السلام عليكم

ليس الكتاب هو الوسيلة الوحيدة لمخاطبة الله للبشر فقد يجعل الله كلامه على لسان رسول فيكلم الرسول الناس بما ألقاه الله إليه ، فإذا كان المسيح عليه السلام كلمة الله فإنه كذلك بكل معنى الكلمة أي أن كلامه الذي كلم به الناس هو كلام الله الموحى إليه.
وإذا كان المسيح بشحمه ولحمه يعتبر كلمة الله فإن تحركاته وكل الأحداث التي تعرض لها تعتبر متعلقة بكلمة الله.
إذن فليس كلام المسيح هو فقط الذي يسمى إنجيلا بل كل سيرته بما فيها من أحداث تعتبر إنجيلا أي أن الإنجيل هو قول وفعل.
ولأن الإنجيل هو قول وفعل فليس من الحكمة أن يدون قبل أن يقضى وحيه وتقع أحداثه . فكيف يدون ما يسمى بحادثة الصلب قبل حصولها!!
قد يتسائل أحدنا : كيف تكون حادثة الصلب إنجيلا (بشارة) برسول جديد ليس من بني إسرائيل؟!
أقول : إنها إنجيل (بشارة) بنبي جديد لن يكون من بني إسرائيل . أيرسل الله إلى اليهود رسولا منهم بعد أن حاولوا قتل رسول منهم جاءهم بالبينات بل ظنوا فعلا أنهم قتلوه !
أيعطيهم الله كلامه وقد عزموا على قتل كلمته (المسيح) !
إذن فحادثة الصلب تبشر بأن النبي الجديد لن يكون من بني إسرائيل. وكذلك بينات المسيح (إحياء الموتى بإذن الله ...) تعتبر بشارة بأن المسيح هو آخر نبي إلى بني إسرائيل لأن آياته هي أعظم البينات الحسية للإيمان بالله واليوم الآخر .
إذن فسيرة المسيح عليه السلام كلها تعتبر إنجيلا ، لو أن الله أمر رسوله عيسى بكتابة ما أوحى إليه من قول وفعل لكفى بالله شهيدا فهو بكل شيء محيط ، أما لو أسند أمر تدوينه إلى شاهد من البشر فإن شاهدا واحدا لا يستطيع الإحاطة بكل الأحداث لأنه قد يتغيب عن الحضور بسبب ظروف تخصه، وحتى لو أسند الأمر إلى شاهدين أو ثلاثة فإنهم قد يتغيبون عن مصاحبة المسيح لسبب من الأسباب فيفوتهم مشهد حدث من أحداث الإنجيل.
ما هو العدد المناسب من الشهود للإحاطة بالمشهد؟
العقل يعتبر أن الشهادة الكاملة في مثل هذا الموقف هي شهادة أربعة شهداء لأن محيط الدائرة هو 360 درجة أي أربع جهات ، كل جهة تساوي 90 درجة، والإنسان لا يستطيع أن يرى بعينيه في آن واحد الجهات الأربع : شرق وغرب وشمال وجنوب.
إذن إذا كان الأمر يتعلق بالإحاطة بمشهد وهذا المشهد هو القضية المطروحة أمام القضاء فإن النصاب العادل من الشهداء هو أربعة شهداء، مثلا : جريمة الزنا تتطلب أربعة شهداء لأن الحكم يبنى على الإحاطة بالمشهد.
هل كان الشهداء على الإنجيل 4 شهداء؟
نعم، هم : لوقا ويوحنا ومرقس ومتى.
من هم هؤلاء؟
إنهم تلاميذ المسيح الحواريون. لقد ادعوا أنهم كتبوا شهاداتهم بوحي من الله (إلهام) فهل زكاهم الله في القرآن كي نقبل شهادتهم؟
نعم، قال تعالى : وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ.
إذا كان الله قدأوحى إليهم (أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي) فما المانع أن نصدق ادعاء أربعة منهم أن الله أوحى إليهم أن يدونوا الإنجيل كما شهدوه خاصة وأن الله لم يكذب ادعائهم في القرآن بل صدق كلامهم واعتبر ما دونت أيديهم هو الإنجيل حيث قال تعالى : قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ... ) المائدة 68.
هذا خطاب من الله إلى رسوله عليه الصلاة والسلام يأمره أن يقول لمعاصريه من أهل الكتاب : يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ).
لو كانت التوراة مفقودة والإنجيل مفقود فكيف يأمرهم أن يقيموا شيئا غير موجود معهم!!
إذن فإنجيل : لوقا ويوحنا ومرقس ومتى هو الإنجيل الموجود بين يدي النصارى ساعة أنزلت هذه الآية وإلى الآن.
وكما قلت سابقا في موضوع آخر يستحيل أن تحرف التوراة أو الإنجيل لأنهما رحمة من الله أرسلها للناس فلا يمكن أن يحرفهما أحد أو يشطب كلمة منهما لأن ذلك يعتبر إمساكا لرحمة الله، والله تعالى يقول (مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.) فاطر 2.

تسجيل الدخول
اسم المستخدم:
كلمة المرور:	فقدت كلمة المرور؟
	تذكرني