصراع
إلى حيث جيوش جاهلة تتصارع في الظلام " .ماثيو آرنولد ( بتصرف )


ظاهرة الإرهاب الإسلامي
مع تنامي ظاهرة ( الإرهاب الإسلامي ) يثور في العالم غير الإسلامي حوار محرج حول كون الإسلام دين حقيقي يدعوا إلى السلام ، أم هو مجرد مجموعة من الطقوس الدينية البدوية و التقاليد الحربية العنيفة ، و قد أجمع كثير من قادة العالم على أن الإسلام دين السلام ، و أن المسلم الحقيقي لابد أن يكون متسامحا ، و من المؤكد أن رفض التعاطي مع الإسلام كدين حربي ، هو موقف مهم جدا في المناخ العالمي اليوم ، و في هذا المجال هناك كثير من التقدير لابد أن يوجه لتوني بلير على موقفه دائم الإشادة بالإسلام ، بل لا ينكر أحد أن نفس الموقف اتخذه جورج بوش ، عندما توجه إلى مسجد إسلامي غداة حوادث 11 سبتمبر ، ليبرأ الإسلام و المسلمين من الجريمة ، و لكن تعريف (المسلم الحقيقي) بموقفه من قضية الإرهاب ، أي بمعتقداته السياسية و الإجتماعية حول المواجهة و التسامح ، و هي المعتقدات التي كانت دائما خلافية بين المسلمين طوال تاريخهم ، هو نوع من التسطيح الشديد لقضية الدين ، و علينا أن نفهم أن موقف المسلم من التسامح و التعصب هي مواقف لا يمليها الإسلام كدين بل الهويات السياسية و الخلفيات التاريخية للمسلمين ، فالدين ليس ولا يجب أن يكون كل هوية الإنسان ، و يستغرقه كلية مهما كانت درجة تدينه ، وهذا ما حدث في الماضي كما يحدث الآن أيضا ، و التاريخ الإسلامي ليس بالقطع تاريخ الإسلام بل هو تاريخ المسلمين كبشر و شعوب ، فبينما نجد أن المسلمين العثمانيين ارتكبوا مجازر جماعية ضد الأرمن ، نجد أن المسلمين المصريين لم يرتبكوا مثل تلك المجازر سوى ضد دودة القطن التي تهدد محصولهم السنوي الهام .
إننا بهذا التقسيم الضبابي للعالم وفقا للدين ، نواجه موقفا عبثيا ربما يكون من الصعب تصديقه ، فبينما نجد أن التطرف الديني يسعى إلى إقصاء الإنتماءات غير الدينية ،و تهميش النشاط السياسي المسؤول للمواطن ، نجد أن محاولات محاربة الإرهاب تتم عن طريق تجنيد المؤسسات الدينية و تقويتها ، مع ما يصاحب ذلك من التقليل من فعالية الهويات السياسية و الإجتماعية باعتبارها تتعارض مع الهوية الدينية ، و النتيجة أن الخاسر الكبير في تلك المواجهة هو المجتمع المدني الذي يسعى الجميع إلى تقويضه بينما تزداد الحاجة إليه ، هناك هويات توحيدية متعددة بين الجنس البشري يتيحها المجتمع المدني ، لعل أبسطها و أقواها أيضا هوية المواطنة داخل منطقة جغرافية بعينها ، وذلك يعني غالبا الإنتماء إلى أوطان متعددة الأديان ، و بغير هذه الإنتماءات التعددية سنجد أنفسنا في موقف بالغ الغرابة ، عندما يتعامل المسلم الإنجليزي مع رئيس وزراءه خلال المشايخ و القادة الدينيين ،و يتعامل المسيحي المصري مع رئيس الجمهورية خلال رأس الكنيسة !.

مواجهة الإرهاب .
في تصوري أن مواجهة الإرهاب تمر بمقتربات عديدة ، أهمها التوقف عن التقسيم الديني للشعوب ، لهذا أرى أنه علينا أن نكون أكثر تواضعا ، و ألا تستغرقنا تلك التحليلات البراقة حول الهويات و الصراعات الثقافية ، علينا ألا نذهب بعيدا إلى الحضارات القديمة و أساطيرها ، و علينا التوقف عن تمجيد هذه الحضارة أو تلك كحاوية حصرية لأفضل ما أنتجه الإنسان و فكر فيه و مارسه ، إن الإعتقاد بوجود تفرد تاريخي للحضارة الغربية يرجع إلى ماض أبعد من 400 سنة الأخيرة هو وهم دعائي لا أكثر ، علينا أن نقر أن إعلاء قيمة الحرية و التسامح كما نفهمه في الحضارة المعاصرة ، لم يكن جزءا من ماضي أي بلد أو حضارة في العالم ، بلا أي استثناء بما في ذلك الحضارة الإسلامية أو الإغريقية أو غيرهما من الحضارات ، و علينا إذا أن نعود إلى أساليبنا القديمة الأكثر إنسانية وواقعية ، و علينا أن نبحث عن حلول سياسية لمشاكل سياسية كما كنا نفعل لعشرات السنين ، إن التاريخ لم ينته كما توقع فرانسيس فوكوياما ، كذلك فالحضارة الغربية ليست قدر الإنسان الأسمى كما يعتقد هينتنجتون ، و المشاكل المعاصرة مثلها مثل المشاكل الأقدم لها أسبابها السياسية التي يمكن تبينها ،و ليست إفرازات حتمية لصراع الهويات الدينية الأحادية ، كما يبشر هينتنجتون و اليمين الجديد في أمريكا ،و كما يعتقد أسامه بن لادن و مهدي عاكف و أحمدي نجاد ، وفقا لهذه الرؤية السياسية الواقعية التي نتبناها ، فالصراع في فلسطين ليس تعبيرا عن حرب سماوية بين يهوه رب الجنود اليهودي و الله رب محمد ، و لكنه نتيجة لممارسات إسرائيل السياسية التي تجاوزت كل القواعد و الأعراف الدولية ، وموقف الجنود الإسرائيلين في الضفة الغربية و القدس لا يختلف عن موقف قوات الإحتلال في العالم كله ، و ليس لإسرائيل أية خصوصية أخلاقية مهما اعتقد ذلك رجل أخرق مثل جورج بوش ، و على العقلاء العرب و الإسرائيليين أن يصلوا إلى حلول سياسية سريعة قبل انفجار المنطقة كلها ، وعلى الفلسطينيين و العرب أن يفعلوا الصواب الوحيد الممكن ،وهو البحث عن حلول سياسية ، أو المضي في حرب التحرير حتى يجلو اليهود عن بلادهم ، و لكنها يجب أن تبقى حربا سياسية للتحرير تنتهي به ،و ليست حربا دينية بالوكالة و ضمن مشروعات إبادة دينية بلا نهاية ، في هذا الإطار فلا معنى لشيء مثل حماس و الجهاد ،و أيضا لا معنى للتهدئة بلا آليات الحل السياسي .
حتى يمكن أن نواجه الصراعات العبثية و نتغلب على ظاهرة الإرهاب ، فالعالم في حاجة إلى فهم جديد لطبيعة الهوية الأصولية وحدودها ، وهنا أريد أن أؤكد رأيي السابق أن الأصولية تقود حتما إلى العنف ، و أحب أن استشهد بقول حسين حقاني الدبلوماسي الباكستاني :" بيئة تسودها الأصولية الإسلامية ، هي الأرض الخصبة لإنتاج المتطرفين و التطرف ، الذي يمكن تصديره إلى أماكن أخرى " ، علينا إذا التوقف عن تصور أصولية بلا عنف ، فكل الأصوليات لابد أن تتحول إلى كيانات قتالية ، سواء كانت أصوليات إسلامية مثل الجهاد أو هندوسية مثل حركة ( هندوتفا Hindutva) ، خاصة عندما تتحول تلك الحركات من مجال الممارسات الدينية إلى الإنتشار السياسي ، في المقابل أؤكد أن الأصولية تزدهر في الغرب أيضا كما تزدهر خارجه ، فهناك أصوليات مسيحية مثل حركة born- again ، التي أوصلت بوش إلى الحكم ،و ساندت حروبه ضد العالم الإسلامي ، كما تواجه نظرية التطور البيولوجي مقاومة منظمة في القطاعات المتعلمة في بعض أجزاء من أمريكا أكثر تنظيما من أي مكان آخر في العالم .
علينا أن نتوقف الآن عن النظرة السطحية التي تفصل بين الأسباب و نتائجها الحتمية ، فليس من العقل – فما بالك بالحكمة – أن نسمح للتنظيمات التي تتبنى الإرهاب كعقيدة بالعمل السياسي ، طالما أنها لم تعد تمارس الإرهاب - مؤقتا - في إنتظار الظروف المناسبة ، و لن يكون مقبولا أن نحتج بقواعد الديمقراطية و آلياتها ، مثل هذه الطروحات المائعة التي يتبناها المحاظون الجدد في أمريكا ، تبريرا لمساندتهم الإخوان المسلمين في مصر أو سوريا ، لم يعد من الممكن قبولها لو كنا جادين في مقاومة الإرهاب حقيقة ، و ليس توظيف الإرهاب نفسه لصالح مشروعات سياسية.
ليس المطلوب فقط هو التوقف عن محاربة الإرهاب خلال أدوات المؤسسات الدينية ، و لكن علينا أن نعيد بناء المجتمع المدني في عقول الناس و ضمائرهم ليكون جزءا أساسا من الثقافة السائدة ،إن المجتمع المدني يعني أنه يمكن للمسلمين كما يمكن لغيرهم أن يختلفوا حول القضايا العلمانية ، و أن يقرروا كيف يسلكون في حياتهم بأساليب مختلفة ، إن العالم كله في حاجة إلى ثورة ثقافية جديدة ، ثورة من أجل تعددية حقيقية فعالة و متفاعلة ، العالم ليس في حاجة إلى حوار بين الأديان ،و لكنه كما كان دائما في حاجة إلى الحوار بين الشعوب ، العالم في حاجة ليسمع مباشرة من المواطن الفلسطيني في غزة و الضفة ،و ليس لرجال الدين أو السياسيين الأصوليين ، الصرب في حاجة للتحاور مع الألبان حول كوسوفو ،أما الحوار بين القساوسة الصرب و الشيوخ المسلمين فلن تؤدي لشيء ، و المجتمع المدني التعددي لا يهيط من السماء و لكنه يتكون بالتربية السليمة و الممارسة السياسية العاقلة الرشيدة ، إننا في حاجة كبيرة بالفعل إلى ترسيخ قيم التسامح و التعددية و التفاهم المميزة للمجتمع المدني الصحي ، و علينا أن نثمن عاليا تلك الصفات في أنفسنا و الآخرين ، يجب أيضا الا نتوقف كرجال و نساء من أصحاب النوايا الحسنة و التهذيب ، عن محاربة التعصب بثبات و حزم ، علينا أن بذل جهودا مستميتة من أجل إعلاء القيم التي نؤمن بها ، يجب ان تعكس حياتنا و أفكارنا معتقداتنا الأساسية حول افنسان و كرامته و حقوقه ، يجب أن نفكر أيضا في مجتمع أكثر عدلا للفقراء و المحرومين ، و إلى تعديل النظام العالمي ليتيح فرصا بشكل أكثر إنصافا ، هذا المجتمع العادل سيكون له دور جوهري في إبعادنا عن الإنقسام الحاد بين الهويات المختلفة .
يبقى أن نسأل :" هل يمكن أن ينجح العالم في مواجهة الإرهاب ، في ظل القيادات المعاصرة التي ينجبها الغرب خاصة الولايات المتحدة ؟" ، هذا سؤال يجب أن نفكر فيه بجدية ، فالقيادات الأمريكية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية تفتقد – باستثناء أو استثنائين - المعايير الأخلاقية العالية المطلوبة فيمن يقود الدفة الكونية ، و بصعوبة شديدة يمكن أن نجد هناك صلة ما بين معتقدات مسيحي أصولي مثل جورج بوش ، و روح التسامح التي ميزت أفكار من صاغوا الدستور الأمريكي ، ألا يشعر أحد أن جماعة اليمين الجديد التي وصلت إلى قمة السلطة في أمريكا ، هي مجرد عصابة من المجرمين لا تتورع عن ارتكاب الجرائم العادية المألوفة بين العصابات ، أليس مما يدعوا للتأمل أن هذه الجماعة سقطت أخلاقيا و سياسيا أيضا ، فهل مثل هؤلاء اللصوص هم أفضل من يقود العالم للتغلب على مشاكله الأساسية ،و ينقذونه من شتاء نووي قد يأتي بالنهاية المبكرة و المصير المظلم ؟ ، هناك العديدون في العالم اليوم يشاركون باراك اوباما طموحه إلى التغيير و بناء عالم جديد لأمريكا و للناس جميعا ، و نحن نحلم أيضا بعالم جديد يصنعه أمثال باراك أوباما و نشارك جميعا في صنعه .
فهل يمكن أن تنتصر النوايا الطيبة ؟.
06-25-2008, 02:01 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
قبيل الطوفان. - بواسطة بهجت - 06-24-2008, 10:57 PM,
قبيل الطوفان. - بواسطة تيم المطر - 06-25-2008, 01:45 AM,
قبيل الطوفان. - بواسطة بهجت - 06-25-2008, 02:01 AM
قبيل الطوفان. - بواسطة بهجت - 06-25-2008, 03:02 AM,
قبيل الطوفان. - بواسطة نسمه عطرة - 06-25-2008, 11:17 AM,
قبيل الطوفان. - بواسطة بهجت - 06-26-2008, 12:45 AM,
قبيل الطوفان. - بواسطة Waleed - 06-26-2008, 12:27 PM,
قبيل الطوفان. - بواسطة بهجت - 06-27-2008, 12:28 AM,
قبيل الطوفان. - بواسطة Awarfie - 06-27-2008, 12:35 AM,
قبيل الطوفان. - بواسطة بهجت - 06-27-2008, 10:44 PM,
قبيل الطوفان. - بواسطة ابن نجد - 07-09-2008, 06:28 PM,
قبيل الطوفان. - بواسطة بهجت - 07-11-2008, 05:18 PM,
قبيل الطوفان. - بواسطة fares - 07-15-2008, 04:22 AM,
قبيل الطوفان. - بواسطة إبراهيم - 07-15-2008, 06:19 AM,
قبيل الطوفان. - بواسطة بهجت - 07-17-2008, 12:11 AM,
قبيل الطوفان. - بواسطة fares - 07-17-2008, 02:09 AM,
قبيل الطوفان. - بواسطة بهجت - 07-17-2008, 02:22 AM,

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 3 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS