موضوع ذو صلة بموضوع الاسماعيلية
http://www.nadyelfikr.net/index.php?showtopic=54679
الشيع الدينية في الاسلام
كان على الاسلام أن يمر بعصور من الفوضى والمحن كما مرت بها المسيحية من قبل .فمنذ بداية القرن الثاني وحتى نهاية القرن التاسع للميلاد ,ظل هناك صراع قائم لاينقطع في المسيحية , بينها وبين المذاهب التي سبقتها من تلك الافكار التي كانت تعود للظهور بين الفينة والاخرى بأشكال مختلفة ,وعلى يد شخصيات مختلفة ايضا .
وفي عرض تلك البقعة الواسعة من الارض التي يدين سكانها بدين المسيح , خيّم السكون على الديار المسيحية بكاملها بعد خمود هذا الصراع .. لقد نجحت المسيحية الارثوذوكسية في سجن الثوريين المونتانيين , واتباع بولس المانويين كما نجحت في اخضاع الاريين العقلانيين .
هكذا قيدت الاكليركية والاورثذوكسية المسيحية , وهما تعبيران لمدلول واحد ,بربقة عبوديتها عقل الانسان حتى بزغ عصر الاصلاح الديني .وكان على الاسلام أن يمر بهذه الادوار نفسها , الا أن دور الاصلاح فيه لايزال في طور الجنينية بعد .
أن الاسلام يتطلب من معتنقيه اعترافا بسيطا بحقيقة ازلية ,ومزاولة بعض واجبات خلقية . أما في النواحي الاخرى فهو يمنحهم اوسع المجالات لتحكيم العقل . وبعامل ((الوحدة المقدسة )) فيه نراه ينظر الى جميع المذاهب والطوائف بعين المساواة للديمقراطية . ولذلك كان طبيعيا أن المضطهدين والهراطقة في نظر كل مذهب هم الذين سارعوا الى الالتفاف حول راية محمد .
ذلك لانه حرر العقل البشري من عبودية الكهانة , فسارع ناسخو الالواح واحرار المفكرين الزرادشتيين والمانويين والمسيحيين واليهود والمجوس : كلهم سارعوا الى تلقي ظهور محمد لآنهم كانوا ينتظرون ذلك على اساس انه يحقق حلمهم الديني ((بالوحدة)) . أما جحافل المذاهب المتضاربة التي مزقت كنيسة المسيح مابين القرن الثاني والقرن السادس فهي اما انها ذابت في دين محمد او عايشته بسلام , لاتخشى لأن يسئ معاملتها الروم الارثوذوكس او الكاثوليك مادامت في رعاية تسامح الخلفاء .
وفي الوقت الذي كانت فيه هذه الطوائف تتبنى معتقدات محمد فأنها حافظت على مفاهيمها البدائية الاولى . كما ولدّت بدورها مذاهب وافكار جديدة في الاسلام .
من الحقائق الثابتة في الوقت الحاضر أن الخصائص القومية لآفراد شعب ما والظروف المناخية التي يعيشون فيها , والطبيعة الجغرافية للبلاد التي يقطنونها وتأثير المذاهب السابقة لديهم , كل هذا يصبغ معتقداتهم ومبادئهم .
ويصدق هذا على المسيحية كما يصدق على الاسلام . فأيران هي التي خلقت مذهب (( اللاادرية )) .ومن هناك بزغت المفاهيم التي اشبع بها العالم البيزنطي , واثرت تأثيرا مباشرا على المعتقد البدائي لدى المسيحيين واليهود فوهبتهم مفهوم الالوهية (المتأنسة ) اي التي تختلط بالبشر على الارض .
وكانت (( المانوية )) ذلك المزيج المزوق من الخيال والفلسفة , والتي تدين له المسيحية بالشئ الكثير وتعترف بالشئ القليل , حية لم تمت بالرغم من اضطهادها على يد المسيحيين والزرادشتيين . وهل من الممكن ان يفنى ذلك المذهب وهو نتاج غريب شاذ ولدته الحياة الاجتماعية المتفسخة لآمة بكاملها ؟يجوز أن يجرب رجال اللاهوت قتله والقضاء عليه ولكنهم لن يستطيعوا ذلك حتما .
على هذا الاساس اخلت حنبلية اباء المذهب السني في ايران مكانها ((للفلسفة التصورية)). وهكذا طردت قوة الخيال المتوفرة في مذهب (( الاله الانسان )) شخصية علي الحقيقية واتخذت لنفسها مكان المسيح بين الناس . ولم تنحصر عملية التأليه هذه في شخصية علي , اذ تم تأليه خلفائه من بعده ويقدم لنا المذهب الشيعي مظهرين : احدهما التشيع الصافي لاحفاد محمد المباشرين والثاني الشيعية الحلولية .
والحق أن ضيق الافق العقلي ليس طبيعة مقصورة على مذهب واحد كما أن الرعود في المذهب (( الاثناسي)) غير مقصورة على المسيحية .ففي الاسلام ايضا ( مع بعض الاستثناءات ) نجد كل مذهب يُدين المذاهب الاخرى ويدعي أن اصحابها هالكون . وهو يرى هلاكهم ليس (( الى الابد )) كما تفعل المذاهب المسيحية , بل الى حد يكفي لان يجعل اصحاب ذلك المذهب الاخر يرون الشرور التي يتعرضون لها من جراء اختلافهم في عقيدتهم عن المذهب المدين . ودون النظر الى الصواعق التي تستنزلها اية فئة اسلامية على رؤس الفئات الاخرى كما هي الحال في المسيحية , فأن المرء يستطيع ان يرى نوعا من الوحدة العامة في الاسلام .
يتبع .....................