{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
قبيل الطوفان.
بهجت غير متصل
الحرية قدرنا.
*****

المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
مشاركة: #12
قبيل الطوفان.
الزميل الكريم ابن نجد .
لو نظرت حولك لن تجد هناك شعبا يحمل هوية دينية سوى إسرائيل و بعض المجتمعات الإسلامية المتخلفة ثقافيا على الأقل ، في المقابل لم تنجح محاولات العزل الثقافي لمجتمعات أخرى ، و تصنيفها كمجتمعات دينية سواء هندوسية أو بوذية أو مسيحية ، أما إسرائيل فهي دولة لشعب هامشي صغير ،ولولا قصور العرب في التعامل معها ما كانت شيئا يستحق الذكر ، و لكن المسلمين شعوب متنوعة و كبيرة تشكل خمس البشرية ، و بالتالي فلا يعقل أنها تحوز نفس الهوية الأحادية ( الإسلامية ) كما يطلقون عليها ، أي هوية تلك التي تربط التركي بالسوداني ،و المصري بالأوزبيكي ، و الباكستاني بالنيجيري ، و الجزائري بالسعودي ، و اللبناني بالموريتاني ، بالطبع لا يربطهم شيء سوى العقيدة الدينية ، أي نفس الرابطة بين المجتمع الإنجليزي و قبائل الهوتو و التوتسي ، إن الهوية الإسلامية كأي هوية دينية أحادية نوع من الوهم و الخداع ، و ما أحاوله في ثلاث شرائط طرحتها حول الهوية هو إيصال تلك الرسالة البسيطة بأوضح شكل ممكن ، هناك هوية إسلامية بالفعل ،و لكنها ليست هوية احتكارية منفصلة عن غيرها ، بل هي هوية تتكامل مع هويات عديدة تشكل حياة المسلم المعاصر ، و هذه الحقيقة لا علاقة لها باختيارات الناس و معتقداتهم ، فالناس في منطقتنا ما زالت تؤمن بالخرافات و السحر و الحسد و الشياطين و الملائكة و ترفض التطور البيولوجي ، و هذا كله لا يحيل الخرافات حقائقا ولا يدحض نظرية التطور ، معتقدات الناس ليست فيصلا في الحقائق الموضوعية .
لا أتحدث فقط عن الدول الغربية الصناعية ، بل حتى في منطقتنا العربية ، دولة مثل مصر عرفت تلك التعددية الثقافية حتى وقت قريب ، فمصر الملكية و الناصرية كانت مصرية و فرعونية و قبطية و عربية و إسلامية و شرق أوسطية و غير منحازة و إفريقية – آسيوية و بحر متوسطية ، ومارست تلك الهويات جميعا بشكل أو آخر ، إننا كتنويرين لا نرى الإسلام غريبا عنا ، فهو جزء هام من هويتنا المصرية ،و لكنه ليس كل تلك الهوية ، و نحن نريد الإسلام و لكن في إطاره كدين ، لا نريده في السياسة و لا في العلم و لا في القانون ولا في الرياضة و لا في الأدب ولا في قلة الأدب ، أما أن نسجن وجودنا كله في الهوية الإسلامية ، فذلك سجن أسوأ من أي سجن آخر ، فهو سجن للعقل و الروح و الضمير معا ، لقد دمرت تلك الهوية الأحادية العقل المصري ، و زرعت الفتن و الكراهية في أرجاء الوادي ، فالمصري الذي كان رمز الثقافة و التسامح و الإنفتاح في المنطقة العربية ، صار نموذجا للتخلف الثقافي ، نموذجا للتعصب الطائفي و ممارسة الخرافات و الأمية الثقافية ، حوراتنا صارت مثالا للتفاهة ،و لغتنا هي الركاكة ، و حديثنا ثأثاة البلهاء ، و أخلاقنا هي التظاهر و الإدعاء ، و تلك هي صحوتنا الإسلامية المباركة ، إن الشعوب الإسلامية الثرية في الخليج لن تشاركنا ثروتها المادية ، فلم تريدنا أن نشاركها هويتها الأحادية؟ .
كي ندرك مقدار التدهور في الحياة العقلية للمصريين ، ذلك الذي صاحب محاولة فرض الهوية الإسلامية كهوية أحادية ، أذكر ثلاث وقائع بسيطة و لكنها موحية ، فعندما كنت طالبا في كلية هندسة القاهرة في نهاية الستينات ، كان لي زميل اعتقدت أنه مسيحي ، و لكني فوجئت به ينتظم في الدراسة في عيد القيامة المجيد ، فداعبته قالا أنه ( حمه ) و يأتي للدراسة في العيد ،و لكنه أجابني بأنه ليس مسيحيا ، كان يهوديا و يتردد أن يعلن دينه بوضوح ، شعرت وقتها كان دشا باردا سقط على رأسي لأني انتهكت خصوصيته الدينية ، وما زلت أشعر بالخجل من نفسي كلما تذكرت الواقعة ، كان هناك بالطبع بعض المتعصبين النادرين ،و لكن أحدهم لم يجرؤ أن يبدي أية ملاحظة طائفية ضد المسيحيين ، ليس خوفا من النظام الناصري ، و لكن أساسا لأنه سيلقى الإحتقار و سيقاطع كمتخلف ، و لن أتحدث هنا عن أمثلة العلاقات الأخوية بيننا و بين المسيحيين ، فلم نكن نشعر أساسا بتلك التقسيمات التي كنا نراها حقيرة ( الآن أراها أكثر حقارة ) ، أقفز إلى الثمانينات و كنت أصحب مجموعة من الزملاء في سيارتهم ، و عندما اقتربنا من الكنيسة المرقصية وجدت أحدهم يرفع يديه إلى السماء طالبا من ربه تدميرها ، نظرت إلى الباقين فلم أجد اعتراضا من أحد ، بل شاركه بعضهم الدعاء ، حاولت أن أتجاوز الموقف ولا أثير مشكلة ،و لكن بعد دقائق قليلة و جدتني أطلب من السائق التوقف للنزول ، و لما استفسروا عن السبب في هذا الطلب المفاجئ ، قلت لهم ببساطة أني لا أريد أن يراني الله معكم !، أمضي أبعد قليلا إلى الألفية الجديدة ، فأجد أن أحد أعضاء المنتديات يتباهى بأنه تقي ورع لهذا لا ( يعيد ) على المسيحيين ، هكذا بكل صفاقة لا يعرف البعض كيف يعبد ربه سوى بالحقارة و دناءة النفس و سوء الأخلاق .
هناك من يتحدث عن ضرورة تطوير الخطاب الإسلامي ، و هناك من يرى حتى ضرورة محاربة الدين و القضاء عليه ،و هناك من يرى استحالة كل ذلك ،و لكني لا أرى شيئا من ذلك ، فليبق الإسلام كما هو و كما يريده أصحابه ، فقط علينا أن ننهي احتكاره للعقل كهوية وحيدة للمسلم ، ليس مهما أن نغير الإسلام او لا نغيره ، المهم هو أن نغير نظرتنا للدين ، ذلك ممكن و تلك هي القضية .
07-11-2008, 05:18 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
قبيل الطوفان. - بواسطة بهجت - 06-24-2008, 10:57 PM,
قبيل الطوفان. - بواسطة تيم المطر - 06-25-2008, 01:45 AM,
قبيل الطوفان. - بواسطة بهجت - 06-25-2008, 02:01 AM,
قبيل الطوفان. - بواسطة بهجت - 06-25-2008, 03:02 AM,
قبيل الطوفان. - بواسطة نسمه عطرة - 06-25-2008, 11:17 AM,
قبيل الطوفان. - بواسطة بهجت - 06-26-2008, 12:45 AM,
قبيل الطوفان. - بواسطة Waleed - 06-26-2008, 12:27 PM,
قبيل الطوفان. - بواسطة بهجت - 06-27-2008, 12:28 AM,
قبيل الطوفان. - بواسطة Awarfie - 06-27-2008, 12:35 AM,
قبيل الطوفان. - بواسطة بهجت - 06-27-2008, 10:44 PM,
قبيل الطوفان. - بواسطة ابن نجد - 07-09-2008, 06:28 PM,
قبيل الطوفان. - بواسطة بهجت - 07-11-2008, 05:18 PM
قبيل الطوفان. - بواسطة fares - 07-15-2008, 04:22 AM,
قبيل الطوفان. - بواسطة إبراهيم - 07-15-2008, 06:19 AM,
قبيل الطوفان. - بواسطة بهجت - 07-17-2008, 12:11 AM,
قبيل الطوفان. - بواسطة fares - 07-17-2008, 02:09 AM,
قبيل الطوفان. - بواسطة بهجت - 07-17-2008, 02:22 AM,

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS