الأخ الغالي عاشق الكلمة:

اسمح لي أن أكون صريح معك بعض الشيء وأقول لك بـ سر. بيني وبين نفسي لا أرى نفسي أني "معتنق" ديانة جديدة. أقول هنا أشياء في نادي الفكر أحيانا من باب التنفيس وما يضيق الصدر به ولكني في داخلي أرى نفسي ببساطة إنسان مثلي مثلك وأؤمن بالله ولي شكوكي ولي مخاوفي ولي همومي ولي أفراحي إلخ. وفي الوقت ذاته أرى أن ما عرفته عن الله من خلال كلام الإنجيل هو الأقرب في تعريفي بذلك الله. لكن أنت مؤمن بالله وأنا مؤمن بالله. الأمر بصراحة لا يمثل بالنسبة لي مسألة اعتناق "ديانة".

كل هذه الأسئلة تخطر ببالي ولا أجد جواب قاطع لها. سأكون ممن يلوون عنق الحقائق لو قلت لك أني أملك أجوبة قاطعة. كيف أملك أجوبة قاطعة في أمور غيبية ميتافيزيقية؟ في أمور الإيمان عامة كل ما يفعله الإنساه هوأنه ينبش في "السرّ"؛ سر الله وسر الإيمان وكل ما هو متصل بالإيمانيات ومجاهيلها. لا أريد أجوبة قاطعة على كل شيء وكل ما يلزمني هو جرعة إيمانية بسيطة تساعدني على العبور من يوم إلى يوم. كوني أقدر أن أرفع بصري لفوق وأبصر الباري في هيمنته على الكون هي تحقيق لكل مرادي. الله لا يحتكره إنسان ما بل كما قال ميخائيل نعيمه: الله للجميع. قال: الوطن لله والله للجميع. ربنا للكل. لا تلزمني الأفكار التقليدية ولكني يلزمني الإيمان فقط. إيمان أي إنسان مؤمن كأن أبدأ العمل وأقول: توكلت عليك يا رب. لو قدرت أن أقولها وبصدق فقد أكون حققت مغزى الإيمان. وعليه، من الخداع أن أقول لك إنه توجد "براهين مادية". أنا لست زكريا بطرس حتى أتحايل على عقلك بل أحترم عقلك ولن أقول لك عبارات رنانة كتلك وكأني في محكمة وأمامي المتهم والشهود والقضية محبكة! هذا كلام فارغ ولا يقول به سوى مغرور....


انتظرني قريباً مع كتاب وعدت به صديقي "يجعله عامر" وهو "الشمس المنتصرة" لمولانا جلال الدين الرومي. هذا الرجل سمعت عنه كلام جميل من ناس كثيرة في مشارق الأرض ومغاربها. عن هؤلاء تأخذ حديث الإيمان وليس مني. طاب أسبوعك جميلاً.