{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
نائب الرئيس السوري السيد عبدالحليم خدام :الحريري صديقي... وسيبقى حتى مماتي
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #6
نائب الرئيس السوري السيد عبدالحليم خدام :الحريري صديقي... وسيبقى حتى مماتي
سيكون موكبه مختلفاً كل الاختلاف، هذا الصباح: سينطلق من بيته في قريطم، فعلاً، ولكنه سيكون محمولاً فوق أكف الناس، الذين أحبهم وأحبوه، فأعطوه قيادتهم بلا منة، وأعطاهم من جهده وعصارة عمره حتى الشهادة.
سيعبر شارع مدام كوري، الذي طالما عبره وهو في طريقه لتفقد حجم الإنجاز في مسيرة إعمار بيروت، العاصمة العربية التي لم تتخلّ يوماً عن هويتها ولا عن دورها القومي.. ومنه إلى شارع الرئيس الذي سبقه إلى الشهادة بأيدي الغلط السياسي القاتل، وسيعبر قريباً من دار الطائفة الدرزية المكللة بالحزن كما كل البيوت في بيروت.
قد يتوقف الموكب لحظة، عند منزل الرئيس سليم الحص، بوابة <<شارع الاستقلال>>، ليلقي عليه الرجل الذي نافسه سياسياً ولم يعاده نظرة الحزن الأخيرة، وهو يداري إحساسه بالفاجعة التي يدفع إليها لبنان نتيجة الخطأ القاتل في التقدير.
وعند تقاطع شارع مار الياس مع كركول الدروز، سيتوقف الموكب لحظات ليلقي الشهيد نظرة خاطفة على بعض إنجازاته في الحقل التربوي، فالليسيه بدلت اسمها ولكنها واصلت تخريج طلابها لينضموا إلى قوافل المتخرجين الذين لولاه لما عرفوا الجامعات ولما عادوا إلى لبنان يحملون أكثر الشهادات احتراماً في العالم، ليكونوا بين بناة الغد الذي كان يحلم به ويعمل له.
في موازاة دارة آل سلام، سيتوقف قليلاً ليستذكر محطات فاصلة كان فيها إلى جانب صائب سلام، وسيطاً عند الضرورة مع الذين زيّن لهم الخطأ قبول السلطة من العدو، لاستعادتهم، وطرفاً معيناً على مواجهة الخطأ في عينيه عند الضرورة.
عند حوض الولاية التي كانت مدرستها ذات الألق في ذاكرة بيروت، ركاماً فجدد بناءها، وأعادها إلى دورها، سيتلقى تحية الوداع من الطلاب الذين كانوا مهددين بالتشرد ثم وجدوا فيه من يفتح لهم باب التحصيل العلمي، من جديد، وبلا حدود..
عند تقاطع الطرق مع شارع البسطة، سيطلب التمهل لحظات: فلطالما مشى في هذا الشارع متظاهراً، مع الآلاف، من أجل عروبة لبنان ومن أجل نصرة الخط الوطني فيه، ومن أجل العدالة الاجتماعية... ولطالما بلغ ساحة رياض الصلح ورفع من هناك صوته ضمن أصوات الحشد مطالباً مَن في سراي الحكم بتلبية مطالب الناس.
ساحة رياض الصلح التي كانت خراباً، هُجِّر منها تمثال أحد بطلي الاستقلال، ودمرت من حولها المباني، وفيها المصارف والفنادق والإدارات والمتاجر والشركات، والتي تستضيف الآن <<بيت الأمم المتحدة>>، والتي تمّ تجديدها كأزهى ما يكون التجديد...
أما سراي الحكم فقد جعلها درة: أضاف إليها طابقاً، وجعل أثاثها أنيقاً بغير فخفخة، وزيّنها بالحكمة التي لم ينسها يوماً <<لو دامت لغيرك ما آلت إليك>>...
يكمل الموكب مسيرته إلى شارع بشارة الخوري الذي حوّلته الحرب إلى فاصل من نار بين أبناء الشعب الواحد، وحوّلت عماراته إلى خرائب يحتمي فيها لصوص المعابر وقناصة الفقراء، والذي أعاده المشروع الأسطوري لإعادة إعمار بيروت، إلى واحد من شرايين المدينة التي بعثت من خرابها فإذا قلبها وجوانبها تنبض بالحياة ليلاً نهاراً، وتعيد وصل ما انقطع بين اللبنانيين..
من هناك سينعطف الموكب نزولاً في اتجاه ساحة الشهداء، التي طال التدمير حتى التمثال المخلد لذكرى من بذلوا أرواحهم رخيصة من أجل الحرية والعروبة في الوطن المستقل.
لو قيض لهذا التمثال أن ينطق لروى بعض فصول الوضع المغلوط التي فرض على رفيق الحريري أن يعيش فيه حتى وهو يكاد يختنق: كان يراد له أن يحكم ويداه مغلولتان. كان يُراد له أن يكون في السلطة بغير أن يكون في القرار... ولقد حاول، ومارس القهر على عواطفه وتهاون أحياناً في ما لا يُقبل، حتى طفح الكيل فخرج من السلطة مرفوع الرأس وصفق الباب خلفه. ولعل حكاية التمثال مجرد مثل من الممارسات المرفوضة التي تقبّلها حتى لا تغلب التفاصيل الشخصية على جوهر القضية السياسية.
عند الزاوية الجنوبية لساحة الشهداء، ينتصب واحد من معالم بيروت التي أعاد بناءها رفيق الحريري، شاهقاً بمآذنه التي تشق عنان الفضاء، فخماً بطرازه الذي جاء كتحفة معمارية لا مثيل لها في لبنان.
كان المسجد حلماً، طال عليه الزمن حتى كاد ينساه الناس.. فالأرض غالية الثمن، ولا قدرة على بناء أثر معماري يليق بقلب بيروت، متجاوراً مع كنيسة مار جرجس.
وحده كان القادر على تحويل الحلم إلى واحد من بيوت الله، لا تنقص فخامته من جلال دوره، بل هي تضيف إلى بيروت قبساً من الإيمان بهذا البيت من بيوت الله فيها.
لن يستطيع رفيق الحريري في موكبه الأخير أن يتفقد كل ما أنجز في بيروت ومن حولها. لن يزور المطار الذي أعاد إنشاءه برسم المستقبل، ولن يجلس في مقاهي قلب بيروت، مواطناً طبيعياً، يحتسي فنجان شاي، أو يتذوق كوباً من البوظة.
لن يستطيع أن يعبر كل الطرقات والجسور التي بناها، ولن يطل على صيدا التي كبّرها وجدّد عمارتها بعد إنجاز الأوتوستراد الذي يربطها بالعاصمة.
لكن الذين يمشون في موكبه وموكب رفاقه يحيى العرب وسواه، سيتذكرون أنهم لم يشهدوا وداعاً يليق بشهداء الوطن والعروبة إلا قليلاً قليلاً... وسيروي الأبناء لأبنائهم أن بيروت قد خرجت مرة واحدة من قبل، بشيبها وشبابها، برجالها ونسائها، بكل المقيمين فيها والعابرين: لوداع بطل العروبة جمال عبد الناصر.
... وكما في وداع جمال عبد الناصر، الذي أنزلته بيروت كما الأمة جميعاً، في بؤبؤ العين، فإن هذه العاصمة التي ستبقى عربية، تتسع اليوم لأبناء الوطن الصغير، الآتين من جهاته جميعاً، وقد خرجوا من عصبياتهم وحزبياتهم وجاؤوا لوداع <<رجل لبنان الدولي>> الذي لم يغادر يوماً قوميته العربية، رفيق الحريري..
ها هم بين أحضانها جميعاً، أبناء البقاع كله وأبناء الشمال كله وأبناء الجنوب كله وأبناء الجبل كله. كلهم يجيء بلوعته وإحساسه بالفقد وخطر الضياع في فراغ ما بعد استشهاد الرجل الذي كان مالئ الدنيا وشاغل الناس.
فبيروت اتسعت دائماً للجميع، وحينما ضاق بعض صغار النفوس وأصحاب المصالح باتساعها قسموها وتوزعوها غنائم، حتى جاء السلم الأهلي مع اتفاق الطائف، واستعادت وحدتها.
هل ينسى أن طيف رفيق يظلل اتفاق الطائف، بكل سطر كُتب فيه، وبكل الأهداف التي وعد بالعمل لتحقيقها والتي اجتهد رفيق الحريري في محاولة تنفيذها حتى الرمق الأخير..
أليس هو شهيد اتفاق الطائف، أيضاً؟!
سيكون للأبناء ما يروونه غداً للأحفاد عن مشاركتهم في وداع رفيق الحريري.
  
عند الثامنة من مساء يوم الأحد الماضي، وصلت إلى بيته في قريطم، ملبياً دعوته إلى فنجان قهوة.
لم يستقبلني في مكتبه، وإنما سار بي إلى الصالة الكبيرة في الطابق الخامس، وكان فيها بعض صحبه يستمعون إلى الأخبار، فلما دخلنا أطفأوا جهاز التلفزة واستأذنوا بالخروج.
انهمكنا في تبادل بعض تفاصيل السياسة، وموضوعها الأثير هذه الأيام: الانتخابات النيابية.. ثم فجأة التفت إليّ يسألني:
صحيح.. أنت كنت في الرياض قبل أيام، وشهدت افتتاح المؤتمر الدولي حول الإرهاب، في مركز الملك عبد العزيز الدولي للمؤتمرات.. كيف وجدت القصر؟!
قلت معيداً ما كتبته: إنه تحفة معمارية، لا سيما بقاعاته الأنيقة المزخرفة بأحلى ما رأيت من مقرنصات ومنمنمات ونقوش عربية إسلامية.
قال رفيق الحريري: وهل انتبهت إلى الثريات؟!
قلت: آلمتنا أعناقنا، جميعاً، ونحن نتملى في جمالها الساحر..
اتسعت ابتسامة رفيق الحريري وهو يقول: سترى غداً في جامع محمد الأمين الثريات ذاتها..
  
ها هي الرحلة تنتهي عند جامع محمد الأمين، الذي ناضل رفيق الحريري لبنائه، فجعله تحفة معمارية نادرة في هذه المدينة التي تفتقر إلى التاريخ في عمارتها، لأنها بُنيت بمجملها خلال القرن الماضي.
ها هو رفيق الحريري يدخل الجامع ليصلي، ونور الشهادة يسبقه فيطغى على مصابيح الثريات الرائعة البريق..
أما في الخارج فإن بيروت تغرق في حزنها العميق، وتخاف هذا الفراغ المدوي الذي انفتحت هاويته أمام لبنان، مهددة هويته ومسيرته إلى غده.
02-16-2005, 01:03 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
نائب الرئيس السوري السيد عبدالحليم خدام :الحريري صديقي... وسيبقى حتى مماتي - بواسطة بسام الخوري - 02-16-2005, 01:03 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  تكريم الزميل السيد بهجت نظام الملك 59 13,533 11-30-2011, 11:53 AM
آخر رد: بهجت
Information صديقي في السجن الحربي.. AhmedTarek 14 2,583 11-02-2011, 01:29 PM
آخر رد: AhmedTarek
  السيد مهدي يتزوج أربعة نساء: السيد مهدي الحسيني 6 1,956 10-22-2011, 07:40 PM
آخر رد: Narina
  كُن صديقي عوليس 14 3,264 07-08-2011, 09:28 PM
آخر رد: عوليس
Question لقد إفتقدت صديقي أرجو الإفاده... S E 7 E N 4 1,377 05-05-2011, 12:48 AM
آخر رد: الدرة البيضاء

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS