تحذير

إذا كنت من أولئك المنغلقين فكرياً سواءاً كنت ملحداً أو مؤمناً أو لا ادرياً وتريد استغلال هذا المقال لأغراض ابعد ما تكون عن النقد البناء، فهذا الموضوع ليس لك...رجاءاً اقفل الصفحة وتقبل أسفنا.

من أوجد الكون؟

غالباً ما نظرت إلى هذه الاعتراض الذي يورده إخواننا المؤمنين بمنتهى الوثوق لدحض الإلحاد على انه رد مضحك، فقائله لا يدرك انه يغالط بمغالطة تعرف بالتماس السؤال Begging the question فالملحد لم يثبت عنده أن الكون موجد أو مخلوق بحيث يحتاج إلى من يوجده أو يخلقه، انه يرى أن السؤال خطأ لان المدعى بالسؤال غير ثابت عنده وعليه فكل جواب على السؤال خطأ ويتوجب على المؤمن قبل أن يسأل هذا السؤال أن يثبت لنا انه بالفعل الكون مخلوق ومحتاج إلى خالق وبعدها يحق له أن يسأل من خلق الكون.
مغالطة التماس السؤال غالباً ما تجد أن المحامين يستخدموها لنزع اعترافات من المتهمين، وان كان بوسيلة غير سليمة، مثلاً، انظر معي، تصور محامي يستجوب متهم بالسرقة:

المحامي: أين خبأت المال الذي سرقته؟
المتهم: لم اخبأه في أي مكان
المحامي: إذن تعترف انك سرقت المال !

المحامي يسأل المتهم سؤال خاطئ فلم يثبت انه سرق المال بعد ولكنه يقول له أين خبأته، لان أي جواب على هذا السؤال معناه أن المتهم يقر بأنه سرق المال ! إنها حيلة ذكية !

سؤال وجيه ولكن بصيغة خاطئة

ولكن بعيداً عن السؤال، هل فعلاً لا توجد وجهة نظر لمن يطرح هذا التساؤل أم انه توجد وجهة نظر له؟ في الحقيقة مؤخراً تأتى لي التفكير في هذا الأمر، ووجدت أن ما يطرحه المؤمن هنا قد يكون من أقوى الحجج التي توجه ضد الإلحاد لولا إنهم لا يحسنون صياغة الحجج ولا يحسنون أن يشرحو مكمن الخطأ في النظريات المقابلة، إنهم يطرحون امرأ يمزق الإلحاد التقليدي تماماً، بل ويعجز الملحد عن الرد ولكنه لم يصغ بصورة صحيحة.

انه كما قيل: قضية رابحة بيد محام فاشل

هل الكون ماكينة ذاتية الحركة

يقول الملحد التقليدي، أن الكون لا يحتاج إلى موجد خارجي، ويقول أن الكون يفسر نفسه بنفسه، ويشمخ بأنفه وهو يحدثك عن نظرية الانفجار العظيم وكيف تكون الكون وأننا لا نحتاج إلى اله أو إلى موجد خارجي، الكون يفسر نفسه بنفسه، إذن على كلامكم فان الكون ماكينة ذاتية الحركة Perpetual Motion Machine ومن المستحيل فيزيائياً أن توجد ماكينة ذاتية الحركة، هذا مستحيل، والسبب في هذه الاستحالة هي إنها إما أن تخالف قانون الانتقال الحراري الأول أو قانون الانتقال الحراري الثاني. يعني الماكينة ذاتية الحركة هي ماكينة تتحرك باستمرار دون توقف ولا تحتاج إلى مصدر طاقة.
تصنف المكائن ذاتية الحركة إلى صنفين:

الصنف الأول منها، هي هذه المكائن التي يدعى فيها أنها لا تحتاج إلى أي نوع من أنواع الطاقة بل تتولد فيها الطاقة تلقائياً، وهذا يخالف قانون الانتقال الحراري الأول أو قانون حفظ الطاقة حيث أن الطاقة لا تفنى ولا تخلق. يسمى هذا النوع بالمكائن ذاتية الحركة من الدرجة الأولى.

الصنف الثاني منها، هي هذه المكائن التي يدعى فيها استمرار تحول الطاقة من شكل إلى آخر ومن ثم رجوعاً إلى الشكل الأول، يعني تخيل معي، سيارة تعمل بالطاقة الكهربائية، تخيل لو أن عبقري قال لنا: أنا سأستخدم المحرك الكهربائي لأجعل السيارة تتحرك وفي نفس الوقت سأربط هذا المحرك بمولد كهربائي يولد الطاقة الكهربائية، ثم سأستخدم هذه الطاقة الكهربائية لتشغيل المحرك الكهربائي، وهكذا لن نحتاج إلى مصدر طاقة خارجي، ربما إذا فكرت في هذه الفكرة ستجدها "منطقية" إذ لا يوجد خلق للطاقة هنا، وإنما تحويل من شكل إلى آخر، فما هي المشكلة؟ لماذا يكون هذا الأمر مستحيلاً؟

الجواب انه يخالف قانون الانتقال الحراري الثاني، من حيث أن التحولات تكون دائماً بحيث تزداد الانتروبي، أو بكلام آخر أن التحولات تكون دائماً بحيث تقل عدد الحالات الممكنة للانتقال من وضع إلى آخر. هذه تحتاج شرحا. فانتبه معي قليلاً:

تخيل أن لدينا قطعة من النقود، هذه القطعة لها وجهان، هما: الكتابة والوجه. إذا رمينا هذه القطعة على الأرض، فان هناك طريقتان يمكن أن تقع يهما هذه القطعة على الأرض، إما أن تكون في حالة وجه أو تكون في حالة كتابة.
ألان تخيل أن لدينا قطعتان نقديتان، هنا سيكون لدينا أربع حالات.
فإذا كان عندنا خمس قطع نقدية فان هناك 32 حالة لترتب القطع النقدية على الأرض.

بكم طريقة يمكن أن تترتب بها هذه الخمس قطع النقدية بحيث تكون واحدة منها في حالة وجه والبقية في حالة الكتابة؟
الجواب: خمس طرق، فأما أن تكون الأولى في حالة وجه أو الثانية أو الثالثة أو الرابعة أو الخامسة

بكم طريقة يمكن أن تترتب هذه الخمس قطع بحيث يكون اثنان منها بحالة وجه؟
الجواب عشر طرق.

بكم طريقة يمكن أن تترتب هذه الخمس قطع بحيث تكون كلها في حالة وجه؟
الجواب طريقة واحدة

إذن عدد الحالات الممكنة التي تترتب بها القطع النقدية تكون مختلفة، فهناك حالة يمكن الوصول إليها باحتمال واحد وهناك حالة يمكن الوصول إليها بعشر طرق، فالحالة التي نصل إليها بطريقة واحدة نسميها حالة عالية النظام، والحالة التي نصل إليها بطرق كثيرة نسميها حالة اقل نظاماً أو حالة فوضى، العمليات الفيزيائية التلقائية تتم بحيث يكون الانتقال من الحالة الأعلى نظاما إلى الحالة الأقل نظاماً.

ففي مثال السيارة، فان الانتقال من الطاقة الحركية إلى الكهربائية هو حالة انتقال من اقل نظاماً إلى أعلى نظاماً وهذا لا يتم بصورة تلقائية بل يحتاج مقدار من الطاقة، وعليه فان كمية الطاقة الكهربائية المتولدة ستكون اقل من كمية الطاقة الحركية الداخلة، ولما كانت هذه الكمية ستستخدم في تدوير المحرك، فان كمية الحركة الناتجة ستكون اقل، وهكذا كمية الكهرباء اقل منها وبالتدريج تقل الحركة في هذه الماكينة حتى تتوقف.

عودة للموضوع

لو فرضنا صحة كلام الملحدين التقليديين فان الكون باعتبار انه ماكينة ذاتية الحركة من النوع الثاني، فان الكون سيكون مثل المروحة التي يقطع عنها التيار الكهربائي، فتبدأ بالدوران أبطأ و أبطا حتى تتوقف، أن الكون في مثل هذه الحالة لن يستمر إلى الأبد بل ستتزايد الانتروبي فيه حتى تقل الفترة الزمنية لكل دورة فيه وتصبح صفراً، لكن ثبوت الكون يدل على أن هذه الفكرة خطأ. فهل الكون لا يتبع النموذج الدوري؟ أم أن هناك أمر آخر قد أغفلناه؟

اعتراض

قد يقال إن المغالطة هنا هي أننا نفترض صحة النموذج الدوري للكون Cyclic Model of the Universe فلم لا يكون النموذج الحالي وهو النموذج المعتمد على نظرية الانتفاخ Inflation theory هو الصحيح؟

الجواب على الاعتراض

بحسب هذا النموذج فان الكون سيموت حرارياً بينما يستمر في التمدد إلى الأبد، وعلى الرغم من أن لهذا الكون بداية فانه لانهاية له، ومشكلتنا ليست مع فرض انه لانهاية له ولكن مع فرض أن له بداية، لماذا حصل الانتفاخ؟ ولماذا هذا التفاعل بين مكوناته منغم بدقة كبيرة؟ لماذا هناك بداية للكون؟ وطبعاً هناك العديد من المشاكل الفيزيائية التي يواجهها النموذج ولكن نحن هنا نهتم بالجوانب التي تفيد مناقشتنا من حيث أن هذا موضوع لنقد الإلحاد التقليدي.

ملخص القول إن الادعاء بان الكون مثل ماكينة تستمر فيها التحولات بين الطاقة من شكل إلى آخر ومن ثم رجوعاً إلى الشكل الأول إلى الأبد هو كلام يخالف العلم، وكلام يخالف الفلسفة، ولا يمكن أبدا للكون أن يستمر بنفسه إلى ما لانهاية. هذا هو ما يفشل الملحد التقليدي في رؤيته وما يفشل المؤمن في عرضه.

الحل المقترح

في الحقيقة، ما اطرحه دائماً في هذا المجال هو رؤية فلسفية ورؤية علمية:

الرؤية الفلسفية هي أن هناك بالفعل واجب وجود، وواجب الوجود هذا هو ما يستند إليه الكون وأسميته كلي العالم، حيث هذا الكلي ليس ألها بمعنى انه لا علم له ولا وعي، ومع ذلك فهو مصدر وجود الكون، أو قل هو العلة التي يستند الكون إليها في وجوده، انه للكون مثل صاحب الظل لظله. وهنا نفرق بين سلسلة علل أفقية وسلسلة علل عمودية حيث يكون واجب الوجود في السلسلة العمودية.

الرؤية العلمية تعتمد على النظريات الخيطية، هنا طاقة التثاقل Gravitational Energy تلعب دوراً مركزياً فهي ما يولد الأغشية Membranes بالطاقة وهي ما ينتج عنه الطاقة الموجبة والإشعاع، وعن طريق اصطدام غشاءين مع بعضهما يتولد الكون، وهكذا يكون عندنا باستمرار تحول من شكل للطاقة إلى آخر بلا حاجة للعكس، ومثل هذه الصورة تكافئ الصورة الفلسفية وتوازيها بالفكرة والمنطلق.

شكراً لقراءة المقال

تسجيل الدخول
اسم المستخدم:
كلمة المرور:	فقدت كلمة المرور؟
	تذكرني

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع		الكاتب	الردود	المشاهدات	آخر رد
	الإلحاد..نقطة نظام	فارس اللواء	0	664	12-30-2013, 09:54 AM آخر رد: فارس اللواء
	الإلحاد الروحي	Albert Camus	61	40,684	08-16-2012, 07:51 PM آخر رد: أثر .. بالكاد
	الإلحاد والإسلام ... فى ثمان نقاط	ahmed ibrahim	9	3,254	06-03-2011, 09:01 PM آخر رد: yasser_x
	الدليل والإثبات علي عنجهية الإلحاد !	ATmaCA	19	6,569	03-26-2011, 08:16 PM آخر رد: ATmaCA
	موقع الإلحاد في الميزان ( منتدى التوحيد ) يسخر من اللادينيين	الفكر الحر	2	2,799	02-08-2011, 09:26 AM آخر رد: عبدالله بن محمد بن ابراهيم