أظن ينبغي لي أن أتداخل ضمن ما عرض هنا،

ابتداء فيما يخص سمير، فهو بريء حتى تثبت إدانته، ومن يتهمه بقتل الطفلة عليه أن يبرهن أنه قتلها، ثم عليه أن يبرهن هل قتلها خطأ أم عمدا، أم مع سابق الاصرار والترصد، وليس من مهمة سمير أن يبرهن براءة نفسه.

ثانيا، فإن الخصم ليس شريف، فليس المدعي العام الاسرائيلي بمؤهل أن يدعي على سمير، لأن المدعي العام الاسرائيلي عدو هو والقاضي الاسرائيلي، ولا يصح أن نجعل العدو حكما.

قد يكون سمير قتل الطفلة أم لم يقتلها، فهو ليس بمعصوم وقد يكون ارتكب هذه الجريمة، لكن أين المحاكمة التي نريد وعلى ماذا ومن المتحاكم إليه؟ وأنا لا أدعو إلى إباحة الجرائم زمن الحروب، لكني لن أقبل أن يحاكمنا عدونا، لا سيما ويديه ملطختان بالدماء الزكية.

السؤال المطروح لأنكي وسائر "الانسانويين"، ما هو الممنوع وما هو المسموح زمن الحروب؟ ومن الذي ملك الصلاحية فمنع وسمح؟

نأتي إلى العرب وحضارتنا التي يأباها الشعوبيون.

أتينا إلى العالم القديم والعالم يعبد بعضهم بعضا، يتخذ بعضهم بعضا سخريا، يأتي انسان بوّال مخّاط، يجعل نفسه إلها يمنع ويسمح، والناس خول لديه ولا يرى أحد أن هذا بمعيب، يحمل الناس على السجود إلى النار حينا، والشمس أحيانا، ويسمون هذه بالحضارة الفارسية، ويليها من الغرب همج رعاع، يتسلون بإلقاء البشر إلى الأسود الضارية، كانوا يسمون هذه بالحضارة الرومانية، ورث كلاهما منطقة تعج بالمصائب التي لا يضيرنا ذكرها، فلا ننسى أن الفراعنة ارتكزت حضارتهم على عبودية شخص شخاخ اسمه الفرعون على أنه ابن الآلهة، وتسخير الناس على بناء قبر لهذا الرب المزعوم، أي فخر في هذا وأي إنسانية، ثم يليهم في بلاد الشام قوم أدمنوا أن يلقوا أبناءهم في النيران أضاحي لآلهتهم المزعومة.

خوش إنسانية، خوش دول، يفترض بمحمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه وآله الأطهار، وبصحابته وخلفائه، أن يتركوا هذا المجتمع المريض دون أن يخرجوا هذه الناس الضالة من الظلمات إلى النور، ومن عبادة الكسرى والقيصر إلى عبادة الله. على الأقل فيم قتل الروم سفيرنا، وفيم أرسل الفرس من يقتل رسولنا؟

من الذي بادر بالعداء يا أنكي؟ ألم نرسل سفراء كسائر الدول المجاورة؟ فيم لم نرسل منذ 1400 سنة وحتى اليوم إلى الحبشة جيشا واحدا ونحن نعلم أنها أرض الذهب؟
أم أننا ينبغي أن ننتظر الروم والفرس حتى يحصروا المدينة، وقل أن يفلح محصور؟ كحال السمكة العاجزة إن عرفت المثل من كليلة ودمنة!